بازگشت

اجماع المدرستين و استحالة اجماعهما علي کذب


لقد رأيت قبل قليل إجماع المدرستين الإسلاميتين الوحيدتين في العالم.



[ صفحه 105]



الإسلامي علي حقيقة أن رسول الله بالفعل قد بشر بالمهدي المنتظر، وأکد حتمية ظهوره، بحيث أنه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لطول الله ذلک اليوم حتي يظهر المهدي المنتظر فيه، ولا خلاف بين اثنين من کون المهدي من أهل بيت النبوة.

فهل يعقل بربک أن يجمع أهل بيت النبوة وأولياؤهم، وعلماء دولة الخلافة والخلفاء وأولياؤهم وهم علي طرفي نقيض علي کذب!! وبتعبير أدق هل يعقل أن يجمع کافة المسلمين علي کذب، أو علي أسطورة منسوبة للدين، أو علي الکذب علي رسول الله، أو التقول عليه!!

يمکن لدولة الخلافة أن تجبر فريقا من الأمة علي هدم الکعبة نفسها وهي أقدس مقدسات المسلمين، وتجبر الفريق الآخر علي السکوت، ويمکنها أن تنتهک أعظم حرمات الإسلام، فتقتل ابن النبي، وتقتل وتبيد ذرية النبي، وتسبي بناته وبأعصاب هادئة بأيدي فريق من الأمة مع ضمان سکوت الفريق الآخر، ويمکنها أن تستبيح مدينة النبي، فتفض بکارات بناتها وتنهب أموالها، وتقتل الأکثرية الساحقة من سکانها وتأخذ البيعة من الناس علي أنهم خول وعبيد لخليفة يتصرف بهم تصرف المالک بملکه وأشيائه!! کما حدث ذلک في التاريخ فعلا، بمعني أن دولة الخلافة قادرة علي فعل کل ما تريده، ولکنها لا تستطيع أن تجبر الأمة لتقتنع قناعة تامة، وتختلق علي رسول الله الأنباء المتعلقة بالمهدي المنتظر، ولنفترض بأنها استطاعت أن تقود رعاياها، وتسخر مواردها في حملة اختلاق کبري علي رسول الله، فهل يمکنها أن تجبر أئمة بيت النبوة علي المشارکة بمثل هذه الحملة!! وهل يمکنها أن تجبر الأئمة علي اقتراف جريمتي الکذب والاختلاق علي رسول الله!! وهم نماذج بشرية فذة تعتبر الموت سعادة، والحياة مع الظالمين شقاء لا يطاق!!

ثم ما هي مصلحة الخلفاء، أو رعاياهم، أو دولتهم ليجمعوا علي حقيقة أن المهدي المنتظر من أهل بيت النبوة!! وهم الخلفاء الذين کانوا يؤمنون أن العبيد والموالي وأعداء الله ورسوله أولي بالخلافة من آل محمد، فهل يعقل أن يعملوا بأيديهم الدليل الذي سيدينهم!!.



[ صفحه 106]



لقد فرضت کثرة ونوعية، وصحة وتواتر، الأحاديث الصادرة عن رسول الله نفسها علي الخلفاء ورعاياهم ودولتهم، فکان زخمها من القوة بحيث لم يعد بالإمکان إنکارها، أو تجاهلها أو تکذيبها، إنها قوة الحقائق الربانية التي يعترف بها المحب والکاره، المؤمن والفاسق.

لهذا کله أجمع أهل بيت النبوة ومن والاهم علي أن الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر قد صدرت من رسول الله بالفعل، وأنهم قد سمعوا رسول الله يتحدث بها، وأنه قد کلفهم ببيانها ونقلها للمسلمين، وأنهم ورثوا هذه الحقيقة کجزء لا يتجزأ من علمي النبوة والکتاب.

کذلک فقد أجمع علماء دولة الخلافة بأنه قد ثبت لديهم بالوجه القطعي بأن الأخبار المتعلقة بالمهدي المنتظر قد صدرت عن رسول الله بالفعل، وأنهم قد حصلوا تلک الأخبار بنفس الطرق والوسائل التي حصلوا فيها علي أخبار النبي عن الصلاة والصيام والحج وغيرها من أحکام الإسلام، وأنه قد ثبت لديهم صحتها وتواترها، وعلي ذلک تسالم جميع علماء دولة الخلافة ورعاياها عبر تاريخها السياسي الطويل، وما زال ذلک إرثا مقدسا.