بازگشت

الآية دالة علي ظهور المهدي المنتظر


قال الطبرسي في مجمع البيان ج 5 ص 35: (ومن هنا ورد في الأثر عن الإمام الباقر بأن الآية مبشرة بظهور المهدي في آخر الزمان، وأنه بتأييد من الله تعالي سيظهر دين جده صلي الله عليه وآله وسلم علي سائر الأديان، حتي لا يبقي علي وجه الأرض مشرک وهذا هو قول السدي المفسر المعروف).

قال القرطبي في تفسيره ج 8 ص 121، والرازي في التفسير الکبير ج 16 ص 40 قال السدي: (ذلک عند خروج المهدي لا يبقي أحد إلا دخل الإسلام) أي أن الله سبحانه وتعالي يظهر الإسلام علي الدين کله في عهد المهدي. وأهل بيت النبوة الذين ورثوا علمي النبوة والکتاب مجمعون علي ذلک، ومن المستحيل أن يجمعوا بغير دليل، أو قناعة، لأنهم أحد الثقلين ولأن المهدي المنتظر هو خاتم الأئمة عندهم، وقناعتهم مطلقة بأن الله تعالي: (قد فتح بهم (أي بالنبي) ويختم بهم (أي بالمهدي).

2 - قال تعالي: (ولو تري إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مکان قريب) (سورة سبأ، الآية: 51). أخرج الطبري عن حذيفة بن اليمان أن المعني في هذه الآية منصب علي الجيش الذي سيخسف به، وقد تواترت الأحاديث بأن جيشا سيرسل للقضاء علي المهدي، وأنه سيخسف بهذا الجيش، وهذا الخسف لم يحصل للآن، وحدوثه مرتهن بظهور المهدي. (راجع تفسير الطبري ج 2 ص 72، وعقد الدرر 84 ب 4 من الفصل الثاني، والحادي للفتاوي للسيوطي ج 2 ص 81، والکشاف للزمخشري ج 3 ص 467 - 468).

3 - قال تعالي: (وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم) (سورة الزخرف، الآية: 61)..



[ صفحه 84]



لقد ذکر البغوي في معالم التنزيل ج 4 ص 444 والزمخشري في الکشاف ج 4 ص 6 والرازي في التفسير الکبير ج 27، والقرطبي في تفسيره ج 16 ص 105 والنسفي بهامش تفسير الخازن ج 4 ص 108 وتفسير الخازن ج 4 ص 109 وابن کثير في تفسيره ج 4 ص 124 وتفسير أبي السعود ج 8 ص 52 بأن هذه الآية بخصوص نزول عيسي بن مريم، وقال مثل ذلک مجاهد تفسير مجاهد ج 2 ص 583 وإلي هذا أشار السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 20، وقال أخرجه ابن حنبل وابن أبي حاتم، والطبراني وابن مردويه وسعيد بن منصور عن ابن عباس.

وقال الکنجي الشافعي في کتابه البيان في أخبار صاحب الزمان ص 528:

(قال مقاتل بن سليمان ومن تابعه من المفسرين في تفسير قوله عز وجل: (وإنه لعلم الساعة) هو المهدي يکون في آخر الزمان وبعد خروجه يکون قيام الساعة وإماراتها).

وتجد مثل ذلک في الصواعق المحرقة لابن حجر ص 162 ونور الأبصار للشبلنجي الشافعي ص 186، وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ج 2 ص 126 باب 159.

وقد ذکر القندوزي الحنفي في کتابه ينابيع ج 3 ص 76 باب 71 الکثير من الآيات التي فسرها أئمة أهل بيت النبوة بالإمام المهدي وظهوره، (راجع المهدي المنتظر في الفکر الإسلامي ص 21 - 25). ومن يمعن النظر يجد أن في القرآن الکريم الکثير من الآيات التي حملت وعودا إلهية دنيوية، وربط تحققها بتوافر ظروف موضوعية معينة، وفق معايير خاصة لا تعرف إلا بالبيان النبوي، ومن استعراض الحادثات التاريخية واستقراء الشرع الحنيف، وما وصل إلينا من الآثار المروية عن الأئمة الأطهار من أهل بيت النبوة يتبين لنا أن الکثير من الوعود الإلهية الدنيوية مرتبط تحقيقها بعصر ظهور المهدي، وقيادة هذا المهدي. فإذا ظهر الإمام المهدي وآلت قيادة الأمة إليه تبدأ عملية ترجمة الوعود الإلهية من النظر إلي التطبيق ومن الکلمة إلي الحرکة، لأن ظهور المهدي سيکون في آخر الزمان، ومن أشراط قيام الساعة، ومن المحال عقلا أن تقوم الساعة ولا ينفذ الله وعوده لأنه.



[ صفحه 85]



أصدق القائلين، ولأنه لا يخلف الميعاد. کل هذه الظروف تجعل من البيان النبوي المفتاح لکل غموض، والطريق الفرد إلي اليقين، في کل متشابه والأساس لکل المعارف الدينية التي صاغت نظرية المهدي المنتظر في الإسلام، والتي بشرت بعصر الظهور. وهذا يستدعي بالضرورة وقفة مطولة عند کل ما صدر عن الرسول حول المهدي المنتظر بالذات وحول عصر ظهوره..



[ صفحه 86]