بازگشت

الداء و الدواء


قياما بواجب البيان، وإضفاء لطابع الأهمية علي المهدي المنتظر، وعصره الذهبي، شخص رسول الله حالة الأمة والعالم قبيل ظهور الإمام المهدي، بسلسلة متکاملة من الأحاديث النبوية التي صحت وتواترت عند أئمة أهل بيت النبوة وشيعتهم، وعند الخلفاء وشيعتهم، والتي شاعت بين المسلمين کافة، فاعتقدوا بها لأنهم قد جزموا بأنها قد صدرت من رسول الله بالفعل، حيث إنها قد أخرجت بنفس الوسائل والأساليب التي أخرجت بها أحکام دينهم من صلاة وصوم وزکاة....

ومن يمعن النظر بتلک الأحاديث الشريفة، ويتجرد، لا يخالطه أدني شک بأنها قد صدرت بالفعل عمن لا ينطق عن الهوي، ثم يتيقن بأن الرسول الأعظم قد نجح نجاحا منقطع النظير بتشخيص حالة الأمة، وحالة العالم قبل ظهور الإمام المهدي! فکأن العالم بماضيه وحاضره ومستقبله رجل مريض ممدد علي فراش المرض، وقد وضعت تحت تصرف الرسل أحدث المعدات التي توصل إليها العقل البشري في کل مجال، والرسول متخصص في کل ناحية، بعد ذلک شخص حالة العالم الممدد أمامه تشخيصا علميا دقيقا، فوصف الداء وصفا تاما،



[ صفحه 220]



وأکد بأن العالم کله مشرف علي الهلاک والتلاشي من الحياة، وأن الدواء الوحيد الذي يشفي العالم وينقذه هو الإمام المهدي المنتظر الذي سيضع حجر الأساس ويبني دولة آل محمد، فالمهدي المنتظر هو الدواء الفرد والوحيد، فليس علي وجه الأرض إنسان واحد له القدرة علي إنقاذ العالم، مما يعانيه آنذاک إلا المهدي المنتظر. والمدهش حقا أن هذه الصورة العلمية المتکاملة الدقيقة قد رسمها رسول الله بالکلمة، وبالکلمة الطيبة وحدها، وأن هذه الصورة قد شقت طريقها إلينا وثبتت بوجه الأعاصير، وحافظت علي نقائها وأصالتها علي الرغم من أن دولة الخلافة قد منعت رواية وکتابة الأحاديث النبوية طوال فترة المائة عام التي تلت انتقال النبي إلي جوار ربه!! لکنها العناية الإلهية، والتوفيق الإلهي، والإصرار الإلهي علي إقامة الحجة، وترشيد حرکة الکون وفق نواميس الابتلاء الإلهي.

فتبارک الله رب العالمين حقا وصدقا.