بازگشت

الطريق الي الامم


وضع بولس منهجه وسط ساحة زمنية تربط بين دعوتين إلهيتين.

الدعوة الإلهية إلي بني إسرائيل والدعوة الإلهية الخاتمة إلي البشرية کافة، وبولس في منهجه أعطي للمسيح صفة الديمومة. أي صفة الألوهية. وربط أتباعه بهذه الصفة... ومعني هذا أنه أغلق باب التوبة.

بمعني: إذا کانوا مع المسيح والمسيح فيهم. فما الجدوي من وراء التوبة؟ وترتب علي ذلک عدم التفات أتباعه إلي آية تدعو إلي الرجوع إلي الله.

وبولس عندما جرد مسيرته من الشريعة الموسوية. ألقي داخل ساحات الأمم حيث الشرائع المتعددة للعقائد المتعددة. التي يشرف عليها کهنة الوثنية والملوک الذين أقاموا ملکهم علي ثقافة تقول: أن في عروقهم تجري دماء الآلهة، ودخول بولس إلي ساحة الأمم کان معولا آخر ضرب به تعاليم المسيح عليه السلام، وکان المسيح قد حدد ساحة بني إسرائيل دون غيرها لدعوته. وجاء في إنجيل متي أن امرأة کنعانية طلبت من المسيح أن يشفي ابنتها المجنونة، لکنه لم يجيبها بکلمة، وعندما قال له التلاميذ اصرفها لأنها تصيح وراءنا. أجابهم: لم أرسل إلا إلي خراف بيت إسرائيل الضالة، [1] وقال متي هنري في تفسيره أي



[ صفحه 201]



أنتم تعلمون أني لم أرسل إلا لهذه الغاية. وهذه المرأة ليست من خراف بيت إسرائيل. فهل ترضون بأن أتعدي حدود ارساليتي. [2] .

وترتب علي دخول بولس إلي الساحة الأممية. أن الحي النصراني الذي يشرف عليه بولس. امتص کثيرا من العقائد والثقافات الوثنية، ومع هذه الأحمال رتعت الأهواء التي تلبست بالدين وأغلقت باب التوبة، فلم يقف علي أبواب التوبة من هضم الوثنية ومن إعتقد بأن المسيح حرره من لعنة الناموس وأن المسيح عندما قام من بين الأموات صار إليه ولبس فيه، وفي امتصاص المسيحية للوثنية يقول ديورانت في قصة الحضارة: إن المسيحية لم تقض علي الوثنية بل تبنتها [3] بعد أن هضمت تقاليد العقل الوثني فکرة المسيح الإله [4] وقصاري القول: أن المسيحية کانت آخر شئ ابتدعه العالم الوثني القديم. [5] .

وعلي الساحة الوثنية تعددت الآراء لعدم استقرار الفطرة علي ما فطرها الله عليه، وانعقدت المجامع المسيحية للبحث عن ثوب يخفي العري المعيب، فکان مجمع نيقية (325 م) وتصدي المجتمعون فيه إلي عقيدة الوحدانية التي قال بها آريوس، وأقر المجمع عقيدة المسيح الإله، ثم جاء مجمع القسطنطينية (381 م) ليقر ألوهية الروح القدس، ثم مجمع أفسس (431 م) وأقر أن المسيح له طبيعة واحدة ومشيئة واحدة، ثم مجمع خلقيدونية (451 م) وأقر أن المسيح له طبيعتان ومشيئتان، وتوالت المجامع لتزيل الإشکال، فما يلبث الإشکال حتي يصير ألف إشکال.



[ صفحه 202]



لقد کانت فتنة. اجتمعت أطرافها عند عنوان: أرض الميعاد، وروي أن النبي الخاتم صلي الله عليه وآله وسلم قال وما صنعت فتنة منذ کانت الدنيا صغيرة ولا کبيرة إلا لفتنة الدجال. [6] .


پاورقي

[1] متي 15 / 25.

[2] متي هنري 27 / 1.

[3] قصة الحضارة / ديورانت مجلد 11، ب 27، ف 2، ص 276.

[4] المصدر السابق مجلد 11، ف 5، ب 28، ص 320.

[5] المصدر السابق مجلد 11، ف 2، ب 27، ص 276.

[6] رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح (الفتح الرباني 69 / 24).