بازگشت

عمي القلوب والخلل المزمن بالذوق البشري العام


طوال تاريخ البشرية وهي مصابة بعمي القلوب، وبخلل مذهل بالذوق العام. فقد صفقت البشرية دائما للجبابرة والطغاة والأغبياء، وأعجبت بهم، والتفت حولهم، ووضعت نفسها تحت تصرفهم، وبذلت لهم الغالي والرخيص، وأعطتهم کل ما طلبوه منها، لقد سعت البشرية بکل طاقاتها لترضي الطغاة والجبابرة طوال تاريخها رغبة أو رهبة!!

أما الأنبياء، والرسل، والمصلحون، فقد تجاهلتهم البشرية تماما، وعاملتهم باحتقار، وسعت في مقاومتهم، وتعاونت للصد عما يدعون إليه.

واتهمتهم ظلما بأشنع التهم، وأقذعها، فنسبتهم إلي الجنون، والسحر والکهانة، والشيطنة والسفاهة، وصورتهم بصور بشعة، وتمادت بعض المجتمعات البشرية، فاستعدي بعضها بعضا، وکونت الأحلاف وجيشت الجيوش، وشنت علي الأنبياء والرسل حروبا عدوانية لا مبرر لها، فقتلتهم ومن والاهم، أو أذاقتهم من أمرهم عسرا!!

کانت المجتمعات البشرية تعتقد أن الأنبياء والرسل والمصلحين يمثلون



[ صفحه 173]



الشر کله، وأن الجبابرة والطغاة يمثلون الخير کلهم، لأن بأيديهم مفاتيح الأموال والجاه والسلطة، وکانوا يعتقدون أن دعوات الأنبياء تمثل خطرا علي مجتمعاتهم ونظمهم وأنماط حياتهم، لذلک اعتقدوا بأنهم ملزمون للتصدي للأنبياء والرسل ولکل ما جاءوا به، وأنهم ملزمون بموالاة الطغاة والجبابرة والوقوف معهم صفا واحدا لمواجهة خطر النبوة والرسالة والاصلاح!! إنها ثقافة الطغيان، إنها النتائج اللاشعورية للرعب والخوف وتقديس الغالب وتکريس ثقافته ومناهجه التربوية.