المهدي المنتظر في الإسلام
احتل الاعتقاد بالمهدي مکانة بارزة في الإسلام کدين، علي صعيدي القرآن والسنة المطهرة، فقد برزت نظرية الاعتقاد بالمهدي المنتظر بصورتها الکاملة والواضحة والبعيدة عن التوهم والغموض. حيث أکد دين الإسلام حقيقة وصحة هذا الاعتقاد العالمي المتواتر، ثم أبرز کلياته وتفاصيله الدقيقة، وأزال ما لحق بهذا الاعتقاد من نقص وزيادة وتوهم واجتهاد، وأبقي علي الحقائق النقية القادرة علي الوقوف في کل زمان، ووضع تحت تصرف عشاق الحقائق المجردة نظرية متکاملة واضحة تغطي بالکامل کل ما يتعلق بالاعتقاد بالمهدي المنتظر، فما من سؤال في هذا المجال إلا وتجد له في الإسلام جوابا مستندا إلي القرآن الکريم أو السنة المطهرة. وقد قدم الإسلام هذه النظرية کجزء لا يتجزأ من النظام السياسي الذي أنزله الله علي عبده ومصطفاه محمد صلي الله عليه وآله وسلم. فالمهدي المنتظر عند شيعة أهل بيت النبوة هو الإمام الثاني عشر من الأئمة أو القادة الشرعيين الذين اختارهم الله سبحانه وتعالي وأعلنهم النبي کقادة للأمة، ويجمع أهل السنة (شيعة الخلفاء) علي صحة وتواتر قول رسول الله بأن الأئمة أو الخلفاء أو الأمراء أو النقباء أو القادة العظام من بعده اثنا عشر، وأخالهم بالضرورة يعتبرون المهدي المنتظر أحدهم. ثم إن أهل بيت النبوة وهم أحد الثقلين ومن والاهم قد أجمعوا علي أن الاعتقاد بالمهدي الموعود المنتظر هو جزء لا يتجزأ من دين الإسلام، ثم أن الخلفاء التاريخيين ومن والاهم قد أجمعوا أيضا علي أن الاعتقاد بالمهدي المنتظر هو جزء من عموم المعتقدات الإسلامية المنبثقة عن القرآن الکريم والسنة المطهرة والتي أجمعت الأمة علي صحتها. فإن المنکر لهذا الاعتقاد هو بحکم المنکر لما هو.
[ صفحه 76]
ثابت من الدين، وقد ألف المتقي الهندي (ت 975 ه) صاحب کتاب کنز العمال کتابا عنوانه (البرهان في علامات مهدي آخر الزمان) أورد فيه فتاوي المذاهب الأربعة في زمانهم وهم ابن حجر الهيثمي الشافعي وأحمد أبي السرور بن الصبا الحنفي، ومحمد بن محمد الخطابي المالکي، ويحيي بن محمد الحنبلي، وقال:
(إن هؤلاء هم علماء أهل مکة وفقهاء الإسلام علي المذاهب الأربعة، ومن راجع فتاواهم علم علم اليقين أنهم متفقون علي تواتر أحاديث المهدي، وأن منکرها يجب أن ينال جزاءه، وصرحوا بوجوب ضربه وتأديبه وإهانته حتي يرجع إلي الحق رغم أنفه، - علي حد تعبيرهم - وإلا فيهدرون دمه) (البرهان علي علامات مهدي آخر الزمان ص 178 - 183 والمهدي المنتظر في الفکر الإسلامي ص 41 - 42).