الله يطلع رسوله علي کل ما يجري و الرسول يعلن ذلک و يکشف اهل
حرکة بطون قريش صارت علنية، وغير خافية علي أحد، ونوايا البطون مکشوفة للجميع، فالأکثرية الساحقة تعارض بشدة دولة آل محمد بتحريض من بطون قريش ولا بد للإسلام أن يقول رأيه بحرکة البطون وأشياعهم، فأوحي الله إلي نبيه بکل ما يجري، وينطلق النبي من دائرة اليقين والوحي ليکشف ما تبيته البطون وليعلن أنها فتنة، وأنها إن نجحت ستحل عري الإسلام کلها، ويسمي الرسول للمسلمين قادة الفتن کل باسمه، ويبکي الرسول أمام المسلمين مخبرا إياهم بما أوحي الله إليه به، من أنهم سينکلون بأهل بيته من بعده، فيطردونهم ويشردونهم ويقتلونهم تقتيلا، وأنه سيسمون الحسن سبطه وسيقتلون الحسين وأهل بيته في کربلاء شر قتلة، وسيلاحقون أهل بيته ويطاردونه طوال التاريخ، ويتساءل النبي بحزن يدمي قلبه الشريف لم تفعلون ذلک، وهل أستحق هذا منکم؟
وهل هذا هو الأجر الذي تقدمونه لي لقاء هدايتي لکم، وإنقاذکم!!
أهل بيت النبوة والفئة المؤمنة القليلة کانوا موقنين بأن النبي يقول الحق، وينشر ما أوحي إليه من ربه. وأن ما أخبر به النبي واقع لا محالة.
وبطون قريش وقادتها، وحلفاؤها أيقنوا أيضا بأن محمدا قد کشفهم وأنه قد عرف حقيقة نواياهم، وموقفهم الصارم من عترة النبي أهل بيته والمفاجآت التي يعدونها لهم، ومعارضتهم ورفضهم القاطع لدولة آل محمد وکانوا يتوقعون من النبي لأن هذا رأي الأکثرية أن يقوم بإجراء تعديلات جوهرية علي ترتيباته السابقة،.
[ صفحه 301]
وأن ينصف!!! بطون قريش فيعلن حقها بالملک من بعده ويعترف بهذا الحق، کما اعترفت له بطون قريش بالنبوة!!! ولکن النبي لم يجر أية تعديلات علي ترتيباته السابقة!!! إذا لم يبق أمام زعامة بطون قريش وحلفائها إلا أن تفرض رأي الأکثرية بالقوة، وأن تحول بين دولة آل محمد وبين الظهور، وتقيم بدلا منها دولا لبطون قريش متتابعة لأن أکثرية الناس بعد الإسلام يتبعون قريشا، تماما کما اتبعوها أثناء مقاومتها للنبي وحربها له. والفرق أنهم الآن يتبعونها تحت خيمة الإسلام وکانوا سابقا يتبعونها تحت خيمة الشرک!! ويکفي محمدا والهاشميين أن بطون قريش جميعا ومواليها ومن تعاطف معها من العرب، والمنافقين، والمرتزقة من الأعراب يعترفون بنبوته، ويتلفظون بالشهادتين وهم من حيث المبدأ علي دينه، فماذا يريد غير ذلک!!! أما أن يتأمر أحفاده علي بطون قريش ومن والاها، وأن يکونوا قادة لها إلي يوم الدين، فالموت أهون علي البطون منه وهي لن تقبله حتي ولو اضطرت إلي ترک الدين نفسه!!! وتحددت الخيارات بخيار واحد إما دولة آل محمد وردة البطون ومن والاها عن الإسلام، وأما دولة البطون وبقاء البطون ومن والاها علي دين الله بالقدر الذي تراه مناسبا!!! ولقد فهم الرسول في آخر أيامه هذه الحقيقة، وفهمها الإمام علي وأعلنها بأکثر من مناسبة في ما بعد.
وصممت زعامة بطون قريش وقادة النفاق علي ذلک، ورکبوا رؤوسهم، وأخذوا يتربصون، وينتظرون بفارغ الصبر موت النبي، ليستولوا بالقوة والتغلب وکثرة الأتباع علي الملک الذي تمخضت عنه النبوة!!! وليلغوا نهائيا کافة الترتيبات الإلهية المتعلقة بقيادة الأمة طوال عصر ما بعد النبوة، والتي أعلنها النبي، لأن هذه الترتيبات مجحفة علي حد تعبير زعامة البطون، ومن المحال أن يأمر بها الله!! إنما هي صادرة عن محمد ومحمد بشر يتکلم في الغضب والرضي!!
وبالتالي فإنها غير ملزمة!! لأن المسلمين أعرف بشؤون دنياهم!! وفضلا عن ذلک فإن القرآن وحده يکفي والقرآن لم يعلن صراحة عما أعلنه النبي!!