بازگشت

الاعتقاد بالمهدي المنتظر عند المسلمين


شق الاعتقاد بالمهدي المنتظر طريقه بيسر وسهولة إلي قلوب کل المسلمين وعقولهم، واعتبره المسلمون جزءا من عقيدتهم الإسلامية وحکما من أحکامها، وواحدا من تعاليمها کالتسبيح أو التهليل أو الصلاة أو الصوم أو الإيمان بالغيب.

فکافة المسلمين مع اختلاف منابتهم وأصولهم وتوجهاتهم السياسية وثقافاتهم المختلفة يعتقدون بحتمية ظهور المهدي المنتظر في آخر الزمان، وأن هذا المهدي من عترة النبي، وأن عهده من أزهي العهود حيث سيملأ الأرض عدلا، وسينقذ الأمة الإسلامية والعالم کله إنقاذا شاملا، وأن الله تعالي سيرد بالمهدي الدين، ويفتتح له العالم کله، وأنه سينشر الرخاء في الأرض. وقد اعترف بهذه الحقيقة حتي المتشککين بهذا الاعتقاد. فابن خلدون مثلا أحد المتشککين ومع هذا فهو يشهد قائلا: (إعلم أن المشهور بين الکافة من أهل الإسلام علي ممر العصور أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين، ويظهر العدل، ويتبعه المسلمون، ويستولي علي الممالک الإسلامية ويسمي المهدي.

(راجع تاريخ ابن خلدون ج 1 ص 555 الفصل 52). وأحمد أمين الأزهري المعروف من المتشککين أيضا بهذا الاعتقاد ومع هذا فهو يشهد قائلا: (وأما أهل السنة فقد آمنوا بها أيضا) أي آمنوا بحقيقة المهدي. (راجع کتابه المهدي والمهدية.



[ صفحه 77]



ص 41) وبعد أن أدلي بشهادته ساق قول ابن خلدون الآنف الذکر. فإذا کانت هذه شهادة المتشککين فيعني أن شيوع هذا الاعتقاد وانتشاره بين کافة المسلمين العامة والخاصة من الحقائق الإسلامية المسلم بصحتها علي مستوي المسلمين جميعا، وليس بإمکان عاقل أن يتجاهل عموم وشمول هذا الاعتقاد لکافة أتباع الملة الإسلامية. وقد أدرک الحکام الذين استولوا علي قيادة الأمة طوال التاريخ السياسي الإسلامي، خطورة هذه الفکرة علي حکمهم، وقدرتها الفائقة علي شق طريقها إلي قلوب المسلمين، ودور هذه الفکرة بنقد الظلم وفضح الظالمين، فسخروا کافة موارد الدولة التي استولوا علي قيادتها للتشکيک بالفکرة الأساسية تمهيدا لاقتلاعها من جذورها!! ومع أن الحکام قد نجحوا نجاحا ساحقا بحل عري الإسلام کلها عروة بعد عروة، ومع أنهم قد نجحوا بإخضاع الأمة لمشيئتهم، إلا أنهم قد فشلوا فشلا ذريعا باقتلاع الاعتقاد بالمهدي المنتظر من قلوب الناس وعقولهم، بل إن هذا الاعتقاد کان يترسخ ويتجذر طرديا کلما زاد ظلم الحکام وبطشهم، ويزداد المسلمون يقينا بحتمية ظهور المهدي!!. وتوارثت الأجيال هذا الاعتقاد، وتوارثت صلته الحميمة بالدين الإسلامي.