بازگشت

الجهد النبوي المکثف


باختصار شديد لقد أعلن الرسول ما أوحي إليه، وبلغ کافة التحذيرات الإلهية بکل وسائل الإعلان وطرق التبليغ والبيان، فرسم صورة کلية وتفصيلية لوقائع المستقبل، وعمل الأمة وقيادتها وأفرادها فيه وبين لکل واحد من أصحاب التأثير والخطر دوره وأفعاله وطلب منه أن يحذر وأن لا يفعل ما ينوي فعله، ثم بين للجماعات ما تنوي فعله مستقبلا وحذرها من فعله، ثم بين للمسلمين جميعا بأن هذه الأفعال ستقع ذات يوم، ومن واجبهم أن يستعدوا لها، وأن يحولوا وبکل الوسائل دون وقوعها فلا ينبغي أن يخرج الحق من أهله، ولا ينبغي أن يقتل أعداء الله أهل بيت النبوة، ولا ينبغي أن يخرج الحق من أهله، ولا ينبغي أن يقتل أعداء الله أهل بيت النبوة، ولا ينبغي أن يشردوا أو يطردوا، وإنه من العار أن يقتل ابن النبي بين المسلمين ولا ينصره أحد، ويبکي النبي بکاء ترق له الحجارة الصلداء ويحاول وبکل الوسائل أن يضفي علي تحذيراته طابع الجدية، وأن يقنع الناس بأن ما أخبرهم به من أنباء الغيب قد أوحيت إليه من ربه لأنه لا يعلم الغيب، وليس له ولغيره أن يتقول علي الله ما لم يوحي به إليه، وبين لهم الرسول بأنهم إن لم يسمعوا منه، فإن عري الإسلام ستحل کلها، وستعود الجاهلية، ولکن بثوب الإسلام، ولن يبقي من الإسلام إلا اسمه ورسمه والأنکي بأن مقاليد الأمور ستؤول إلي أعداء الله الذين حاربوا الله ورسوله بالأمس بکل وسائل الحرب، وهم جبابرة ظلمة لا يرعون في مؤمن إلا ولا ذمة، فإذا آلت مقاليد الأمور إليهم، فإنهم سيفعلون فعل فرعون، فيقتلون أبناء الذين آمنوا، ويستحيون نساءهم، ويأخذون أموالهم، ويسومونهم سوء العذاب....

إن الجهد المکثف الذي بذله الرسول ليجنب الأمة مخاطر الوقوع بين مخالب أئمة الضلالة، ومخاطر الخروج من دائرة الشرعية الإلهية لم يبذله نبي أو رسول قط. لقد خاض في هذه الناحية معرکة حقيقية وبذل فيها من الجهد والعناء، ما



[ صفحه 305]



لم يبذله في أي معرکة من المعارک الحربية التي خاض غمارها.