بازگشت

بطون قريش و انصارها يستولون عمليا علي مقاليد الدولة الاسلامي


قبل فتح مکة کانت الفئة المؤمنة الصادقة أقلية وسط أغلبية ساحقة من المشرکين والمنافقين والمرتزقة من الأعراب. وبعد فتح مکة ودخول العرب بالإسلام بقيت الفئة المؤمنة الصادقة أقلية أيضا وسط أکثرية ساحقة من المنافقين والمرتزقة من الأعراب وحديثي الدخول بالإسلام الذين يجهلون تاريخه ورجاله.

وفي الحالتين کان وجود النبي کقيادة إسلامية، والتفاف الفئة المؤمنة الصادقة حوله الضمانة الوحيدة لنقاء الحکم الإسلامي وبقائه. وهنا يکمن سر ترکيز النبي المکثف علي من يخلفه. لقد أدرکت بطون قريش هذه الناحية، ورأت أن استغلالها هي الطريق الوحيد للوصول إلي الملک، وفصل السلطان عن الإسلام، لذلک استغلت هذه البطون سماحة الإسلام وعدالته، وجمعت حولها کافة العناصر التي اشترکت بمقاومة النبي ومحاربته سابقا، وانصب هدفها علي عزل الفئة المؤمنة عن المجتمع، وتهميشها تماما ودس الوقيعة بين رموزها، واستعمال الکثرة الساحقة، کطريق فرد للاستيلاء علي الدولة الإسلامية. والتفرد بالملک الذي تمخضت عنه النبوة!! وکمرحلة أولي رأت البطون أن تسند رئاسة الدولة لرموز إسلامية مقبولة ومعروفة (الخليفة الرمز) علي أن تکون بطانته، وقادة جنده وعمال ولايته وأهل الحل والعقد عنده، وبعد أن تضرب جذور البطون في الأرض تلغي فکرة الخليفة الرمز وتستولي علنا ورسميا علي کافة مقاليد الدولة الإسلامية، وتفرض علي الناس مناهجها التربوية والتعليمية، وخلال هذه المدة تمنع رواية



[ صفحه 28]



الحديث النبوي وکتابته، حتي تطمس کل ما يذکر الناس بالحقيقة وبالشرعية السياسية الإلهية. وسواء في عهد الخليفة الرمز، أو عندما استولت البطون علي مقاليد الدولة، کانت الفئة المؤمنة مهمشة تماما. وراجت قناعة بأن أفرادها لا يصلحون للقيادة، وغير موالين لدولة البطون ومتحفزين لشق عصا الطاعة، ومفارقة الجماعة!! ومن مصلحة الإسلام والمسلمين، ومن دواعي استقرار الدولة أن تبقي هذه الفئة تحت الرقابة المباشرة للخليفة الرمز وبطانته، وأن لا يتولي أفرادها أي مصلحة من المصالح العامة، بمعني أن الفئة المؤمنة عمليا تحت الإقامة الجبرية، فنادرا ما يأذن الخليفة لأحد من أفرادها بمغادرة العاصمة إلي الأقاليم البعيدة عن إشرافه المباشر. ولأن الخليفة عادل فقد کان يغدق علي الشخصيات البارزة من أفراد هذه الفئة المؤمنة الأموال الطائلة من بيت مال المسلمين تأليفا لقلوبها، واتقاء لخطرها وطمعا باستقرار الدولة، حتي صارت تلک الشخصيات من أصحاب الملايين في مجتمع أکثريته الساحقة جائعة ومحتاجة!!.