بازگشت

التغريب


التغريب: وخرج دعاته من تحت العباءة اليهودية، والتغريب تيار کبير ذو أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية وفنية، ويرمي إلي صبغ حياة الأمم والمسلمين بخاصة بالأسلوب الغربي، وذلک بهدف إلغاء شخصيتهم المستقلة وخصائصهم المتفردة، وجعلهم أسري التبعية الکاملة للحضارة الغربية، ولقد استطاعت حرکة التغريب أن تتغلغل إلي کل بلاد العالم الإسلامي، وإلي کل البلاد المشرقية علي أمل بسط بصمات الحضارة الغربية المادية الحديثة علي هذه البلاد وربطها بالعجلة



[ صفحه 357]



الغربية، ولم يخل بلد إسلامي أو مشرقي من هذا التيار. [1] ويضاف إلي هذه التيارات. تيار (الوجودية) وهو تيار فلسفي، يکفر أتباعه بالله ورسله وکتبه وبکل الغيبيات وکل ما جاءت به الأديان، ويعتبرونها عوائق أمام الإنسان نحو المستقبل، وقد اتخذوا الالحاد مبدأ ووصلوا إلي ما يتبع ذلک من نتائج مدمرة، ومن أشهر زعماء هذا التيار جان بول سارتر الفرنسي المولود سنة 1955 م، وهو ملحد ويناصر الصهيونية، وانتشرت أفکار هذا التيار بين المراهقين والمراهقات في فرنسا وألمانيا والسويد والنمسا وإنجلترا وأمريکا وغيرها، حيث أدت إلي الفوضي الخلقية والإباحية الجنسية واللامبالاة بالأعراف الاجتماعية والأديان. [2] .

ويضاف إلي ذلک (الفرويدية) وهي مدرسة في التحليل النفسي.

أسسها اليهودي (سيجموند فرويد) وهي تفسر السلوک الإنساني تفسيرا جنسيا، وتجعل الجنس هو الدافع وراء کل شئ، کما أنها تعتبر القيم والعقائد حواجز وعوائق تقف أمام الاشباع الجنسي. مما يورث الإنسان عقدا وأمراضا نفسية، ولم ترد في کتب وتحليلات فرويد أية دعوي صريحة للانحلال کما يتبادر إلي الذهن، وإنما کانت هناک إيماءات تحليلية کثيرة تتخلل المفاهيم الفرويدية. تدعو إلي ذلک، وقد استفاد الإعلام الصهيوني من هذه المفاهيم لتقديمها علي نحو يغري الناس بالتحلل من القيم وييسر لهم سبله بعيدا عن تعذيب الضمير. [3] .

واستغل اليهود المذهب (الرأسمالي) والرأسمالية نظام اقتصادي ذو فلسفة اجتماعية وسياسية. يقوم علي أساس تنمية الملکية الفردية والمحافظة عليها، متوسعا في مفهوم الحرية، ولقد ذاق العلم بسببه



[ صفحه 358]



ويلات کثيرة، وما تزال الرأسمالية تمارس ضغوطها وتدخلها السياسي والاجتماعي والثقافي، وترمي بثقلها علي مختلف شعوب الأرض، وتقوم الرأسمالية في جذورها علي شئ من فلسفة الرومان القديمة، يظهر ذلک في رغبتها في امتلاک القوة وبسط النفوذ والسيطرة، ولقد تطورت متنقلة من الاقطاع إلي البرجوازية إلي الرأسمالية. وخلال ذلک اکتسبت أفکارا ومبادئ مختلفة. تصب في تيار التوجه نحو تعزيز الملکية الفردية والدعوة إلي الحرية، ولا يهم الرأسمالية من القوانين الأخلاقية إلا ما يحقق لها المنفعة ولا سيما الاقتصادية منها علي وجه الخصوص، وتدعو الرأسمالية إلي الحرية وتتبني الدفاع عنها. لکن الحرية السياسية تحولت إلي حرية أخلاقية واجتماعية. ثم تحولت بدورها إلي إباحية، وازدهرت الرأسمالية في إنجلترا وفرنسا وألمانيا واليابان وأمريکا، وفي معظم العالم الغربي، وکثير من دول العالم يعيش في جو من التبعية لها، ووقف النظام الرأسمالي إلي جانب إسرائيل دعما وتأييدا بشکل مباشر أو غير مباشر. [4] .

ووضع اليهود بصماتهم علي المذهب (الشيوعي) وهو مذهب فکري يقوم علي الالحاد. وأن المادة هي أساس کل شئ، ويفسر التاريخ بصراع الطبقات وبالعامل الاقتصادي، وظهر المذهب علي يد (مارکس) اليهودي الألماني (1818 - 1883 م) وتجسد في الثورة البلشفية التي ظهرت في روسيا سنة 1917 م بتخطيط من اليهود، وتوسعت الثورة علي حساب غيرها بالحديد والنار، وقد تضرر المسلمون منها کثيرا، وأفکار ومعتقدات هذا المذهب تقوم علي: إنکار وجود الله وکل الغيبيات، وقالوا: بأن المادة هي أساس کل شئ، وفسروا تاريخ البشرية بالصراع بين البرجوازية والبروليتاريا، وقالوا أن



[ صفحه 359]



الصراع سينتهي بدکتاتورية البروليتاريا، وحاربوا الأديان واعتبروها وسيلة لتخدير الشعوب. مستثنين من ذلک اليهودية. لأن اليهودية شعب مظلوم! وحاربوا الملکية الفردية وقالوا بشيوعية الأموال وإلغاء الوراثة، ولم تستطع الشيوعية إخفاء تواطئها مع اليهود. وعملها لتحقيق أهدافهم، فقد صدر منذ الأسبوع الأول للثورة قرار. ذو شقين بحق اليهود:

أ - يعتبر عداء اليهود عداء للجنس السامي يعاقب عليه القانون.

ب - الاعتراف بحق اليهود في إنشاء وطن قومي في فلسطين [5] .

وهکذا وضع اليهود المسيرة البشرية بين مذهبين اقتصاديين، يعارض کل منهما الآخر، ليشتد الصراع علي امتداد المسيرة، مع احتفاظ اليهود بثمرات کل مذهب، وثمرات الصراع القائم بينهما.


پاورقي

[1] المصدر السابق 154.

[2] المصدر السابق 544.

[3] المصدر السابق 381.

[4] المصدر السابق 237.

[5] للمزيد: أنظر المرجع السابق 310 وما بعدها.