بازگشت

عهد الامام المهدي المنتظر عهد الکفاية و الرخاء المطلق


أهل بيت النبوة مجمعون علي أنهم قد سمعوا ووعوا تأکيدات الرسول المتکررة بأن عهد الإمام المهدي سيکون من الناحية الاقتصادية، عهد الکفاية والرخاء المطلق لکافة سکان الکرة الأرضية في عهده، وأن عهده من هذه الناحية سيکون أزهي عهد عاشته البشرية إطلاقا، حيث ستتحقق الکفاية والوفرة للجميع وينعم جميع أبناء الجنس البشري بالرخاء التام في عهده. ولا يختلف في ذلک اثنان من شيعة أهل بيت النبوة.

ويبدو أن شيعة الخلفاء، (أهل السنة) قد وصلوا إلي ذات النتائج، واستقرت في قلوبهم نهائيا ذات القناعات، بعد أن وقفوا علي الأحاديث النبوية التي تواترت عندهم، والتي عالجت هذه الناحية معالجات مقنعة.

ويمکنک القول بأن خاصة المسلمين وعامتهم يرسلون هذه المعلومات إرسال المسلمات، لأنه قد تحقق لهم اليقين بصحتها، ومن المستحيل عقلا أن ينطلق ويتکون هذا اليقين العام من فراغ، إنما کان ثمرة طبيعية للتأکيدات النبوية المتلاحقة والتي شقت طريقها بيسر إلي أسماع المسلمين وقلوبهم بعد أن تخطت کل العوائق التي وضعت سابقا للحيلولة دون رواية الحديث النبوي وکتابته.

فالنبي يؤکد بأن السماء في عهد المهدي ستنزل قطرها، وأن الأرض ستخرج له بذرها. (راجع الحديث رقم 66 ج 1 من معجم أحاديث الإمام المهدي)..



[ صفحه 170]



وفي تأکيد آخر يبين الرسول بأن الله سينزل البرکة للمهدي من السماء، ويخرج له من الأرض برکتها. (راجع الحديث رقم 73 وفي الحديث 123). وأکد الرسول بأنه لما عرج به إلي السماء السابعة، ثم إلي سدرة المنتهي وإلي حجب النور کلمه الله تعالي عن أمور کثيرة من جملتها المهدي المنتظر، وأن الله تعالي قد وعده وأکد له بأنه سيحيي بالمهدي العباد والبلاد، وأنه سيظهر في عهده الکنوز والذخائر، ويمده بالملائکة لتساعده علي تنفيذ الأوامر الإلهية وإعلان الدين.

ويؤکد الرسول في حديث رابع أن السماء لن تدع من قطرها شيئا إلا صبته، وأن الأرض لن تدع من نباتها شيئا إلا أخرجته بإذن الله. (راجع الحديث رقم 141 ج 1 من معجم أحاديث الإمام المهدي). وفي حديث خامس يؤکد الرسول حجم العطاء الإلهي في عهد المهدي قائلا (تقئ الأرض أفلاذ کبدها) أمثال الاسطوان من الذهب والفضة، ويتابع الرسول تأکيداته موضحا الصورة فيقول: (فيجئ القاتل فيقول في هذا قتلت، ويجئ القاطع فيقول في هذا قطعت رحمي، ويجئ السارق فيقول في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا). (راجع الحديث رقم 142 ج 1). وفي حديث سادس يجزم الرسول قائلا: (تنعم أمتي في زمن المهدي نعمة لم ينعموا مثلها قط، ترسل السماء عليهم مدرارا، ولا تدع الأرض شيئا من النبات إلا أخرجته، والمال کدوس، يقوم الرجل فيقول: (يا مهدي أعطني فيقول خذ) الحديث 139، ويؤکد الرسول بأن المهدي سيعطي المال بغير عد) الحديث 143، وفي الحديث 144 يوضح الرسول الصورة فيقول:

(ويکون المال کدوسا، يجئ الرجل إليه فيقول يا مهدي أعطني، فيحثي له المهدي في ثوبه ما استطاع أن يحمل)، وفي الحديث 146 يؤکد الرسول بأن المهدي: (يحثي المال حثيا ولا يعده عدا)، وفي الحديث 149 يؤکد الرسول أنه في عهد الإمام المهدي (يفيض المال فيضا)، وفي الحديث رقم 151 يقول الرسول: (أن المال سيکثر فيفيض حتي يهم رب المال من يقبل الصدقة ومتي يعرضه، فيقول الذي يعرضه عليه (لا إرب لي)، وتتکرر الأحاديث النبوية بهذه المضامين، وتتعد الصيغ، ويبدو أن الرسول الأعظم قياما بواجب البيان، وتأکيدا لما أراد تأکيده، وحرصا منه علي غرس ما يريد في قلوب السامعين، وتوصيل ما.



[ صفحه 171]



أراد لمن بلغ، قد حدث بهذه الأحاديث في أکثر من مکان وفي أوقات متعددة.

وتحدث الإمام زين العابدين عن الکفاية والرخاء في عهد الإمام المهدي فقال إن القائم: (يعطي الناس عطايا مرتين في السنة، ويرزقهم في الشهر رزقتين ويسوي بين الناس، حتي لا تري محتاجا إلي الزکاة، ويجئ أصحاب الزکاة بزکاتهم إلي المحتاجين من شيعته فلا يقبلونها، فيصرونها ويدورون في دورهم، فيخرجون إليهم فيقولون لا حاجة لنا في دراهمکم)... ثم قال: ويجتمع إليه أموال أهل الدنيا کلها من بطن الأرض وظهرها فيقال للناس: (تعالوا إلي ما قطعتم فيه الأرحام، وسفکتم فيه الدم الحرام، ورکبتم فيه المحارم، فيعطي عطاء لم يعطه أحد من قبله. (راجع الحديث رقم 867 مجلد 3 من معجم أحاديث الإمام المهدي).

وهذه الصور الحقيقية حتي بموازين البحث الاقتصادي، فأقاليم العالم کله خاضعة لدولة واحدة، وهذه الأقاليم متکاملة بالضرورة، وکافة مواردها مستثمرة استثمارا سليما، وهذه الموارد جميعا تجبي إلي بيت المال للإمام المهدي، حيث يتولي توزيعها بعدالة بين الناس، وفقا للتسديد والتأييد الإلهي المطلق، فموارد العالم مجتمعة إذا وزعت بعدالة ستتحقق الکفاية والوفرة والرخاء لکل سکان العالم، ولن يبقي في الأرض محتاج واحد، هذا حسب الموازين الاقتصادية، فکيف يکون حجم الکفاية والرخاء عندما تقذف الأرض بکل نفائسها وکنوزها، وتخرج کل نباتها، وعندما ينزل الله من السماء کل قطرها؟ عند ذلک سيفوق حجم الکفاية والرخاء حدي التصور والتصديق..



[ صفحه 172]