کلام الشيخ النعماني
و قال الشيخ الاجل ابن ابي زينب محمد بن ابراهيم النعماني من أعلام القرن الرابع و التلميذ الخصيص بالشيخ الکليني صاحب کتاب الکافي قال في کتابه الغيبة في فصول ماروي في عيبة الامام المنتظر عليه السلام «هذه الروايات التي قد جاءت متواترة تشهد بصحة الغيبة و باختفاء العلم و المراد بالعلم الحجة للعالم و هي مشتملة علي أمر الائمة عليهم السلام للشيعة بدن يکونوا عيها علي ما کانوا عليه و لا يزولون و لا ينتقلون بل يثبتون و لا ينحولون و يکونون متوقعين لما و عدوا به وهم معذورون في أن لايروا حجتهم و امام زمانهم في أيام الغيبة و يضيق عليهم في کل
[ صفحه 36]
عصر و زمان قبله أن لا يعرفوه بعينه و اسمه و نسبه و محظور عليهم الفحص و الکشف عن صاحب الغيبة و المطالبة باسمه أو موضعه أو غيابه أو الاشادة بذکره فضلا عن المطالبة بمعاينة و قال لنا: اياکم و التنويه و کونوا علي ما أنتم عليه و اياکم و الشک.
فأهل الجهل الذين لاعلم لهم بما أتي عن الصادقين عليهم السلام من هذه الروايات الواردة للغيبة و صاحبها يطالبون بالارشاد الي شخصه و الدلاله علي موضعه و يقترحون اظهاره لهم و ينکرون غيبة لانهم بمعزل عن العلم و أهل المعرفة مسلمون لما امروا به ممتثلون له صابروان علي ما ندبوا الي الصبر عليه و قد أرقفهم العلم و الفقه مواقف الرضا عن الله و التصديق لاولياء الله و الامتثال لامرهم و الانتهاء عما نهو اعنه حذرون ما حذر الله في کتابه من مخالفة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و الائمة الذين هم في وجوب الطاعة بمنزلته لقوله، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم عذاب أليم و لقوله (اطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الامر منکم) و لقوله (و أطيعوا الله و اطيعوا الرسول و لحذروا فان توليتم فاعلموا انما علي رسولنا البلاغ المبين).
و في قوله في الحديث الرابع من هذا الفصل، حديق عبدالله بين سنان کيف أنتم اذا صرتم في حال لاترون فيها امام هدي و لا علما يري» دلالة علي ما جري و شهادة بما حدث من أمر السفراء الذين کانوا بين الامام عليه السلام و بين الشيعة من ارتفاع اعيانهم و انقطاع نظامهم لان السفير بين الامام في حال غيبة و بين شيعته هو العلم فلما تمت المحنة علي الخلق ارتفعت الاعلام و لا تري حتي يظهر صاحب الحق عليه السلام و وقعت الحيرة التي ذکرت و آذننايها اولياءالله. وصح أمر الغيبة الثانية التي يأتي شرحها و تأويلها فيما يأتي من الاحاديث بعد هذا الفصل نسأل الله أن يزيدنا بصيرة و هدي و يوفقنا لما يرضيه برحمته». [1] .
[ صفحه 37]
ثم انه قدس الله لطيفه روي في الفصل اللاحق عدة أحاديث في أن للقائم (عج) غيبتن نذکر نبذة منها قال بعد ذکر سنده الي ابراهيم بن عمر اليماني قال سمعت أباجعفر (الباقر) عليه السلام يقول ان لصاحب هذا الامر غيبتين و سمعته يقول لا يقوم القائم و لاحد في عنقه بيعة».
و روي يسنده الي ابي بصير قال قلت لابي عبدالله (الصادق) عليه السلام کان ابوجعفر عليه السلام يقول لقائم آل محمد غيبتان احداهما أطول من الاخري فقال: نعم و لايکون ذلک حتي يختلف سيف بني فلان و تضيق الحلقة و يظهر السفياني و يشتد البلاء و يشمل الناس موت و قتل يلجأون فيه الي حرم الله و حرم رسوله صلي الله عليه و اله و سلم.
و روي بسنده الي المفضل بن عمر قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول (ان لصاحب هذا الامر غيبتين يرجع في احداهما الي أهله و الاخري يقال هلک في أي واد سلک قلت کيف نصنع اذا کان ذلک قال ان ادعي مدع فاسألوه عن تلک العظائم التي يجيب فيها مثله».
ثم قال الشيخ النعماني [2] هذه الاحاديث التي يذکر فيها أن للقائم عليه السلام غيبتين أحاديث قد صحت عندنا بحمدالله و اوضح الله قول الائمة عليهم السلام و أظهر برهان صدقهم فيها فأما الغيبة الاولي فهي الغيبة التي کانت السفراء فيها بين الامام عليه السلام و بين التخلق قياما منصوبين ظاهرين موجودي الاشخاص و الاعيان يخرج علي أيديهم غوامض للعلم و عويص الحکم و الاجوبة عن کل ما کان يسأل عنه من المعضلات و المشکلات و هي الغيبة القصيرة التي انقضت أيامها و تصرمت مدتها و الغيبة الثانية هي التي ارتفع فيها أشخاص السفراء و الوسائط للامر الذي يريده الله تعالي و التدبير الذي يمضيه في الخلق و لوقوع النحيص و الامتحان و البلبلة و الغربلة و النصيفة علي من يدعي هذا الامر کما قال الله عزوجل «ما کان الله ليذر
[ صفحه 38]
المومنين علي ما أنتم عليه حتي يميز الخبيث من الطيب و ما کان الله ليطلعکم علي الغيب» و هذا زمان قد حضر جعلنا الله فيه من الثابتين علي الحق و ممن لايخرج في غربال الفتنة فهذا معني قولنا «له غيبتان» و نحن في الاخيرة نسأل الله أن يقرب فرج أوليائه منها و يجعلنا في حيز خيرته و جملة التابعين لصفوته».
و روي قدس سره بسنده في الباب الرابع عشر في العلامات التي تکون قبل قيامه عليه السلام بسنده عن أبي عبدالله عليه السلام انه قال «لايقوم القائم حتي يقوم اثناعشر رجلا کلهم يجمع علي قول أنهم قد رأوه فيکذبهم».
پاورقي
[1] الغيبة للنعماني ص161.
[2] المصدر السابق ص173.