بازگشت

غيبة الامام المهدي المنتظر


أجمع شيوخ آل محمد، أو الأئمة الأعلام من أهل بيت النبوة، أو العمداء الذين اعترف العالم کله بعمادتهم لأهل بيت النبوة علي أن المهدي المنتظر الذي بشر به رسول الله هو الشيخ أو العميد أو الإمام الثاني عشر من عمداء أهل بيت النبوة، وهو بالتحديد محمد بن الحسن، وقبل أن يولد هذا الإمام انتشرت شائعة في أوساط الدولة العباسية، وبين رعاياها مفادها أن مولودا من ذرية محمد رسول الله سيولد، وأنه سيکون المهدي المنتظر، وأنه سيستولي علي کل أقاليم الأرض: (بما فيها إقليم الدولة العباسية) وسيخضع الخاصة والعامة لحکمه بما فيهم ذرية العباس، وخلفاء الدولة العباسية، فأوجست الدولة العباسية في نفسها خيفة، وحملت هذه الإشاعة علي محمل الجد، وکلفت أجهزتها السرية بمراقبة مواليد أهل بيت النبوة، وعلي الأخص مواليد عميدهم آنذاک الحسن بن علي الهادي المعروف بالعسکري، کان إمام العصر آنذاک أو العميد الحسن بن علي العسکري علي علم بالشائعة، وکان يعلم علم اليقين أن ابنه محمد بن الحسن الذي سيولد هو بعينه الإمام الثاني عشر، وهو بعينه الإمام المهدي المنتظر، وکان الإمام العسکري يعلم بخيفة الدولة العباسية وبحرکة أجهزتها السرية، وقد حمل هذه الخيفة وحرکة الأجهزة السرية العباسية علي محمل الجد، فأخفي ولادة ولده إخفاء تاما إلا علي صفوة الصفوة من أوليائه، فلم يکن أحد يعلم أن للإمام الحسن العسکري ولد، وأن هذا الولد هو وارثه وهو العميد من بعده، ويوم وفاة الإمام.



[ صفحه 207]



الحسن العسکري فوجئ أرکان الدولة العباسية الذين حضروا مراسم دفن الإمام بغلام لا يتجاوز عمره الخمس سنوات يقول لعمه الذي تأهب ليصلي بالناس علي الإمام صلاة الجنازة، تأخر يا عم أنا أولي بالصلاة علي أبي!! کان الغلام هو المهدي المنتظر، وهو العميد الثاني عشر، فأخذ العم من هول المفاجأة وتأخر، وتقدم الإمام الغلام ليصلي بالناس علي أبيه صلاة الجنازة وعلمت الدولة العباسية أن هذا الغلام هو العميد والإمام من بعد أبيه، وتساءلت متي ولد!! وقدرت أنه ربما کان المهدي المنتظر فهو من ذرية النبي، وسليل الأئمة العمداء، وبدأت تستفيق من هول الصدمة، وتتعجب کيف أنها لم تعرف بولادته!! وأخذت أجهزتها السرية تخطط لمراقبة الإمام والقضاء عليه، لأنها أيقنت أنه المهدي المنتظر الذي عنته الأحاديث النبوية، وأنه سر الإشاعة التي انتشرت بين الناس!!! بعد ما عرف أرکان الدولة العباسية والخاصة والعامة من رعاياها أن للإمام الحسن العسکري ولد، وأن اسمه محمد وأنه الإمام والعميد من بعد أبيه، وأنه قد أم الجميع بصلاة الجنازة علي أبيه، وبعد أن ربط الناس إشاعة المهدي الموعود المنتظر بهذا الغلام، وبعد أن صممت أجهزة الدولة العباسية علي وضع الخطط والقضاء علي هذا الإمام الغلام اختفي بالکامل، وعجزت الدولة العباسية بکل قوتها عن تحديد مکان وجوده، أو إثبات وفاته!! کأن الغلام الإمام قد تبخر من الأرض!! وزاد من حيرة الدولة العباسية وأجهزتها السرية، أنها قد تيقنت بأن الإمام الغلام کان يمارس مهام الإمامة علي أوليائه، فتجبي له الأموال، ويوزعها علي مستحقيها وينفقها علي مصارفها الشرعية، وأنه کان يصدر الأوامر والتوجيهات لاتباعه بواسطة سفراء، عجزت الدولة العباسية عن معرفتهم أو معرفة أمکنة إقامتهم!! لقد کان الإمام الغلام وسفراؤه شغلها الشاغل، ولکنها لم تصل إلي نتيجة.

فيئست من العثور علي الإمام الغلام، ويئست من العثور علي سفرائه ومن معرفة وسائل اتصالهم بالإمام، وانتشرت الشائعات واستقر في أذهان العامة والخاصة من رعايا الدولة العباسية أن الإمام الغلام هو المهدي المنتظر بالفعل، وقد رووا أنه هو وحده الذي سيخلصهم وينقذهم دون أن يضطروا لتقديم أي تضحية!! بل سيأتيهم الخلاص والإنقاذ تماما کما تعود المطر أن يأتيهم!!.



[ صفحه 208]



ومن ذلک التاريخ لم تره رعايا دولة الخلافة، وإذا رأته فإنها لا تعرفه، لقد احتارت تلک الرعايا أين ذهب الغلام الإمام، وکيف اختفي، ولم يجزم أحد بموته، بل ولم يدع أحد موته!! وهل يعقل أن يموت شيخ أو عميد أو إمام آل محمد ولا يعرف المسلمون بموته!!! کان کل إمام من أئمة أهل البيت أو شيوخهم أو عمدائهم بمثابة البدر المتألق في السماء يعرفه المسلمون قاطبة علي الرغم من محاولات الخليفة وأرکان دولته للتعتيم عليه، والحي من قدره، والتقليل من مکانته، فکانت رعايا دولة الخلافة تعرف طوال التاريخ، بأن هذا الإمام أو ذاک هو ابن رسول الله، وما من عميد أو شيخ أو إمام من عمداء أو شيوخ أو أئمة أهل بيت النبوة قد مات إلا وعرف کل المسلمين بموته، وبکي عليه الصادقون أو تباکي عليه الخلفاء وأعوانهم!! فهل يعقل أن يموت محمد بن الحسن (المهدي المنتظر) وهو إمام وابن إمام، وهو شيخ آل محمد وعميدهم ولا يعرف الناس عن موته!!! وحتي دولة الخلافة التي کانت تحصي علي الناس أنفاسهم لا تدعي بأن هذا الإمام قد مات، لأنها لا تملک دليلا وليس بإمکانها تلفيق دليل من عندها!!

کل هذا يعني بأن الإمام الثاني عشر من أئمة أهل بيت النبوة وهو محمد بن الحسن (المهدي المنتظر) ما زال حيا يرزق، ولکنه غائب أو مغيب إلهيا عن أعين الناس، وهو يعرفهم، ويراهم، وقد يرونه ويعرفونه، ولکنهم يجهلون أنه الإمام المهدي المنتظر أو أنه محمد بن الحسن الإمام الثاني عشر من أئمة أهل بيت النبوة.