بازگشت

استبعاد آل محمد و أهل البيت و الهاشميين و من والاهم


ومن مظاهر حل عري الإسلام أن زعامة بطون قريش التي استولت علي السلطة بعد وفاة النبي، قد استبعدت آل محمد الذين يصلي عليهم المسلمون في صلاتهم، کما استبعدت أهل بيت النبوة الذين شهد الله لهم بالطهارة، ثم هم أبناء النبي، ونساؤه، وکنفسه کما هو ثابت بآية المباهلة، وبعد يوم واحد من دفن النبي هددت زعامة البطون علي بن أبي طالب بالقتل، وأحضرت الحطب وشرعت بحرق بيت فاطمة بنت الرسول علي من فيه وفيه، فاطمة والحسن والحسين سبطا رسول الله، وحرمتهم من إرثهم من النبي، ومن ترکته، وصادرت کافة الإقطاعات التي أعطاها النبي لهم حال حياته، وجردتهم من کافة ممتلکاتهم، ولأسباب إنسانية تعهد الخليفة الجديد بتقديم المأکل والمشرب لهم لا يزيد عن ذلک!! وصورت السلطة الجديدة أهل بيت النبوة بصورة الشاقين لعصا الطاعة المفارقين للجماعة، فأذلتهم، وعزلتهم عزلا تاما، فتجنبهم الناس، ونفروا منهم مع أن آل محمد وأهل بيته قد ورثوا علم النبوة کاملا وعزل الهاشميون وهم بطن النبي وتجنبهم الناس، واتخذوا منهم موقفا حذرا علي ضوء موقف السلطة، وادعت بطون قريش أنها الأقرب للنبي لأن محمدا من قريش!!!

ويجدر بالذکر، أن بطون قريش ال 23 وقفت وقفة رجل واحد ضد النبي، فقاومته قبل الهجرة، وحاربته بعد الهجرة، ولم يقف مع النبي عمليا ولم يحمه من شرور بطون قريش إلا البطن الهاشمي، وعندما أشعلت بطون قريش حربها الآثمة ضد النبي، کان الهاشميون أول من قاتل وأول من قتل وبقوا إلي جانب النبي حتي انتقل إلي جوار ربه، هناک مزقت بطون قريش سجلات بني هاشم الحافلة بالأمجاد والشرف وعزلتهم وعاملتهم معاملة العبيد والسوقة.

وأحکمت بطون قريش الحلقة عندما عاملت أولياء آل محمد وأهل بيت النبوة معاملة جائرة بجرم موالاتهم لأهل البيت، وقولهم بأن آل محمد کما قد عرفوا من النبي أولي بسلطانه.

وخوفا من هذه الدعوي استبعدت بطون قريش آل محمد، وأهل بيته، وبني هاشم، ومن والاهم أو قال بمقالتهم أو تتلمذ علي أيديهم. ومع أن الخلفاء



[ صفحه 41]



التاريخيين، وبقوة الدفع النبوي، وبالآلية التي أوجدها النبي، وبالجيش الذي أسسه النبي قد فتحوا مشارق الأرض ومغاربها، إلا أنه لم يرو راو قط أن أحدا من الخلفاء قد أمر أحدا من آل محمد أو من أهل بيته، أو أحدا ممن يواليهم، بل علي العکس کان الخلفاء يختارون الأمراء والعمال والولاة من الکارهين لآل محمد والحاقدين عليهم، أو ممن کانوا لا يرون لآل محمد أي فضل أو تميز عن الناس.

ولم تکتف زعامة قريش بذلک إنما حاولت أن تضرب آل محمد ببعضهم وأن توقع بينهم کما فعلت عندما وعدت العباس ببعض الأمر لتتمکن من الانفراد بعلي بن أبي طالب، وإبطال حجته، وحاولت أن تفتت وحدة البطن الهاشمي، ولکن محاولاتها فشلت في البداية ونجحت فيما بعد!!

ورصت زعامة البطون، وقادت بنفسها حملة کبري هدفها طرد وتقتيل وتشريد وإذلال آل محمد، فهددت عليا بالقتل، وشرعت بحرق بيت فاطمة علي من فيه، وفيه ابنا الرسول الحسن والحسين، وحرمتهم من ميراث النبي وترکته وصادرت ممتلکاتهم، ثم سمت الحسن، ثم قتلت الحسين، وأبادت أهل بيت النبوة، وتجاهلت ومعها الأکثرية الساحقة من المسلمين نداءات النبي التي لم تتوقف، ووصاياه المتلاحقة: (اتقوا الله في أهل بيتي)، وقد عبر الإمام زين العابدين عن هذا الهول بقوله: (لو أن رسول الله قد حرض المسلمين علينا ما زادوا علي ما فعلوا..).

وهکذا تم استبعاد أهل بيت النبوة، وحرمانهم، والتنکيل بهم وإذلالهم، ومعاقبة أوليائهم، فقد مر علي المسلمين حين من الدهر کان فيه حب آل محمد أو موالاتهم من جرائم الخيانة العظمي التي عقوبتها القتل وهدم الدار، والحرمان من العطاء، والتجريد من کافة الحقوق المدنية، بحيث لا تقبل شهادة من يحب آل محمد (راجع کتاب الأحداث للمدائني برواية ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 3 ص 595 تحقيق حسن تميم).

فإذا عرفت أن أهل بيت النبوة هم أحد الثقلين بالنص الشرعي، وأن الهدي لن يدرک إلا بالتمسک بهما: (کتاب الله وعترة النبي أهل بيته) تکتشف بيسر بأن کافة عري الإسلام قد حلت بالفعل، وأن الذين حکموا باسم الإسلام کانوا يصيبون.



[ صفحه 42]



من الإسلام المقاتل، ويجردونه من کل مضامينه، ويهدمون کل أرکانه، ولا يبقون منه إلا الشکليات اللازمة للمحافظة علي الملک!!!

والمدهش بالفعل، أن أهل بيت النبوة قد استغاثوا فلم يغثهم أحد، واستنصروا فلم ينصرهم أحد، وشرعت السلطة بحرق بيت فاطمة علي من فيه وفيه ابنا الرسول، وحرمت السلطة أهل البيت من ميراث النبي، ومن ترکته، وجردتهم من ممتلکاتهم. ومع هذا لم ينکر علي السلطة منکر، ولم يأمرها أحد بمعروف، ولم ينهها عن منکر، والمدهش أيضا أن تجند السلطة مائة ألف مقاتل لقتال الحسين ومن معه، وهم لا يزيدون عن مائة رجل، ومع هذا لم ينکر عليها منکر، ولم يأمرها أحد بمعروف أو ينهها عن منکر، وبعد أن قتل کل من کان مع الحسين وبقي وحيدا شن جيش الخلافة هجوما شاملا علي رجل واحد!! ولهم غاية محددة وهي قتله، والتمثيل به، ومع هذا لم ينکر علي الخليفة أو جيشه منکر، ولم يؤمروا بمعروف أو ينهوا عن منکر!! وهذا ما لم يحدث حتي في مجتمع الفراعنة!!! وهکذا حدث ما أخبر به الرسول، وحذر منه. ولاقي أهل بيته القتل والتشريد والتطريد واقترف هذه الجرائم زعماء القوم الذين سمعوا النبي وهو يخبر بما کان، وما هو کائن، ويحذر، وشاهدوه وهو يبکي علي ما يفعل القوم بأهل بيته من بعده، وبعد موت النبي تذکرت زعامة القوم تحذيرات النبي، واستذکرت دموعه الشريفة، ولکن تلک الزعامة ارتکبت جرائمها مع سبق الترصد والإصرار، وهي نفس الجرائم التي حذرها النبي منها.