بازگشت

التبشير


وأدلي النصاري بدلوهم علي المسيرة البشرية. وخرجت قوافل التبشير المختلفة الأسماء المتحدة الهدف، ومن أفکار ومعتقدات هذه القوافل: محاربة الوحدة الإسلامية، وتشويه التعاليم الإسلامية، ونشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول العالم الثالث بعامة وبين المسلمين بخاصة، بهدف إحکام السيطرة علي هذه الشعوب، وتتلقي قوافل التنصير الدعم الدولي الهائل من أوروبا وأمريکا. ومن مختلف الکنائس والهيئات والجامعات والمؤسسات العالمية، وألقي التنصير بثقله حول العالم الإسلامي. ويتمرکز في أندونسيا وماليزيا وبنجلاديش والباکستان وفي إفريقيا بعامة، من التيارات التبشيرية التي يتبناها اليهود، طائفة (المورمون) وتلبس لباس الدعوة إلي دين المسيح، وتنادي بالعودة إلي الأصل. أي إلي کتاب اليهود، ويعتقدون بأن الله أعطي وعده



[ صفحه 360]



لإبراهيم، ومن ثم لابنه يعقوب، بأن من ذريته سيکون شعب الله المختار، وکتابهم يشبه التلمود في کل شئ وکأنه نسخة طبق الأصل عنه، [1] ومؤسس هذه الجماعة (يوسف سميث) ولد عام 1805 م بمدينة شارون بمقاطعة وندسور التابعة لولاية فرمنت، ولقد جندت إسرائيل کل إمکاناتها لخدمة هذه الطائفة، وآمن بفکر هذه الطائفة کثير من النصاري، وکان دعاتها من الشباب المتحمس، وقد بلغ عدد أفرادها أکثر من خمسة ملايين نسمة، ثمانون بالمئة منهم في أمريکا، ويتمرکزون في ولاية (أوتاه) حيث أن 68 % من سکان هذه الولاية منهم، 62 / من سکان مقاطعة البحيرات المالحة مسجلون کأعضاء في هذه الکنيسة، ومرکزهم الرئيسي في ولاية (يوتا) الأمريکية، وهذا التيار انتشر في الولايات المتحدة. وأمريکا الجنوبية. وکندا وأوروبا، کما أن لهم في معظم أنحاء العالم فروعا ومکاتب ومراکز لنشر أفکارهم ومعتقداتهم، ويوزعون کتبهم مجانا، ولهم (175) إرسالية تنصيرية کما أنهم يملکون: شبکة تلفزيونية، وإحدي عشرة محطة إذاعية، ويملکون مجلة شهرية بالإسبانية. وصحيفة يومية واحدة. [2] .

والخلاصة:

يجب أن نعترف بأن المسيرة البشرية حملت ضمن أحمالها البصمة الوثنية. التي زين الشيطان برنامجها وأغوي به قطاع عريض علي امتداد المسيرة، ونحن في عصرنا نري أعلام هذا القطيع ويجب أن نعترف أن الماسونية شجرة عتيقة فروعها هي الصهيونية وملحقاتها، وهذه الشجرة في بستان يملکه اليهود، والخدم في هذا البستان هم علماء التغريب



[ صفحه 361]



والعلمانية وغيرهم، ومهمة الخدم هي تذويب الاحساس القومي لدي الشعوب بنشر الأفکار العالمية، ونتيجة لذلک يکون اليهود هم الشعب الوحيد الذي يظل محتفظا بقوميته. ويکون له المجد في النهاية وله السيطرة علي جميع شعوب الأرض باعتباره شعب الله المختار.

فالشعب اليهودي داخل دائرته. ظل علي امتداد تاريخه بعد السبي يؤمن بضرورة العمل من أجل إحياء مملکة داوود. التي يکون لها المجد علي شعوب الأرض. ويسبح معها الجبال والطير. وظل أتباع هذا الاعتقاد علي امتداد تاريخهم وفي أحلک الأوقات يقيمون حياتهم علي أساس هذا الدين الذي يحقق هذه النتيجة، وعندما عاشوا في بقاع الأرض المختلفة متباعدين. کانوا في نفس الوقت متقاربين نتيجة لوحدة الفکر والأمل، ولم يذوبوا في المجتمعات وإنما اجتمعوا في أحياء خاصة بهم داخل المجتمعات الکبيرة، وعملوا من أجل أن تکون المجتمعات الکبيرة في قبضتهم. وذلک عن طريق سيطرتهم علي الاقتصاد ورجال الحکم.

وبعد عودة اليهود إلي فلسطين. وبعد انتصارهم عام 1967، يخطئ من يظن أن الحرب بين الفطرة وبين اليهود قد انتهت، ومخدوع کل من يظن أن کل ما هو معلق بين المسلمين وبين اليهود قد تحله العقود أو المواثيق أو اتفاقيات الصلح والاعتراف المتبادل، لأن المهمة الإسرائيلية لن تنتهي إلا بظهور أمير السلام الذي ينتظره اليهود، وقد يأخذ السلام بين العرب وبين اليهود أشکالا متعددة، ولکن تبقي الحقيقة الأکيدة: أن هذا السلام في نظر اليهود سيکون ورقة تکتيکية من أوراق الحرب المستمرة، حتي يأتي أمير السلام (الدجال) فينصب فسطاطه في المنطقة. ويتبعه جميع الذين تعاموا عن هذه الحقيقة.

ويجب أن نعترف أن قطاع عريض داخل المسيرة الإسلامية لا



[ صفحه 362]



يعرف ذاته ولا يعرف القوي المعادية له، أو بمعني آخر. يجب أن نعترف بأن هؤلاء يبدوا وکأنهم لا يريدون أن يعرفوا ذاتهم أو کأنهم لا يقدرون علي محاولة المعرفة، وأنهم لا يعرفوا عدوهم معرفة حقيقية أو لعلهم لم يحاولوا أن يعرفوا، وفي جميع الحالات يجب أن نعترف بأننا لا نعرف أنفسنا ولا نعرف عدونا.

ويجب أن نعترف بأن الفطرة يحيط بها الظلم من کل مکان، وأين الوسائل المحيطة بها يمسک بزمامها الجبان، وکلمة الجبان لا تعني الرجل الخائف الرعديد فقط، وإنما تعني ذلک الرجل الذي إذا تمکن من عدوه کان أکثر جبنا، بمعني أنه لا يعرف في التعامل معه معني من معاني النبالة أو الکرم أو الشهامة، إنما يستعمل معه أدنأ الوسائل وأدناها إلي الحطة، والفطرة الإنسانية تحيط بها أکثر الناس جبنا، بمعني أکثر الناس ميلا للانتقام..

وإذا کان البحث العلمي قد قدم للمسيرة البشرية مجهودات عظيمة، من عصر الطاقة اليدوية إلي عصر الفحم. إلي عصر البخار..

إلي عصر البترول. إلي عصر الکهرباء، ومن عصر الذرة إلي عصر الإلکترونيات. إلي عصر الکومبيوتر إلي عصر الفضاء إلي عصر الهندسة الوراثية، فيجب أن نعترف أن الأعظم من هذا المجهود الضخم استعمل في کل عصر من أجل خدمة مخططات الأهواء وأهداف المادية، وعن طريقة استطاع أصحابه أن يتغلغلوا داخل النفس لإغوائها لتکون عضوا علي طريق أهدافهم.

إن العلوم المفيدة تکون في متناول الإنسان عندما تصلح أخلاقه، أما إذا وقف الجبان علي أبواب المجهودات العلمية، فسيکون للظلم والجور وللفساد أعلاما متعددة الألوان والأشکال، وفي عصرنا نري المخطط اليهودي والوثني تحميه الترسنات النووية والکيمائية



[ صفحه 363]



والمکروبية. والترسانة التقليدية، وأساطيل الطائرات والغواصات والدبابات وقاذفات الصواريخ والباتريوت، ونجد الفطرة في أماکن کثيرة. مقيدة بالديون وفوائد القروض ومحاذير السلاح وضغوط صندوق النقد الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ونجدها مهددة من کل مکان.

بعد أن فسد کل شئ. ولوثت البحار والأنهار بالنفط والمبيدات ومخلفات المصانع وسموم المعادن الثقيلة، ولوث الجو بغازات الکبريت والأزون والکربون والرصاص، واتخذ الجبان من قلب الأرض والبحر مخازن للموت النووي والرعب الذري يدفن فيه النفايات القاتلة لصناعاته المهلکة، ونجد الفطرة محاصرة بقوافل خرقت الشرائع وطلبت اللذة من وجوهها الشاذة باللواط والسحاق، ولقد رأينا کيف خرجت قوافل الشواذ تطالب بشرعية الفسق وتقنين زواج الرجال بالرجال وزواج النساء بالنساء، وتسير في مظاهرات علنية تطالب بحقوقها الشاذة، ولم يقتصر الأمر علي خروج قبائل العهر والفسق في مظاهرات، وإنما تفننت قبائل أخري في جعل الحرية الجنسية شريعة لمملکتها، وأقامت للزنا نواد ومؤسسات وأقمار فضائية تنشره، وأبدعت هذه القبائل في إخراج العهر والفجور والفسق والشذوذ. بجميع أوضاعه في أبهة من الألوان ومواکب من الزينة والزخرف. واستأجرت لهذا الفتيات الساقطات من کل جنس لعرضهن عرايا. ثم ثبت هذا العهر ليستقبله کل من وجه هوائي استقبال إلي الفضاء.

لقد ملأت الأرض ظلما. والتطور ينطلق کل دقيقة بل کل ثانية.

وما کان يحدث من إنجاز علمي في ألوف السنين. أصبح يحدث الآن في سنوات قليلة، ومعني هذا أن المستقبل سيشهد تطورا مضغوطا في حيز تاريخي قصير، فإذا کان الجبان ساهرا ومشرفا علي هذا التطور، فإن معني هذا أننا نهرول بالفعل إلي النهاية. وقبل هذا اليوم يجب أن نعرف من نحن؟ ومن هو عدونا؟ وما هي أهدافنا وما هي أهداف



[ صفحه 364]



عدونا؟ ومن أين نبدأ وکيف نخرج من الدائرة المغلقة؟ إننا إذا لم نعرف کل هذا وغيره. فستدفع أجيالنا في المستقبل ثمنا باهظا ويشهدوا جنازتهم علي أقل تقدير وهم وراء أمير السلام، وسنعتمد نحن هذه الجنازة لأن المستقبل ابن للماضي ولا ينفصل عنه. أجيبوا. أجيبوا يرحمکم الله. قبل أن يأتي يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تکن آمنت من قبل.


پاورقي

[1] المصدر السابق 486.

[2] المصدر السابق 487.