بازگشت

الترتيب الزمني و تسلسل احداث معارک الامام المهدي و حروبه


وقفنا قبل قليل علي التقاطيع الأساسية للصورة العامة والمجملة التي رسمها رسول الله لمعارک الإمام المهدي وحروبه، واستوعبنا تأکيداته القاطعة بأن الإمام المهدي سيفتح کافة حصون الضلالة في العالم، وسيقضي علي کل جبار وابن جبار فيه، وسيتولي نتيجة لهذه المعارک والحروب وثمرة للآيات والمعجزات.



[ صفحه 268]



والدعم علي کافة أقاليم الکرة الأرضية، وأنه سيولي علي کل إقليم من أقاليم الأرض أحد رجاله. أما تاريخ کل معرکة من معارک الإمام المهدي، ومتي تقع، وکيف تتسلسل الأحداث بالدقة التامة، فهذه أمور لا نعرفها علي وجه الدقة واليقين، ولا أحد في العالم کله يعرفها إلا رسول الله، وأئمة أهل بيت النبوة الذين ورثوا علمي النبوة والکتاب، لأن معارک الإمام المهدي وحروبه لم تقع للآن ولم تحدث ولم تتحول إلي تاريخ، بل ما زالت في رحم الغيب، ثم إن کافة الأمور المتعلقة بنظرية الإمام المهدي قضايا غيبية إيمانية مستقبلية أوحاها الله لرسوله، وبينها الرسول للمسلمين بحدود قدرة الکلام علي البيان، فهي کقضايا الجنة والنار والصراط والحساب أمور ستحدث حتما، ولکن متي وکيف؟ فإن الإجابة بحدود المعلومات اليقينية التي وصلتنا من رسول الله، ولا نملک أن نزيد في هذه المعلومات أو أن ننقص منها لأنه لا مجال للاجتهاد في هذه الأمور الغيبية.

والخلاصة أن الترتيب الزمني لمعارک الإمام المهدي وحروبه لا يمکن تحصيله إطلاقا، ولا يمکن الوقوف عليه، لأن تلک المعارک والحروب لم تقع بعد، صحيح أن الرسول قد بين کل شئ، وأنه قد أورث علمي النبوة والکتاب لأئمة أهل بيت النبوة، وهم مؤهلون وقادرون علي الإجابة علي کل سؤال، وقد بينا أن دولة الخلافة قد منعت رواية وکتابة الأحاديث النبوية من اليوم الثالث لوفاة الرسول، وحتي طوال مائة عام، وبينا الظروف التي عاشها أئمة أهل بيت النبوة والمعاناة التي تعرضوا لها، والعزلة التي فرضت عليهم وکل هذا قد أدي إلي حرمان المسلمين من الوقوف علي حقيقة کل ما قاله رسوله، لأن أحاديثه قد رويت بعد مائة سنة من صدروها عنه، وحرمان الناس من الانتفاع الکلي من علمي النبوة والکتاب الذين ورثهما أئمة أهل بيت النبوة، وبالتالي تمخض هذا عن وجود أسئلة بدون أجوبة، وأمور مفتوحة بدون تغطية، خاصة وأنه لا يوجد الآن إمام لأهل بيت النبوة، فخاتم الأئمة هو المهدي المنتظر وهو غير ظاهر، بمعني أن الوقوف علي الترتيب الزمني لمعارک المهدي وحروبه ضرب من المستحيلات في أيامنا هذه.

ولا يبقي أمامنا إلا محاولة ترتيب حوادث ومعارک وحروب الإمام المهدي حسب الرقم المتسلسل لوقوعها، بمعني أن تقع حادثة، فنعرف الحادثة التي تليها.



[ صفحه 269]



بالضبط، ثم نعرف الثالثة والرابعة.. الخ. وتوضيحا للصورة نسأل ما هو أول إقليم من أقاليم الأرض قد أخضعه الإمام المهدي لسلطانه؟ وما هو الإقليم الثاني والثالث والرابع فلا نقوي علي ربط الأحداث بتسلسل وقوعها، ولا معرفة أقاليم الأرض بتسلسل فتح الإمام المهدي لها، لکن معرفة تسلسل وقوع الحوادث أهون علي الباحث من معرفة التسلسل الزمني لوقوعها، فمعرفة التسلسل الزمني لوقوع معارک المهدي وحروبه مستحيل استحالة مطلقة، أما ترتيب الأحداث والمعارک والحرب بتسلسل وقوعها فممکن إن تعاون علي تحقيقه عصبة من العلماء الأفذاذ، وبالرغم من کثرة بحوثي في هذا المجال، ومحاولاتي التي لم تتوقف للاطلاع علي ما کتب فيه، فإني لم أجد أفضل ولا أشمل ولا أعمق ولا أقرب لروح العصر من کتاب سماحة العلامة الشيخ علي الکوراني الموسوم (بعصر الظهور) لقد کان الجهد الذي بذل فيه کبيرا، فجاء الکتاب کثمرة طيبة لذلک الجهد، إن ترتيب الشيخ الکوراني لتسلسل الأحداث وربطها أمر يثير الإعجاب والاحترام، ولا عجب فالشيخ الکوراني هو الذي أشرف علي جمع وتبويب موسوعة أحاديث الإمام المهدي، مما أهله وأعده لينجز کتابه الرائع (عصر الظهور)، ومما مکنه من أن يکون بحق أعظم المراجع بالأمور المتعلقة بنظرية الإمام المهدي المنتظر.

والخلاصة أنه من غير المعقول ولا المنطقي أن ننقل کل ما ورد في کتاب عصر الظهور لنقف علي تسلسل معارک وحروب الإمام المهدي، إنما اکتفينا بالإشارة إليه، وأري أن الأنسب لي أن أضع (سيناريو) لتسلسل الأحداث والمعارک والحروب التي خاضها الإمام المهدي وأصحابه بالحجم وبالمدي التي أشارت إليه الأحاديث النبوية، والأحاديث التي رواها الأئمة الأعلام من أهل بيت النبوة، وأري أنني غير ملزم بسد الثغرات، لأن هذه الأمور لا مجال للافتراض ولا للاجتهاد بها، وترکها أولي من محاولات سدها..



[ صفحه 270]