تغييب نظرية الامام المهدي و اخفائها
بعد فتح مکة، وبعد أن بردت جراحات المواجهة بين الرسول وبين بطون قريش وبعد أن استسلمت بطون قريش، واضطرت لإعلان إسلامها، حدث تقارب بين المهاجرين والطلقاء من أبنائها، واستذکر الطرفان قتلي البطون وتفاصيل المواجهة بين تلک البطون وبين رسول الله وآله، وفهموا حقيقة، أن الرسول قد رتب الأمور من بعده ليکون أول خلفائه علي بن أبي طالب، ويتعاقب علي الحکم من بعده أحد عشر إماما أو خليفة وکلهم من ذرية النبي ومن بني هاشم وأن الرسول قد أعلن کل ذلک علي المسلمين، بسلسلة مترابطة من الأحاديث النبوية، وأخبرهم بأن ترتيب الأمور من بعده عمل رباني ولا علاقة له به وما هو إلا عبد مأمور يعلن ما يأمره الله بإعلانه، هذه الترتيبات لم ترق لبطون قريش ولا لأبنائها المهاجرين منهم والطلقاء، واستبعد أبناء البطون أن يکون الله تعالي قد رتب مثل هذه الأمور، فهل يعقل برأي البطون أن يکون النبي من بني هاشم، وأن يکون الخلفاء هاشميون!!! إن هذا أمر لا يمکن تصديقه!! فکيف يصرف الله تعالي الشرف کله عن بطون قريش ال 23 ويحصر شرفي النبوة والخلافة ببني هاشم!!
وقدر قادة البطون بأن محمدا کبشر هو الذي وضع هذا الترتيب ولا علاقة لله به!!
ثم توصلوا أي نتيجة مفادها بأن حصر النبوة والخلافة ببني هاشم إجحاف علي حد تعبير عمر بن الخطاب!! وأن الأفضل والأوفق والأصوب أن يختص الهاشميون بالنبوة لا يشارکهم فيها أحد من البطون، وأن تختص بطون قريش بالخلافة لا يشارکهم فيها أي هاشمي قط، وبناء علي هذا أجمعت قريش إلا من هدي الله، وصممت أن تستولي علي منصب الخلافة بالقوة والتغلب وکثرة الأتباع وأخذت تعد العدة وتتربص، وتنتظر بفارغ الصبر موت النبي لتنفذ ما اتفقت عليه، ولما قعد النبي علي فراش المرض، وأيقنت البطون بحتمية موته، شرعت بالفعل بتنفيذ مخططها الرامي إلي الاستيلاء علي منصب الخلافة بالقوة والتغلب، وکثرة الأتباع، وتجاهل کافة الترتيبات التي أعدها النبي لعصر ما بعد النبوة، وأعلن أنها ترتيبات إلهية!! إلي درجة أن زعامة بطون قريش قد واجهت النبي شخصيا وهو مريض.
[ صفحه 272]
وقالت له: (أنت تهجر، ولا حاجة لنا بوصاياک، لأن القرآن عندنا وهو يکفينا!!!) وقد أکد أئمة أهل بيت النبوة ومن والاهم أن هذه التصريحات الخطيرة قد صدرت بالفعل من زعامة بطون قريش، وأکد العلماء الأعلام من شيعة الخلفاء (أهل السنة) بأن هذه التصريحات قد صدرت بالفعل من زعامة بطون قريش للنبي وهو علي فراش المرض، فقد رواها البخاري في صحيحه ومسلم في صحيحه... الخ، وقد وثقنا کل ذلک في کتابينا (نظرية عدالة الصحابة) و (المواجهة) وفي الباب الأول من هذا الکتاب.
وما يعنينا إبرازه في هذا المجال هو أن حزب بطون قريش استطاع أن يستولي علي منصب الخلافة خلال يومين فقط، وواجه المسلمين بأمر واقع فإما أن يقبلوه، وإما أن يواجه وجاهة الأکثرية (زعامة بطون قريش) تلک الزعامة التي حاربت النبي وقاومته 23 سنة، ومن يقوي علي مواجهة بطون قريش بعد النبي!!
ولنفترض أن عليا بن أبي طالب والهاشميين قد قرروا آنذاک مواجهة البطون، فإن تلک المواجهة ستکون انتحارا، وستؤدي إلي فتنة قد تقتلع دين الإسلام من جذوره، وترد الناس إلي الشرک فلا يبقي من الإسلام لا اسمه ولا رسمه ولا مضمونه، بل ستقتلع تلک الفتنة لو حدثت کل ما بناه الرسول من جذوره، لذلک فضل أهل بيت النبوة الاحتجاج بشکل لا يشق جماعة المسلمين، ولو تيسرت لأهل بيت النبوة أسباب القوة لتمکنوا من هزيمة الانقلابيين بأقل الخسائر، ولکن سريعا قبض الانقلابيون علي منصب الخلافة والنفوذ والمال وفتحوا أبواب مواجهة بين المسلمين وبين الدولتين الأعظم.