بازگشت

المهدي المنتظر من آل محمد و من عترته اهل بيته و بالتحديد من


کون المهدي المنتظر من عترة النبي أهل بيته الطاهرين حقيقة مطلقة من الحقائق الدينية المحدودة جدا التي أجمعت عليها الأمة بشقيها: (أهل بيت النبوة وشيعتهم والخلفاء التاريخيون وشيعتهم أهل السنة) فالکل متفق علي أن المهدي المنتظر من صلب علي بن أبي طالب، ومن أحفاد فاطمة بنت النبي، وأنه من ذرية النبي وحفيده، وقد تواترت صحة الأحاديث النبوية عند الجميع، والتي بينت للمسلمين أن الله قد جعل ذرية کل نبي من صلبه خاصة، وجعل ذرية خاتم الأنبياء محمد من صلب علي ابن عمه ونسل ابنته البتول فاطمة، والمسلمون يرسلون هذه المعلومة إرسال المسلمات، فطالما ردد الرسول أمام قدامي المسلمين والطلقاء معا هذا ابني الحسن، أو هذا ابني الحسين، أو هذان ابناي ولا خلاف بين اثنين من المسلمين، بما فيهم الخلفاء الثلاثة الأول، ومعاوية وبنو أمية، وبنو العباس وشيعتهم بأن عليا وفاطمة والحسن والحسين هم آل محمد، وهم أهل بيته، أو علي الأقل هم من الآل والأهل!!

1 - وأهل بيت النبوة مجمعون علي أن الإمام المهدي المنتظر هو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل بيت النبوة الذين اختارهم الله تعالي لقيادة الأمة طوال.



[ صفحه 143]



عصر ما بعد النبوة، ولکن ظروفا قاهرة قد حالت بينهم وبين ممارسة حقهم بقيادة الأمة، فکان کل واحد منهم هو الإمام الشرعي للأمة المختار من الله سبحانه وتعالي والمعلن عن إمامته من رسول الله، ولکن الخليفة المتغلب في زمن کل إمام حال بينه وبين ممارسة حقه الشرعي، بإمامة الأمة وقيادتها ومرجعيتها، وکل إمام من الأئمة الإحدي عشر قد تبعته الفئة القليلة المؤمنة وسلمت بإمامته، ولکنها کانت فئة مستضعفة، وغير قادرة علي مواجهة الأکثرية الساحقة التي وقفت مع الخليفة المتغلب طمعا بما في يده من المال والجاه والنفوذ والسلطة.

واقتضت حکمة الله تعالي أن يکون للإمام الثاني عشر: (المهدي المنتظر نمط حياة، ومنهج مختلف عن نمط ومنهج الأئمة الإحدي عشر الذين سبقوه).

فکل واحد من الأئمة الإحدي عشر السابقين کان معروفا، للخاصة والعامة من المسلمين، وکان مشهورا بينهم، تعرفه العرب ويعرفه العجم، ويعرفه المحل والمحرم معا، ولا يخفي واقعه وأمله علي أحد من الخاصة والعامة، فکل واحد من الخلفاء الثلاثة الأول کان يعلم علم اليقين بأن عليا بن أبي طالب أول الأئمة الشرعيين کان: (يطمع بالخلافة)، ويعتقد أنه أولي بها من الخلفاء الثلاثة الأول، وکان يشارک الخلفاء الثلاثة بهذا العلم اليقيني، خاصة القوم وعامتهم، قدامي المسلمين وطلقاؤهم وأحداثهم. ولما مات الإمام علي، وآلت الإمامة إلي الإمام الحسن کان الخليفة المتغلب وکافة أفراد رعيته يعلمون علم اليقين بآمال الحسن وواقعه، وهکذا کانت الأحوال مع الحسين، وعلي بن الحسين ومحمد الباقر، وجعفر الصادق، وموسي الکاظم، وعلي الرضا، وفي عهد الإمام علي الرضا قرر الخليفة المتغلب المأمون أن يعترف بالحق الشرعي وأن يتنازل بمحض اختياره للإمام الشرعي المعاصر له وهو الرضا، وتلک حالة فريدة في التاريخ الإسلامي ولم تتکرر، وتعاقب ظهور الأئمة حتي بلغوا إحدي عشر إماما، وکان الناس في زمن کل واحد منهم يعلمون أن هذا الرجل الإمام من أهل بيت النبوة، وأنه من ذرية النبي، وکانوا يعلمون أنه علي الأقل (يدعي) الإمامة، والخلافة الشرعية عن النبي.

وکان الخليفة المعاصر لأي واحد من الأئمة الإحدي عشر يعلم علم اليقين.



[ صفحه 144]



بأن هذا الإمام: (أو مدعي الإمامية) طامع بالخلافة، ومعتقد أنه أولي بها من الخليفة المتغلب، لذلک کان کل خليفة متغلب يتوجس خيفة من الإمام الشرعي المعاصر له، فيضيق عليه، ويحط من قدره، ويتصنع عدم الاکتراث به، وکثيرا ما کانت تملک الوساوس والمخاوف الخليفة المتغلب، ولا يطيق إمام زمانه، فيتآمر مع حاشيته ويقتلون خفية أو بالسم إمام الزمان.

أما الإمام الثاني عشر وهو الإمام المهدي: (محمد بن الحسن) فقد اختلف أمره ونهجه وأسلوبه ونمط حياته، عن الأئمة الأحد عشر السابقين، فقبل ولادته بفترة انتشرت شائعات علي نطاق واسع مفادها أن ملک بني العباس سيزول علي يد رجل من آل محمد يقال له المهدي، لذلک کانت کلمة المهدي أشد خطرا وثقلا علي أسماع الدولة العباسية وأرکانها من کلمات الکفر، والالحاد، والشيطنة، فجندت الدولة مخابراتها وأجهزتها السرية للتحري والبحث عن هذا المهدي، هذه الحملة اضطرت الإمام الوالد الحسن العسکري أن يخفي نبأ ولادة ابنه، وأن لا يذکر اسم المولود إلا للخلص من أتباعه، حيث أفضي لهم باسم ابنه، وأنه الإمام من بعده الوارث لعلمي النبوة والکتاب، وانتقل الإمام الحادي عشر إلي جوار ربه وآلت الإمامة إلي الصبي محمد بن الحسن: (المهدي المنتظر) وکان عمره خمس سنين، وعرفت الدولة العباسية وکافة أرکانها بأن الإمام الحادي عشر الحسن العسکري قد مات، وأن عمادة أهل بيت النبوة قد آلت إلي ابنه الصبي: (محمد بن الحسن المهدي المنتظر) بدليل أن أرکان الدولة العباسية ورجالات بني هاشم قد حضروا الإعداد لجنازة الإمام الحادي عشر، ولم يتقدم أحد منهم لإمامة الناس بصلاة الجنازة إنما تقدم الإمام الصبي، وأم الجميع دون اعتراض من أحد وسط دهشة الجميع، وتسليمهم بأن هذا الصبي هو عميد وسيد أهل بيت النبوة، والقائم مقام أبيه السيد الذي انتقل إلي جوار ربه. بعد انتهاء مراسم العزاء اختفي الإمام الصبي عن الأنظار تماما، ولم يعد يراه أحد، وکان يعرف أمور أولياء أهل بيت النبوة، ويتصرف بالأموال التي تجبي إليه بواسطة أربعة سفراء أجمع أهل بيت النبوة وشيعتهم المخلصة علي صحة سفارتهم.

وتسمي هذه الغيبة بالغيبة الصغري، وبعد موت آخر السفراء بدأت الغيبة.



[ صفحه 145]



الکبري، وجاء في عدة أخبار أنه يحضر المواسم سنويا فيري الناس ويعرفهم، ويرونه ولا يعرفونه، وأنه بوقت يطول أو يقصر سيظهر حتما لإنجاز المهمة التاريخية التي أناط الله به إنجازها.

2 - أما الخلفاء التاريخيون وشيعتهم أهل السنة فيقرون أن الأئمة الأحد عشر هم الذين تعاقبوا علي عمادة أهل بيت النبوة طوال التاريخ، وکل واحد منهم في زمانه کان عميد أهل البيت، وشيخ آل محمد في زمانه، وأنه لم يجرؤ أحد علي الادعاء بأنه عميد أهل بيت النبوة، أو شيخ آل محمد في زمن أي واحد من الأحد عشر، وهم يقرون أيضا ويجمعون علي أن الرسول قد بين بأن الخلفاء أو الأمراء أو النقباء من بعده اثني عشر!! ولکنهم لا يعترفون بأن الرسول قد عني أو قصد بالاثني عشر أئمة أو عمداء أو شيوخ آل محمد بل عني وقصد الخلفاء المتغلبين علي الخلافة، والذين مارسوا سلطات الخلافة ومهامها ممارسة فعلية، وهم متفقون علي أربعة، وهم الخلفاء الأربعة الأول، أما الثمانية الآخرون فهنالک آراء شخصية واجتهادات لا حصر لها ولا سند لها لا من عقل ولا من دين ولا من منطق، ومن المستبعد جدا علي المدي المنظور علي الأقل أن تقر شيعة الخلفاء بأن الاثني عشر الذين عناهم رسول الله وقصدهم هم عمداء أهل بيت النبوة، لأنهم لو فعلوا ذلک لانهار التاريخ السياسي الإسلامي بعد وفاة النبي علي صانعيه، ولسحبوا بساط الشرعية عن التاريخ السياسي لدولة الخلافة ولأدانوا أنفسهم دون حاجة لقضاء يعلن الإدانة، والإنسان بطبيعته يفر من الإدانة ولا يتقبلها راضيا!!

ولکن شيعة الخلفاء: (أهل السنة) يقرون أن الاثني عشر أولهم علي وآخرهم محمد بن الحسن المهدي، هم عمداء أهل بيت النبوة أو شيوخ أو وجهاء آل محمد کل واحد منهم في زمانه.

وأبعد من ذلک فهم يقرون بولادة الإمام محمد بن الحسن، وبعضهم يصرح بأنه المهدي المنتظر بالفعل. قال ابن الأثير الجرزي في کتابه الکامل في التاريخ ج 7 ص 274 آخر حوادث سنة 260 وفيها: (توفي محمد العلوي العسکري وهو أحد الأئمة الاثني عشر علي مذهب الإمامية، وهو والد محمد الذي يعتقدونه المهدي)..



[ صفحه 146]



قال ابن خلکان في وفيات الأعيان ج 4 ص 176 : 562: (أبو القاسم محمد بن الحسن العسکري بن علي الهادي بن محمد الجواد المذکور قبله ثاني عشر الأئمة الاثني عشر علي اعتقاد الإمامية المعروف بالحجة، کانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، ثم نقل عن المؤرخ الرحالة ابن الأزرقي أنه قال في تاريخ ميافارقين أن الحجة المذکور ولد بتاريخ.

قال الذهبي في کتابه العبر وفيها: (أي سنة 256 ولد محمد بن الحسن بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسي الکاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني الذي تلقبه الرافضة الخلف الحجة، وتلقبه بالمهدي، والمنتظر وتلقبه بصاحب الزمان وهو خاتم الاثني عشر. (راجع العبر في خبر من غبر للذهبي) ج 3 ص 21).

وقال الذهبي في تاريخ دول الإسلام ج 5 حوادث ووفيات 251 - 260 ص 113 - 159 عن الإمام الحسن العسکري: (وهو والد منتظر الرافضة، توفي إلي رضوان الله في سامراء ودفن إلي جانب والده، وأما ابنه محمد بن الحسن الذي يدعوه الرافضة القائم الخلف الحجة)...

وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 13 ص 119 الترجمة رقم 60 (المنتظر الشريف محمد بن الحسن العسکري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسي الکاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين الشهيد بن الإمام علي بن أبي طالب الحسيني خاتمة الاثني عشر سيدا).

قال خير الدين الزرکلي في کتابه الأعلام ج 6 ص 80 في ترجمة الإمام المهدي المنتظر: (محمد بن الحسن العسکري الخالص بن علي الهادي أبو القاسم آخر الأئمة الاثني عشر عند الإمامية ولد في....) وأشار علماء الأنساب من أهل السنة إلي ولادة المهدي منهم أبو نصير البخاري في سر السلسلة العلوية ص 39 وهو من أعلام القرن الرابع الهجري والعري النسابة المشهور وهو من أعلام القرن الخامس: (المجدي في أنساب.



[ صفحه 147]



الطالبيين ص 130، والفخر الرازي الشافعي قال في کتابه: (الشجرة المبارکة في أنساب الطالبية ص 78 - 79)، وأما الحسن العسکري فله ابنان وبنتان أما الابنان فأحدهما صاحب الزمان عجل الله تعالي فرجه الشريف... وقال ابن عنبة في عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: (الإمام أبو محمد الحسن العسکري، وکان من الزهد والعلم علي أمر عظيم وهو والد الإمام محمد المهدي صلوات الله عليه ثاني عشر الأئمة عند الإمامية، وهو القائم المنتظر عندهم) ص 199 من عمدة الطالب. وقال في الفصول الفخرية ص 134 - 135 عن الإمام الحسن العسکري وهو الحادي عشر من الأئمة الاثني عشر وهو والد محمد المهدي ثاني عشرهم، وإلي هذا المعني أشار الصنعاني في کتابه: (روضة الألباب لمعرفة الأنساب ص 105، والسويدي في کتابه سبائک الذهب. (راجع المهدي المنتظر في الفکر الإسلامي إصدار مرکز الرسالة ص 119 - 120).

والخلاصة أن شيعة الخلفاء التاريخيين (أهل السنة) موقنون بأن المهدي المنتظر من آل محمد ومن عترته أهل بيته، وبالتحديد من ذرية النبي ومن نسل فاطمة ابنته، ومن صلب علي بن أبي طالب، وقد تولد هذا اليقين عندهم لصحة وتواتر الأحاديث النبوية الناطقة به، وقد توصلوا بالمنطق إلي أن الإمام الثاني عشر من أئمة أهل بيت النبوة هو الإمام المهدي بالضرورة، وصرح بعضهم بذلک، ولولا خشيتهم من انهيار قناعاتهم التاريخية، ومن أن يسحب بساط الشرعية من تحت أساسات دولة الخلافة التاريخية، وأعلن بعضهم علنا بأن الإمام المهدي المنتظر هو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل بيت النبوة وهو محمد بن الحسن، ومهم محي الدين بن العربي المتوفي 638 کما ذکر ذلک في الفتوحات المکية.

(راجع اليواقيت والجواهر للشعراني ج 2 ص 143، ومحمد بن طلحة الشافعي في کتابه مطالب السؤول ج 2 ص 79 باب 12، وابن الجوزي الحنبلي في تذکرة الخواص ص 363، والکنجي الشافعي في البيان في أخبار صاحب الزمان ص 521 باب 25، وابن الصباغ المالکي في کتاب الفصول المهمة ص 287 - 300، والفضل بن روزبهان في کتابه (إبطال الباطل). (راجع دلائل الصدق للمظفر ج 2 ص 574 - 575، ومحمد بن طولون الحنفي مؤرخ دمشق في کتابه.



[ صفحه 148]



الأئمة الاثني عشر ص 117، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة ج 3 ص 114 آخر الباب 79).