بازگشت

مستقر المسيرات الانحرافية


يبعث الله تعالي الأنبياء والرسل ليذکروا الناس بالمخزون الفطري الذي وضعه الله في النفس البشرية عند بدأ الخلق، وهذا المخزون هو توحيده تعالي، ويقوم الأنبياء والرسل علي امتداد عهد البعثة بسوق الناس إلي طريق الهدي ببيانهم للناس ما أنزل إليهم من ربهم، وبعد أن يقيم رسل الله الحجة علي الناس. ينسي بعض الناس ما ذکروا به، ويقومون بأعمال تعارض الفطرة ووصايا الله، وأخبرت الدعوة الخاتمة أن الله تعالي يستدرج هذه المسيرات الانحرافية علي امتداد المسيرة البشرية، وعلي امتداد الاستدراج ينال الذين ظلموا عذاب الخزي في الحياة الدنيا، قال تعالي: (فلما نسوا ما ذکروا به فتحنا عليهم أبواب کل شئ حتي إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين). [1] .

وعذاب الاستدراج في الحياة الدنيا أبوابه مفتوحة، يدخل فيها الحاضر إذا أخذ بأسباب الانحراف من الماضي، وإذا انطلق الحاضر إلي المستقبل ولم تحدثه نفسه بتوبة، انتهت أقدامه إلي المسيح الدجال، وفي دائرة الدجال تنال جميع رايات الانحراف والشذوذ عذاب الخزي



[ صفحه 365]



ويقطع الله دابرهم بعذاب الاستئصال. والنبي الخاتم (ص) أخبر بأن جميع الأنبياء حذروا أممهم من الدجال، وقال إن الله لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجال، [2] وحذر النبي (ص) من الدجال ومن کل عمل ينتهي إليه.

ومن ذلک قوله وما صنعت فتنة منذ کانت الدنيا صغيرة ولا کبيرة إلا لفتنة الدجال. [3] .

وطريق الدجال يبدأ بانحراف دقيق عند المقدمة. ثم يتسع شيئا فشيئا علي امتداد المسيرة. وفي مناطق الاتساع ترفع للشذوذ رايات بعد أن ألفه الناس. وهذه الرايات بينها النبي الخاتم (ص) وهو يخبر بأشراط الساعة، ومن ذلک قوله من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا. [4] وقال إن بين يدي الساعة أياما يرفع فيها العلم وينزل فيها الجهل ويکثر فيها الهرج والهرج القتل، [5] فهذه العلامات تظهر علي طريق الفتن والانحراف. وبينها النبي الخاتم ليراجع الناس أنفسهم علي امتداد المسيرة، ويشهدوا له بالنبوة بعد أن رأوا أحداثا أخبر بها يوم أن کانت غيبا، فالأحداث في عالم المشاهدة المنظور دعوة للتوبة وتحذيرا من العقاب الذي يحمله طريق الاستدراج.

وآخر الزمان يقف تحت أعلام الدجال جميع المسيرات التي انحرفت عن ميثاق الفطرة وأشرکت بالله، ويقف تحتها صناع الفتن وأصحاب الأهواء وتجار الشذوذ وجلادي الشعوب، وجميع الذين ظلموا وصدوا عن سبيل الله العزيز الحکيم، فهؤلاء وغيرهم سينتظمون وراء قيادة الدجال آخر الزمان ويطيعون أوامره، وسيدخلون معه لقتال



[ صفحه 366]



المهدي المنتظر والمسيح عيسي بن مريم عليهما السلام (والله غالب علي أمره ولکن أکثر الناس لا يعلمون). [6] .


پاورقي

[1] سورة الأنعام آية 44.

[2] رواه الإمام أحمد (الفتح الرباني 69 / 24).

[3] رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح (الفتح الرباني 69 / 24).

[4] رواه مسلم (الصحيح 58 / 8).

[5] رواه مسلم (الصحيح 58 / 8.

[6] سورة يوسف آية 21.