امتلاء الارض بالظلم و الجور و العدوان
الظلم والجور والعدوان والفتن المتلاحقة، والشرور التي تعصف ببني البشر کلها، ثمرات مرة وطبيعية لحکم الظالمين، ولفقههم فقه الهوي الفاسد.
فکل ظالم علي الإطلاق يستولي علي السلطة بالقوة والتغلب وکثرة الأتباع الراکضين خلفه طمعا برغيف العيش، فإذا قبض الظالم علي السلطة، يخترع وزمرته فقه هوي خاصا به، ليسوس وفقه المجتمع العاثر الحظ الذي سقط بين مخالب الظالم وأعوانه، فيفسدون بفقههم هذا کل شئ في المجتمع، ويتبخر القسط والعدل والرحمة، وتصبح أسماء لا مضامين لها، وتمتلئ أرض الإقليم الذي يحکمه الظالم بالظلم والجور والعدوان، ويغلب الناس علي أمرهم فيسکتون.
[ صفحه 225]
رغبة أو رهبة، وقد يتمادي الظالم فيسمي ظلمه عدلا، وقسوته رحمة، ويقلب کل الحقائق رأسا علي عقب، أو يحرفها فيمسخها، حتي إذا ما دنت منية الظالم عهد بحکمه وبخلافته لابنه أو أخيه أو قريبه، أو صديقه، وتستمر دورة التغلب والعهد حتي يظهر من عالم الغيب متغلب جديد، فتبدأ عهود ظلم جديدة، ودورة جديدة من دورات العهد والتعاقب علي الحکم. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يتولي فيها الظالمون الحکم ضاربين عرض الحائط بالشرعية الإلهية.
ويبدو أن هذه الطريقة ستنتشر علي مستوي الکرة الأرضية لها، بحيث يستولي الظالمون في کل إقليم من أقاليم الأرض، وفي کل مجتمع من المجتمعات البشرية علي السلطة بالقوة والتغلب وکثرة الأتباع، ويفرضون علي مجتمعاتهم فقه هواهم، حيث سيصبح العالم کله تحت حکم الظالمين، وبحيث يسوس فقههم الفاسد کافة المجتمعات البشرية. ونتيجة لحکم الظالمين ولسيادة فقههم تمتلئ الأرض بالظلم والجور والعدوان، وتکتوي البشرية بهذا الجحيم الشامل، هنا فقط يظهر الإمام المهدي المنتظر، ليملأ الأرض قسطا وعدلا بالحکم الإلهي، بعد أن ملأها الظالمون بالظلم والجور الناتج عن حکمهم وفقههم، فامتلاء الأرض بالظلم والجور والعدوان، وشمول حکم الظالمين للعالم کله، وسيادة فقههم علامة بارزة من علامات ظهور المهدي المنتظر، لأنه المؤهل الوحيد لقطع دابر الفتن، وقصم ظهور الظالمين، ورفع فقههم من الأرض، وهو المؤهل الوحيد ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا. وهذا ما عناه الرسول بسيل الأحاديث التي عالجت هذه الناحية. وهذا أيضا ما عناه الإمام الباقر بقوله: (لا يخرج المهدي حتي ترقي الظلمة). (راجع الحديث رقم 801 ج 3 من المعجم، وراجع الأحاديث النبوية أرقام 51 و 62 و 565 من أحاديث المعجم).