بازگشت

التمييع و محاولة تفريغ النصوص من مضامينها


بحثنا هذه الناحية من قبل، ولا بأس من بحثها بمنتهي الاختصار لغايات الربط المحکم للبحث 1 - المهدي رجل مجهول الهوية والاسم ولا يعرف له نسب في العرب، إنما هو مجرد شخص من الأمة، هذه مضامين حديث من الأحاديث التي تدخلت الدولة العباسية بوضعها، أو أحد الأحاديث التي رواها طاقم معاوية، ووجدها العلماء مکتوبة وجاهزة، وما يدرينا أن العلماء لم يقووا علي مواجهة العامة بحقيقة، أن المهدي من ذرية النبي ومن آل علي لأن قد العامة قد أشربت الثقافة التاريخية وفقه الهوي، فکان لا بد من إعداد العامة لتقبل حقيقة المهدي بالتمهيد بهذا العموم العجيب، وقد ورد حديثان بهذا المضمون أشرنا إليهما بالبحوث السابقة.

2 - يبدوا أن الحديث الأول قد أثار ردة فعل وتساؤلات مثل: لماذا لا يکون المهدي من ذرية الخليفة الأول، أو الثاني أو الثالث، أو من ذرية معاوية أو الحکم بن العاص، أو من ذرية العباسيين علي الأقل، لقد أحدث الحديث الأول بلبلة في عالم الرواية، فتدخلت الدولة وعملاؤها، وأرادوا أن يضعوا حدا لهذه البلبلة فرووا حديثا ينفي أن يکون المهدي من أمة محمد کلها، ويبين بأن المهدي هو المسيح ابن مريم، وهذه أول مرة يذکر فيها اسم المهدي (المسيح ابن مريم) وما يدرينا أيضا أن هذا الحديث من الأحاديث التي روتها طواقم رواة معاوية بعد أن تيقنوا من أن المهدي من ذرية النبي وآل علي، فأرادوا أن يصرفوا هذا الشرف.



[ صفحه 190]



والتکليف الإلهي، وأن يطعموه لعيسي ابن مريم کحل وسط، وقد ثبت لعلماء أهل السنة أن هذا الحديث موضوع ومکذوب، بالرغم من جودة صناعته، وأن بعض الرواة لا وجود لهم بالواقع إنما هم من صنع الأوهام.

3 - ثم خطر ببال بعض الأذکياء المرتزقة، أو خططت أجهزة الدولة العباسية لتروي بواسطة أجهزتها وعناصرها المتخصصة أحاديث تفيد، بأن المهدي من ذرية العباس بن عبد المطلب عم النبي، ومثل هذه الروايات تجر مغنما للرواة وترضي الدولة، وتوطد حکمها ويستعقلها العامة، فالعباس عم النبي بالفعل، والعباسيون هم الحکام، ومن بيدهم العطاء والجاه والنفوذ، وشاعت هذه الأحاديث وروج لها جهاز الدولة، وليس من المستبعد أنها قد أدخلت بالمناهج التربوية والتعليمية المعتمدة في دولة بني العباس، ونکاد أن نقطع بأن هذه النماذج الثلاثة من مخلفات روايات طواقم معاوية التي حرصت علي صرف کل خير وشرف عن أهل بيت النبوة وإعطائه لأي کان غيرهم، ولما شرع العلماء برواية وتدوين الأحاديث النبوية ومنها أحاديث المهدي وأخباره وجدوا هذه الروايات مکتوبة وجاهزة، وجزءا من المناهج التربوية التي استقرت بنفوس الرعية طويلا، فنقلوها کما هي، ومن يقوي علي الجهر بحرمان البيت العباسي الحاکم من هذا الشرف!! بل إن نقلها دليل موضوعية!! وحجة للعالم!! وإثبات وجود!!.



[ صفحه 191]