المقدمات و النتائج الحقيقية
إن للتاريخ حرکة. ولمعرفة الحاضر معرفة حقيقية يجب التنقيب في أوراق الماضي. ثم ترتب المعلومات علي امتداد الرحلة لاستنتاج المجهولات، والذي فطرت العقول عليه هو أن تستعمل مقدمات حقيقية يقينية لاستنتاج المعلومات التصديقية الواقعية، فالحاضر لا يمکنه الوقوف علي حقيقة إلا بالرجوع القهقري. وبتحليل الحوادث التاريخية للحصول علي أصول القضايا وأعراقها. فعند الأصول تري النتيجة علي مرآة المقدمة، ولأن حرکة التاريخ علي صفحتها الصالح والطالح ويصنع أحداثها المحسن والمسئ. فلا بد من تحديد الدوائر والخطوط بدقة ليظهر أصحاب کل طريق، وظهور هؤلاء علي صفحة الحاضر لا يتحقق إلا بعرض حرکتهم في أحداث الماضي علي قاعدة العلم، ولأن التشريع الديني والتقنين الإلهي هو الذي بني علي علم فقط دون غيره، فلا بد من عرض الحرکة البشرية علي هذا التشريع والتقنين، فعلي قاعدة العلم تظهر حقيقة العمل، والقرآن الکريم قارن العلم بالعمل لتظهر الحقيقة عند المقدمة. ولا يحدث الالتباس أمام الباحث عند النتيجة.
ولکي تحصل علي الحقيقة فلا بد من النظر في المقدمة الأزلية
[ صفحه 8]
التي عندها بدأ الخلق، فعند هذه المقدمة نري العلم الذي عليه حددت الحرکة، وبعد النظر في المقدمة الأزلية نتدفق علي المسيرة البشرية، لنبحث عن استقامة الفکر والحرکة. وخلوصهما من شوائب الأوهام الحيوانية والإلقاءات الشيطانية.