بازگشت

مبررات تقدم الجميع علي آل محمد و قيام دول الجميع الا دولة آل


1 - ورث الخليفة الأول ملک النبوة، وکون دولة فعلية لنفسه ولرهطه بني تيم بحجة أنه صاحب النبي، ووالد زوجته، وأنه من قريش عشيرة النبي ولما قال له الإمام علي، بأنه وأهل البيت أولي برسول الله حيا وميتا، والرسول مثل شجرة، عترته أهل بيته فروعها وأغصانها، وقريش ظلالها، وأشار الإمام إلي الأحاديث النبوية التي صدعت بخلافته للنبي وبالترتيب الإلهي لعصر ما بعد النبوة. قال الخليفة الأول بأن الخلافة شأن خاص بالمسلمين وأن المسلمين قد اختاروه بالشوري، وأجمعوا عليه، وما ذکره الرسول في غدير خم ومناسبات متعددة حول ولاية الإمام علي من بعده ومکانة أهل بيت النبوة، وآل محمد، ليست ملزمة، لأنها صادرة من الرسول کبشر وليست وحيا إلهيا!! وأن الخلافة مرهونة بشوري.



[ صفحه 295]



فأجابهم الإمام بأن الرسول لا ينطق عن الهوي، وهو يتبع ما يوحي إليه، ولا يمکنه أن يتقول علي الله، أو يعلن أمرا بهذه الخطورة دون الموافقة الإلهية، ثم لنفترض أن الأمر شوري بين المسلمين فآل محمد وعترته أهل بيته من المسلمين، بل هم الناصية، وعنوان الفخار، فکيف تکون الخلافة دون استشارتهم، لقد کانوا غيبا عن هذه الشوري؟!

فقالت بطون قريش التي کانت تقف خلف الخليفة بکل کثرتها وخيلائها وفخرها ونفوذها: يا علي قد جادلتنا فأکثرت جدالنا، فإما أن تبايع أنت وعترة النبي أهل بيته وإما أن تقتلون!! فالتفت الإمام ولم يجد له معينا إلا أهل بيته، فضن بهم عن الموت، فسلم لدولة بني تيم وبعد ستة شهور بايع وبايع معه أهل البيت.

2 - ونظرا للجهود المضنية التي بذلها عمر بن الخطاب بتوحيد بطون قريش وحلفائها، وبإقامة دولة البطون الأولي عهد الخليفة الأول له بالخلافة فکانت مبررات استخلاف الثاني هي نفس مبررات استخلاف الأول وزادت عنها بعهد الأول وهکذا نشأت دولة فعلية لبني عدي وتقدم آل تيم وآل عدي علي آل محمد.

3 - والخليفة الثاني علي فراش الموت عهد بالخلافة عمليا لعثمان بن عفان وهو حليف الأول والثاني ووزيرهما، وصاحب الجهد الأعظم بإقامة دولتهما وهو عميد البيت الأموي وکانت مبررات توليته هي نفس مبررات الخليفتين الأول والثاني، والفارق أن الخليفة الثالث هو زوج ابنة النبي التي ماتت ولم تعقب وليس والد زوجة النبي وأن الثاني عهد إليه، وهکذا قامت عمليا دولة بني أمية ولکن دون إعلان في البداية، وفي مرحلة من مراحل الخليفة الثالث خاطب وزيره مروان بن الحکم المسلمين بقوله: (شاهت وجوهکم تريدون أن تسلبونا ملکنا)!!

4 - لما آلت الخلافة إلي الإمام علي بن أبي طالب بنفس الوسائل والطرق التي أوجدتها بطون قريش، ونفس المبررات التي تولي فيها الخلفاء الثلاثة الحکم وقفت بطون قريش وقفة رجل واحد، ورفضت خلافة الإمام علي ثم قتلته، ثم رفضت خلافة ابنه ولم تقبل إلا بعد هزيمة آل محمد وعودة منصب الخلافة للبطون. لأنها لا تقبل بحکم آل محمد وترفض رفضا قاطعا أن تکون لهم دولة!!.



[ صفحه 296]



ولا مانع لدي بطون قريش من أن تتکون دولة للموالي، وللأنصار، ولأي مسلم لکنها لا تقبل بدولة آل محمد، قال الخليفة الثاني وهو علي فراش الموت: (لو کان سالم مولي أبي حذيفة حيا لوليته واستخلفته) وسالم هذا من الموالي ولا يعرف له نسب في العرب، فالخليفة الثاني يتمني حياة الموالي الأموات ليوليهم الخلافة، ويتجاهل وجود آل محمد تجاهلا تاما من الناحية العملية، ولا يري أن فيهم من هو أهل لتولي الخلافة)!!!

5 - ومع أن معاوية بن أبي سفيان وأبوه وأخوته هم الذين قادوا جبهة الشرک وقاوموا رسول الله وحاربوه طوال مدة 21 عاما، ولم يسلموا إلا بعد أن أحيط بهم فاضطروا مکرهين للتلفظ بالشهادتين إلا أنه وبعد أن وطد له الخلفاء الثلاثة استولي علي منصب الخلافة بالقوة والقهر وأسس دولة خاصة بآل أبي سفيان وهم أعداء الله ورسوله الألداء وحجة معاوية ومبررات خلافته أنه القوي الغالب، وأنه صحابي وأنه مسلم، وأنه من عشيرة النبي، وأن أخته هي إحدي زوجات النبي!!

6 - بعد أن سقطت دولة آل أبي سفيان آلت الخلافة إلي ذرية عدو الله وعدو رسوله الحکم بن العاص، الذي لعنه رسول الله ونفاه وحرم عليه أن يسکن معه في المدينة، وحذر المسلمين من شروره ومع هذا کون دولة خاصة بآل الحکم بن العاص بحجة أنه أموي، وأنه أولي بمعاوية وأنه من قريش عشيرة النبي!! وصار المسلمون رعايا لهذه الدولة کما کانوا رعايا للدولة التي سبقتها، وبايعوا خلفاءهم تماما کما بايعوا الذين قبلهم.

7 - وجمع العباسيون القوة، وأعدوا وسائل الغلبة، ورفعوا شعارات آل محمد، فاستولوا علي منصب الخلافة بالقوة والقهر وکونوا دولة خاصة بآل العباس بحجة وبمبررات مفادها أنهم أحفاد العباس عم النبي، ولما قال لهم أهل بيت النبوة، بأننا أحفاد النبي نفسه وأحفاد عم النبي الشقيق، وأنتم رفعتم شعاراتنا، وتعرفون حقنا، وأننا الأولي منکم، وکنتم تتفرجون علينا ونحن نقتل ونسام سوء العذاب!! فيغضب العباسيون ويصبون علي آل محمد فيضا جارفا من النقم والقتل والعذاب، وکأنه ليس بين العباسيين وبين عترة النبي أية قرابة!!

8 - وتتفکک الدولة العباسية، ويغلب کل وال علي ولايته، ويؤسس له



[ صفحه 297]



ولأسرته دولة خاصة به، بحجة أنه مسلم، وأن الخليفة غير قادر علي إدارة شؤون الخلافة، وليس في تلک الولاية من هو أصلح ولا أنسب منه لقيادة الرعية.

9 - ثم تطلع عائلة ترکية، وتجمع حولها أسباب القوة وتستولي بالغلبة علي کافة أقاليم العالم الإسلامي، وتخضع جميع المسلمين لسلطانها ويعلن کبير العائلة الترکية (العثمانية) بأنه خليفة رسول رب العالمين لأنه لا يوجد خليفة، ولا يوجد من هو أنسب للخلافة منه!!

ولأنه لا بد للمسلمين من خليفة!! ولأنه لا فرق بين عربي وعجمي!! وأن الأتقي هو الأکرم عند الله!! بمعني أن کبير الأسرة العثمانية هو الأکرم عند الله!!

والخلاصة أن العثمانيين قد تجاهلوا وجود أهل بيت النبوة کتجاهل الذين من قبلهم، وتقدموا علي أهل البيت کما تقدم الذين من قبلهم، وقبل المسلمون بذلک أو تظاهروا بالقبول کما فعل آباؤهم من قبل. وبعد قرون تسقط دولة آل عثمان، وبسقوطها يسقط نظام الخلافة التاريخية، ولکن ثقافة تلک الخلافة ومناهجها التربوية والتعليمية قد استقرت نهائيا في النفوس، فالملک لمن غلب، والتبريرات الشکلية ما هي إلا ديکور. فرفعت الشرعية الإلهية من واقع الحياة، وحل محلها التغلب والقوة، وتفسحت أشداق المطامع، وأبواب ومنافذ التنافس، وصار کل قوي يعتقد بأنه الأحق بالقيادة، فتولي الأمر غير أهله، وأهله ينظرون، وقيل لکل إمام من أئمة بيت النبوة، خاصة ولآل محمد عامة، إما أن تقبلوا ما يرتبه الظلمة الجبارون أو تموتوا!! فآثر أهل بيت النبوة الحياة لا حبا فيها لأن الجبابرة قد أفسدوها بالفعل، ولکن لينقلوا ما جري للأجيال اللاحقة، وليکشفوا التزييف والتضليل، لعل جيل من الأجيال ينصفهم، ويفهم عدالة قضيتهم، ويفهم حجم الجريمة التي ارتکبها المجرمون بحق الله ورسوله وأهل بيته. وخلال قرون العذاب والألم کان أهل بيت النبوة يشکون بثهم وحزنهم إلي الله.