بازگشت

الدعوة الي التوحيد الحق


توجهت الدعوة الإلهية الخاتمة إلي البشرية کافة، وأن أهل الکتاب بينهم من يعرفون الحق ومعارف الدين، وفيهم رهبان وزهاد يعرفون عظمة ربهم ولا يستکبرون، وفيهم الباحث عن الحقيقة، توجهت الدعوة إليهم من طرق عديدة لتحيطهم بالحجة من کل مکان.

وبين الله تعالي لهم أن رسوله الخاتم (ص). هو النبي الأمي الذي يؤمن بالله وکلماته ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنکر ويجدونه مکتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، وقال تعالي: (يا أهل الکتاب قد جاءکم رسولنا يبين لکم کثيرا مما کنتم تخفون من الکتاب ويعفو عن کثير. قد جاءکم من الله نور وکتاب مبين يهدي به الله من إتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلي النور بإذنه وبهديهم إلي صراط مستقيم)، [1] والمعني: أن الرسول يبين ما بدلوه وحرفوه وأولوه وافتروا علي الله فيه، ويسکت عن کثير مما غيروه ولا فائدة في بيانه، وأن دعوته تدعو إلي الصراط المستقيم المهيمن علي الطرق کلها.



[ صفحه 211]



ونظرا لأن مسيرة اليهود رشحت عليها عقائد الأمم الوثنية، وحمل التوحيد علي امتداد مسيرتهم بصمات الآلهة المتعددة، حتي صار الإله في نهاية المطاف إلها خاصا ببني إسرائيل دون غيرهم من الأمم، ونظرا لأن الأحبار والرهبان بدلوا الدين الذي بعث به عيسي عليه السلام، ونسبوا إلي المسيح ما لا يجوز وقالوا بألوهيته، وأطاعتهم القافلة النصرانية من غير قيد وشرط، فإن الدعوة الخاتمة صححت هذه المفاهيم في أکثر من آية، ومنها قوله تعالي لرسوله (ص) (قل يا أهل الکتاب تعالوا إلي کلمة سواء بيننا وبينکم ألا نعبد إلا الله ولا نشرک به شيئا، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون)، [2] والمعني: تعالوا إلي کلمة عدل ونصف نستوي نحن وأنتم فيها، ثم فسر هذه الکلمة بقوله أن لا نعبد إلا الله ولا نشرک به شيئا، لا وثنا ولا صليبا ولا صنما ولا طاغوتا ولا نارا ولا شئ، بل نفرد العبادة لله وحده لا شريک له، وهذه دعوة کل الرسل منذ ذرأ الله ذرية آدم، ثم قال (ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله)، أي لا يسجد بعضنا لبعض، أو يطيع بعضنا بعضا في معصية الله، أو نحرم الحلال ونحل الحرام، فنحن وأنتم ما أمرنا إلا لنعبد الله وحده، الذي إذا حرم شئ فهو الحرام. وما حلله فهو الحلال. وما شرعه إتبع. وما حکم به نفذ.

تعالي الله سبحانه وتقدس وتنزه عن الشرکاء. والنظراء. والأعوان.

والأضداد. لا إله إلا هو ولا رب سواه، فإن تولوا عن هذا النصف وهذه الدعوة، فاشهدوا أنتم علي استمرارکم علي الإسلام الذي شرعه الله لکم.



[ صفحه 212]




پاورقي

[1] سورة المائدة آية 15.

[2] سورة آل عمران آية 64.