بازگشت

مصادر و منابع الاعتقاد بالمهدي المنتظر


لقد استمد المسلمون الاعتقاد بالمهدي المنتظر واستقوه من منبع أو مصدر واحد وهو الإسلام. فالاسلام هو الذي جاء بنظرية المهدي بکل تفاصيلها وکلياتها، وهو الذي کلف أتباعه ومعتنقيه بالاعتقاد بها، والالتزام التام بهذا الاعتقاد کغيره من المعتقدات النابعة من صميم الإسلام.

ويعني الإسلام علي الصعيد القانوني أو الحقوقي (الآمر والناهي والمحلل والمحرم) کل ما جاء به القرآن الکريم، وبيان النبي لهذا القرآن سواء أکان البيان بالقول أو بالفعل أو بالتقدير، ويسمي هذا البيان بالسنة المطهرة. وکل واحد من هذين المصدرين مکمل للآخر، ولا غني لأحدهما عن الآخر، لأن أولي مهمات النبي أن يبين للناس ما نزل إليهم من ربهم بيانا قائما علي الجزم واليقين.

ولأن الإسلام آخر الأديان السماوية، ولأن محمدا خاتم النبيين فقد أجاب الإسلام علي کافة التساؤلات البشرية في ما مضي، وفي ما يأتي، وغطي کافة.



[ صفحه 78]



الاحتياجات الإنسانية علي کل الأصعدة اللازمة لنمو الحياة الإنسانية وتطورها ورقيها، فما من شئ، علي الإطلاق إلا وجاء به القرآن، وبينه النبي بالقدر الذي يستوعبه کل المکلفين وتصديق ذلک قوله تعالي في سورة النحل آية 89 (ونزلنا عليک الکتاب تبيانا لکل شئ).

وأحکام الإسلام وتعاليمه ما شرعت لمعالجة مشکلات قومية أو إقليمية إنما هي منصبة بالأصل علي معالجة مشکلات العالم کله بأرضه وسکانه، وکانت الوحدة التاريخية والدينية والسياسة للعالم هي محور عناية واهتمام الإسلام. حيث وضع الإسلام تحت تصرف العالم نظاما حقوقيا لا مثيل له ومعجز، ووضع تحت تصرف العالم أيضا قيادة سياسية وروحية لا مثيل لها. فالإمام القائد في زمانه هو الأفضل وهو الأعلم وهو الأقرب لله ولرسوله، فإذا أراد العالم أن يهتدي فعليه بموالاة القيادة الإلهية والعمل بالنظام الإلهي فهما ثقلان يتکامل أحدهما مع الآخر ويتمم أحدهما الآخر وهذا هو المقصود الشرعي من حديث الثقلين.

وشاءت حکمة الله أن يکون المهدي هو آخر جيل القيادة الإلهية المسماة، وهو الذي سيتولي توحيد العالم دينيا وسياسيا ويترجم جهد الأنبياء وخاتمهم ويحقق هدفهم بتحقيق وحدة العالم الدينية والسياسية. بحيث تکون کل أقاليم الکرة الأرضية ولايات لدولته وکل سکان المعمورة رعايا لتلک الدولة، وکل أهل القوة والأمانة من رجال العالم ونسائه بطانة له يستعين بهم لتنفيذ النظام الإلهي، فيکون عهده الزاهر عهد الرخاء الذي حلم به النبيون، وعهد العدل الذي جاهد لتحقيقه النبيون، والنموذج الرمز لوحدة الجنس البشري التي بشر بها النبيون.

ورمز انتصار الحق علي الباطل علي المستوي العالمي عبر الصراع الطويل بينهما وهنا يکمن سر ترکيز الإسلام ترکيزا خاصا علي نظرية المهدي المنتظر، وتکمن عناية النبي الفائقة بإبرازها وتوضيحها والتبشير بها، بل ويکمن سر فخره بالمهدي المنتظر لأنه المؤهل إلهيا لعملية التغيير الکبري ولأنه ابنه وقرة عينه وحفيده.

والخلاصة أن الإسلام برکنيه الکتاب والسنة هما المصدر والمنبع الوحيد للاعتقاد بالمهدي المنتظر، وعلي ذلک أجمع المسلمون..



[ صفحه 79]