بازگشت

من هم الابدال و الاوتاد استعراض ما ورد من الروايات و عموم مع


و لعل سؤالا يطرح و هو: أليس الابدال و الاوتاد علي درجة من القرب الي الناحية المقدسة، و لعل المقدمين منهم علي اتصال فيکف يلتئم ذلک مع انقطاع النيابة الخاصة؟

فالجواب يتضح من خلال استعراض ما ورد من الروايات في ذلک:

(منها) مارواه الصدوق (قده) باسناده عن ابي سعيد الخدري في وصية النبي صلي الله عليه لعلي عليه السلام قال: ياعلي عليک بالجماع ليلة الاثنين فانه ان قضي بينکما و لديکون حافظا لکتاب الله راضيا بما قسم الله عزوجل و ان جامعت أهلک....

(الي أن قال) صلي الله عليه و آله «و ان جامعتها في ليلة الجمعة بعد العشاء الاخرة فانه يرجي أن يکون الولد من الا بدال ان شاء الله» [1] و قد رواه الطبرسي في مکارم الاخلاق [2] .

(منها) مارواه الطبرسي (قده) عن الخالد بن الهيثم الفارسي قال: قلت لابي الحسن الرضا عليه السلام: ان الناس يزعمون أن في الارض أبدالا، فمن هولاء الابدال، قال: صدقوا، الابدال هم الاوصياء جعلهم الله عزوجل في الارض بدل الانبياء اذ رفع الانبياء و ختمهم محمد عليه السلام» [3] .

و قال المجلسي (قده) في بيان هذا الحديث «ظاهر الدعاء المروي من أم داود عن الصادق عليه السلام في النصف من رجب:

قال: اللهم صل علي محمد و آل محمد و ارحم محمد و آل محمد و بارک علي محمد و آل محمد کما صليت و رحمت و بارکت علي ابراهيم و آل ابراهيم انک



[ صفحه 135]



حميد مجيد اللهم صل علي الاوصياء و السعداء و الشهداء و أئمة الهدي اللهم صل علي الابدال و الاوتاد و السياح و العباد المخلصين و الزهاد و أهل الجد و الاجتهاد» الي آخر الدعاء يدل علي مغايرة الابدال للائمة عليهم السلام لکن ليس بصريح فيها فيمکن حمله علي التأکيد و يحتمل أن يکون المراد به في الدعاء خواص أصحاب الائمة عليهم السلام و الظاهر من الخبر نفي ما تفتريه الصوفية من العامة کما لا يخفي علي المتتبع العارف بمقاصدهم عليهم السلام.

)و منها(ما رواه الکليني عن الباقر عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله اني و اثني عشر [4] من ولدي و أنت ياعلي زرالارض يعني أوتادها و جبالها، بنا أوتدالله الارض أن تسيخ بأهلها، فاذا ذهب الاثناعشر من ولدي ساخت الارض بأهلها و لم ينظروا». [5] وهذه الرواية مطابقة في المضمون للروايه السابقة و لکن هذا المضمون لايعرض مادل علي أن الاوتاد و الابدال غير الائمة عليهم السلام و ذلک لامکان عموم معناهما غاية الامر أنه تشکيکي (متفاوت الافراد) ذو درجات الاعلي و الاشرف من أفراده هم الائمة عليهم السلام و لهم آثار تخصهم بخلاف بقية افراد و مصاديق ذلک المعني العام فان لهم آثار أفل شأنا.

و حکي الشيخ القمي في کتابه (سفينة البحار) في «عنوان قطب».

«ثم اعلم انه قال الکفعمي في حاشية مصباحة قيل ان الارض لاتخلو من القطب و اربعة أوتاد و أربعين بدلا و سبعين نجيبا و ثلاثمائة و ستين صالحا فالقطب هو المهدي صلوات الله عليه و لاتکون الاوتاد اقل من أربعة لان الدنيا کالخيمة و المهدي عليه السلام کالعمود و تلک الاربعة اطناب و قد تکون الاوتاد اکثر من اربعة و الابدال اکثر من اربعين و النجباء اکثر من سبعين و الصالحون اکثر من ثلاثمائة و ستين و الظاهر



[ صفحه 136]



أن الخضر و الياس عليهماالسلام من الاوتاد فهما ملاصقان لدائرة القطب.

و اما صفة الاوتاد فهم قوم لايغفلون عن ربهم طرقة عين و لا يجمعون من الدنيا الا البلاغ و لا نصدر منهم هفوات البشر و لا يشترط فيهم العصمة و شرط ذلک في القطب. و اما الابدل فدون هؤلاء في المرتبة و قد تصدر منهم الغفلة فيتدار کونها بالتذکر و لا يتعمدون ذنبا.

و اما النجباء فهم دون الابدال.

و اما الصالحون فهم المتقون الموصوفون بالعدالة و قد يصدر منهم الذنب فيتدار کونه بالاستغفار و الندم قال الله تعالي «ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذکروا فاذاهم مبصرون».

ثم ذکر انه اذا نقص واحد من أحد المراتب المذکورة وضع بدله من المرتبة الادني و اذا نقص من الصالحين وضع بدله من سائر الناس و الله العالم». [6] .

و حکي في عنوان الياس «روي الثعلبي عن رجل من أهل عسقلان انه کان يمشي بالاردن عتد نصف النهار فرأي الياس النبي فسأله کم من الانبياء احياء اليوم قال اربعة اثنان في الارض و اثنان في السماء ففي السماء عيسي و ادريس و في الارض الياس و اخضر قلت: کم الابدال قال ستون رجلا خمسون منهم من لدن عريش مصر الي شاطي ء القرات و رجلان بالمصيصة و رجل بعسقلان و سبعة في سائر البلاد کلما ذهب الله تعالي بواحد منهم جاء سبحانه بآخربهم يدفع الله عن الناس و بهم يمطروان.)و منها(ما في نهج البلاغة [7] من خطبه له عليه السلام في صفات المتقين «عبادالله ان من أحب عباد الله اليه عبد أعانه الله علي نفسه فاستشعر الحزن... الي أن قال



[ صفحه 137]



عليه السلام- قد أخلص لله فاستخلصه فهو من معادن دينه، و أوتاد أرضه».

و قال الشارح البحراني في ذيله:

کونه من أوتاد أرضه استعار له لفظ الوتد و وجه المشابهة کون کل منهما سببا لحفظ مايحفظ به فابالوتد يحفظ الموتود و بالعارف يحفظ نظام الارض و استقامة أمور هذا العالم».

و يشهد هذا المدلول لهذه الرواية لعموم المعني الذي ذکرناه سابقا و انه تشکيکي ذو درجات و أيضا يفسر مقام الابدال بأنه لهم نتيجة التقوي آثارا تکوينية مختلفة لا أن غير الائمة من الابدال له منصب شرعي و دين خاص و معين.

و يؤيد ذلک ماورد في قوله تعالي «و أما الجدار فکان لغلامين يتيمين في المدينة و کان تحته کنز لهما و کان أبوهما صالحا فأراد ربک أن يبلغا أشدهما و يستخرجا کنزهما رحمة من ربک» ماورد في ذيله عن الباقر و الصادق عليهماالسلام قالا: يحفظ الاطفال بصلاح آبائهم کما حفظ الله الغلامين بصلاح أبويهما.

و في رواية أخري ان الله تحفظ ولد المؤمن الي ألف سنة و ان الغلامين کان بينهما وبين أبيهما سبعمائة سنة.

و في رواية ثالثة ان الله ليفلح بفلاح الرجل المؤمن ولده و ولد ولده و يحفظه في دويريه و دويرات حوله فلا يزالون في حفظ الله لکرامته علي الله ثم ذکر الغلامين فقال عليه السلام: «و کان أبوهما صالحا» ألم تر أن الله شکر صلاح أبويهما لهما.

و في رواية رابعة أن النبي صلي الله عليه و آله قال ان الله ليخلف العبد الصالح من بعد موته في أهله و ماله و ان کان أهله أهل سوء ثم قرء الاية [8] .

و من هذا القبيل ماوري عن الباقر عليه السلام عن أبيه عن جده عن علي بن أبي



[ صفحه 138]



طالب عليهم السلام قال: ضاقت الارض بسبعة بهم ترزقون و بهم تنصرون و بهم تمطرون منهم سلمان الفارسي و المقداد و أبوذر و عمار و حذيفة (رحمة الله عليهم) و کان علي عليه السلام يقول و أنا امامهم و هم الذين صلوا علي فاطمة عليهاالسلام [9] أي ببرکتهم و يمنهم.

و في رواية أخري «قال عليه السلام: هولاء (المقداد و أبوذر و سلمان) هم الذين دارت عليهم الرحا و أبوا أن يبايعوا لابي بکر حتي جاوا بأميرالمومنين عليه السلام مکرها فبايع» [10] .

و بهذا التفسير وردت روايات (منها) مارواه المجلسي (قده) عن مصباح الشريعة أنه قال الصادق عليه السلام: التقوي علي ثلاثة أوجه: تقوي بالله في الله و هو ترک الحلال فضلا عن الشبهة و هو تقوي خاص الخاص.

و تقوي من الله و هو ترک الشبهات فضلا عن حرام و هو تقوي الخاص.

و تقوي من خوف النار و العقاب و هو ترک الحرام و هو تقوي العام.

و مثل التقوي کماء يجري في نهر و مثل هذه الطبقات الثلاث في معني التقوي کأشجار مغروسة علي حافة ذلک النهر من کل لون و جنس و کل شجرة منهما يستمص الماء من ذلک النهر علي قدر جوهره و طعمه و لطافته و کثافته ثم منافع الخلق من ذلک الاشجار و الثمار علي قدرها و قيمتها قال الله تعالي «صنوان و غير صنوان يسقي بماء واحد و يفضل بعضها علي بعض في الا کل» الاية.

فالتقوي للطاعات کالماء للاشجار و مثل طبايع الاشجار و الثمار في لونها و طمعها مثل مقادير الايمان فمن کان أعلي درجة في الايمان و أصفي جوهرا بالروح



[ صفحه 139]



کان أتقي و من کان أتقي عبادته أخلص و أطهر و من کان کذلک کان من الله أقرب.

و کل عبادة غير مؤسسة علي التقوي فهو هباء منثور قال الله عزوجل «أفمن أسس بنيانه علي تقوي من الله و رضوان خير أمن أسس بنيانه علي شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم» الاية و تفسير التقوي ترک ما ليس بأخذه بأس حذرا عما به بأس و هو في الحقيقة طاعة و ذکر بلا نسيان و علم بلا جهل مقبول غير مردود» [11] .

و روي الشيخ الحراني في (تحف العقول) أنه دخل علي الصادق عليه السلام رجل فقال: ممن الرجل؟ فقال: من محبيکم و مواليکم فقال له جعفر: لايحب الله عبدا حتي يتولاه حتي يوجب له الجنة ثم قال له: من أي محبينا أنت؟ فسکت الرجل؟

فقال له سدير: و کم محبوکم يا ابن رسول الله؟ فقال: علي ثلاث طبقات: طبقة أحبونا في العلانية و لم يحبونا في السر و طبقة يحبونا في السر و لم يحبونا في العلانية.

و طبقة يحبونا في السر و العلانية هم النمط الاعلي شربوا من العذب الفرات و علموا تأويل الکتاب و فصل الخطاب و سبب الاسباب فهم النمط الاعلي الفقر و الفاقة و أنواع البلاء أسرع اليهم من رکض الخيل مستهم البأساء و الضراء و زلزلوا و فتنوا فمن بين مجروح و مذبوح متفرقين في کل بلاد قاصية بهم يشفي الله السقيم و يغني العديم و بهم تنصرون و بهم تمطرون و بهم ترزقون و هم الاقلون عددا الاعظمون عند الله قدرا و خطرا» الحديث.

و روي الکليني عن الباقر عليه السلام قال: ان الله تعالي ليدفع بالمؤمن الواحد



[ صفحه 140]



عن القرية الفناء و قال لايصيب قرية عذاب و فيها سبعة مومنين [12] .

و روي الشيخ المجلسي في (البحار) عن کتاب زيد الزراد قال: قلب لابي عبدالله عليه السلام نخشي أن لانکون مؤمنين قال و لم ذاک قلت و ذلک انا لانجد فينا من يکون أخوة عنده آثر من درهمه و ديناره و نجد الدينار و الدرهم آثر عندنا من أخ قد جمع بيننا و بينه موالاة أميرالمومنين عليه السلام.

قال کلا انکم مؤمنون ولکن لا نکملون ايمانکم حتي يخرج قائمنا فعندها يجمع الله أحلامکم فتکونوا مؤمنين کاملين و لو لم يکن في الارض مؤمنون کاملون اذا لرفعنا الله اليه و أنکرتم الارض و أنکرتم السماء [13] بل و الذي نفسي بيده ان في الارض في أطرافها مؤمنين ما قدر الدنيا کلها عندهم تعدل جناح بعوضة.

ثم ذکر عليه السلام أوصافهم بنحو ما ذکر أميرالمومنين عليه السلام أوصاف المتقين في خطبة لهمام ثم قال عليه السلام و اشوقاه الي مجالستهم و محادثتهم يا کرباه لفقدهم و يا کشف کرباه لمجالستهم اطلبوهم فان وجدتموهم و اقتبستم من نورهم اهتديتم و فزتم بهم في الدنيا و الاخرة هم أعز في الناس من الکبريت الاحمر حليتهم طول السکوت و کتمان السر و الصلوة و الزکاة و الحج و الصوم و المواساة للاخوان في حال اليسر و العسر الخ الحديث [14] .

و من ذلک يظهر بوضوح أن الابدال و الاوتادهم الذين علي درجة من الايمان و ببرکتهم و يمنهم ينشر الله تعالي أنواع الخير علي أهل الارض و هم



[ صفحه 141]



أحب المؤمنين لدي المعصومين عليهم السلام و أرفعهم منزلة عندهم و کرامة، و لکن أين ذلک من جعل المنصب و النيابة الخاصة و الوساطة بين الامام المعصوم و بين سائر الناس.

نعم هم قدوة و امثال حية للمؤمن الکامل و المتقي الکريم علي الله تعالي و رسوله و الاوصياء صلوات الله عليهم.

و کم فرق بين الاهتداء بهم في طاعاتهم و ورعهم و تقواهم و بين الائتمار و الانتهاء لاقوالهم والسماع لاخبارهم عن المعصوم.

و هذا المقام للابدال و الاوتاد مفتوح بابه لمن أراد بأن يجاهد نفسه و هواه فقد روي الکليني عن الباقر عليه السلام أنه قال: ان اصحاب محمد صلي الله عليه و آله قالوا: يا رسول الله تخلف النفافاق قال: فقال: و لم تخافون ذلک؟ قالوا: اذا کنا عندک فذکرتنا و رغبتنا و جلنا و نسينا الدنيا وزهدنا کأنا نعاين الاخرة و الجنة و النار و نحن عندک فاذا خرجنا من عندک و دخلنا هذه البيوت و شممنا الاولاد و رأينا العيال و الاهل يکاد أن نحول عن الحال التي کنا عليها عندک و حتي کانا لم نکن علي شي ء؟ أفتخاف علينا ان يکون ذلک نفاقا؟ فقال لهم رسول الله صلي الله عليه و آله: کلا ان هذه خطوات الشيطان فيرغبکم في الدنيا و الله لوتدومون علي الحالة التي وصفتم أنفسکم بها لصافحتکم الملائکة و مشيتم علي الماء» الحديث [15] .

و هذا بخلاف مقام النيابة و السفارة فانه باختيار و ارادة من الامام المعصوم عليه السلام و يجدر التنبيه مع ذلک الي ماقاله الصادق عليه السلام الي أن الابدال و الکاملين هم أعز من الکبريت الاحمر أي أنهم في منتهي الندرة و القلة فکيف يعثر عليهم مع اخفاعهم لحالهم لکيلا يذهب خلوص نياتهم و لئلا يحصل لانفسهم الاغترار و غير ذلک من مفاسد الاشتهار.

و هذه من الشواهد علي اختلاف مقامهم لمقام النيابة و السفارة.



[ صفحه 142]




پاورقي

[1] الوسائل ج14 ب151 من ابواب مقدمات النکاح.

[2] ص211.

[3] الاحتجاج، ج2 ص231.

[4] و في الغيبة للطوسي ص92 «اني و أحدعشر من ولدي» و يمکن توجيه نسخة الکافي أي فاطمة ع و أحدعشر من ولدها أو يکون عطف و أنت من عطف الخاص علي العام حيث انه ع ربيب رسول الله ص.

[5] الکافي ج1 ص534.

[6] و قد ذکر السيد حيدر الاملي في المقدمات من کتاب نص النصوص ص155 في الشهيد الثالث بحث الاقطاب و الاوتاد و الابدال عند العرفاء و الصوفية.

[7] الخطبة (87).

[8] تفسيرالعياشي ج2 ص339 -337.

[9] رجال الکشي ح13.

[10] رجال الکشي ح12.

[11] البحار ج70 ص295.

[12] الکافي ج2 ص247.

[13] أي لانکرتم حالهما و أنکر الشي ء يقال عندما لايراه علي حاله السابق و هو کناية عن «لساخت الارص و السماء».

[14] البحار ج67 ص351.

[15] الکافي ج2 ص424.