بازگشت

حصول اليقين فيها


رأينا أن أحاديث المهدي المنتظر، قد رواها أهل بيت النبوة عن رسول الله، وقد شهدوا أنهم قد سمعوا رسول الله يحدث بها، ويبشر المؤمنين بالمهدي المنتظر، وعلي ذلک قد أجمعوا، وتناقل أهل بيت النبوة هذا الإجماع جيلا بعد جيل. فلو لم يرويها من الأمة غيرهم لکانت رواية أهل بيت النبوة کافية، ولکانت شهادتهم صادقة، ولکان إجماعهم حجة علي المسلمين أجمعين، لأنهم الأبناء والنساء والأنفس المنوه عنهم بآية المباهلة، ولأن الله قد شهد لهم بالطهارة، ولأن الصلاة عليهم رکن من أرکان الصلاة المفروضة علي العباد، ثم لأنهم أحد الثقلين.

وبعد مائة سنة من منع کتابة ورواية الأحاديث النبوية، والتزام دولة الخلافة ورعاياها بهذا القانون العجيب اکتشفوا خطورة هذا القانون وکم ضيعوا في جنب الله، فانطلقوا يروون ويکتبون أحاديث نبيهم بعد مائة عام من صدورها، وأوجدوا موازين الرواية والدراية وتوصلوا وفق هذه الموازين إلي نتيجة مفادها أن أکثر من خمسين صحابيا قد سمعوا رسول الله يحدث بأحاديث المهدي المنتظر، ويبشر المؤمنين به.

وکان الأخوان الذين سبقونا بالإيمان قد سمعوا رسول الله يحدث بها، ويبشر



[ صفحه 117]



بالمهدي فنقلوا ما سمعوه لأبنائهم، وصدق الناس لأن هذه من أنباء الغيب التي لا مجال للاجتهاد فيها.

وتضافر إجماع أهل بيت النبوة، مع شهادة الخمسين صحابيا مع القناعة العامة التي تولدت عند المسلمين وتوارثوها جيلا بعد جيل، فصار الاعتقاد بالمهدي المنتظر وعلامات ظهوره، وملامح عهد الظهور عقيدة عند المسلمين تقرأ تماما مع عقيدتهم الدينية.

وعلي هذا الأساس وبعد التحري والاثبات قام علماء الحديث الأعلام بإخراج أحاديث المهدي المنتظر، وحکموا بصحتها وفق الموازين العامة التي أوجدوها، وقالوا بتواترها، وأخرجها المؤرخون وعلماء التفسير وأصحاب السير، وأفرد لها رجال الفکر والسياسة بحوثا خاصة، وتکونت لدي المسلمين مع اختلاف منابتهم وأصولهم ومذاهبهم وتوجهاتهم عقيدة الاعتقاد بالمهدي المنتظر الواحدة. وهکذا تحقق اليقين بکل صوره وتصوراته القطعية.