في ثواب التمسک بالدين في الغيبة الکبري
في ثواب الثبات و التمسک بالدين في الغيبة الکبري و شدة المحنة.
روي الصدوق بسنده عن الجواد عن آبائه عن امير المومنين عليه السلام قال: للقائم منا غيبة أمدها طويل کأني الشيعة يجولون جولان النعم في غيبة يطلبون المرعي فلا يجدونه ألا فمن ثبت منهم علي دينه و لم يقس قلبه لطول امد غيبة امامه فهو معي في درجتي يوم القيامة ثم قال عليه السلام ان القائم منا اذا قام لم يکن لاحد في عنقه بيعة فلذلک تخفي ولادته و يغيب شخصه» [1] .
[ صفحه 120]
و روي عن الاصبغ بن نباته قال: ذکر عند أميرالمومين عليه السلام القائم عليه السلام فقال: أما ليغيبن حتي يقول الجاهل: مالله في آل محمد حاجة و في حديث آخر «بعد غيبة و حيرة فلا يثبت فيها علي دينه الا المخلصون المباشرون لروح اليقين الذين اخذ الله عزوجل ميثاقهم بولايتنا و کتب في قلوبهم الايمان و أيدهم بروح منه» [2] .
و روي توقيها من صاحب الزمان عليه السلام کان خرج الي العمري (النائب الاول) و ابنه (النائب الثاني في الغيبة الصغري) رضي الله عنهما عن سعد بن عبدالله قال الشيخ ابوعبدالله جعفر رضي الله عنه: وجدته مثبتا عنه رحمه الله «وفقکما الله لطاعته و ثبتکما علي دينه و أسعدکما بمرضاته انتهي الينا ما ذکرتما أن الميثمي اخترکما عن المختار و مناظراته من لقي و احتجاجه بأنه لاخلف غير جعفر بن علي [3] و تصديقه اياه و فهمت جميع ما کتبتما به مما قال أصحابکما عنه و أنا أعوذ بالله من العمي بعد الجلاء و من الضلالة بعد الهدي و من موبقات الاعمال و مرديات الفتن فانه عزوجل يقول «ألم أحسب الناس أن يترکوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون»
کيف يتساقطون في الفتنة، و يترددون في الحيرة و يأخذون يمينا و شمالا فارقوا دينهم أم ارتابوا أم عاندوا الحق أم جهلوا ماجاءت به الروايات الصادقة و الاخبار الصحيحة أو علموا ذلک فتناسوا ما يعلمون ان الارض لاتخلو من حجة اما ظاهرا و اما مغمورا.
أولم يعلموا انتظام ائمتهم بعد نبيهم صلي الله عليه و آله واحد بعد واحد الي أن أفضي الامر بأمر الله عزوجل الي الماضي -يعني الحسن بن علي عليهماالسلام- فقام مقام آبائه عليه السلام يهدي الي الحق و الي طريق مستقيم کانوا نورا ساطعا و شهابا لامعا و قمرا زاهرا ثم اختار الله
[ صفحه 121]
عزوجل له ما عنده فمضي علي منهاج آبائه عليهم السلام حذو النعل بالنعل علي عهد عهده و وصية أوصي بها الي وصي ستره الله عزوجل بأمره الي غاية و أخفي مکانه بمشيئة للقضاء السابق و لاقدر النافذ و فينا موضعه و لنا فضله و لو قد اذن الله عزوجل فيما قد منعه عنه و أزال عنه ما قد جري به من حکمه لاراهم الحق ظاهرا بأحسن حلية و أبين دلالة و أوضح علامة و ابان عن نفسه و قام بحجته.
ولکن أقدار الله عزوجل لاتغالب و ارادته لاترد و توفيقه لايسبق فليدعوا عنهم اتباع الهوي و ليقيموا علي أصلهم الذي کانوا عليه و لايبحثوا عما ستر عنهم فيأثموا و لا يکشفوا ستر الله عزوجل فيندموا و ليعلموا أن الحق معنا و فينا لايقول ذلک سوانا الا کذاب مفتر و لايدعيه غيرنا الاضال غوي فليقتصروا منا علي هذه الجملة دون التفسير و يقنعوا من ذلک بالتعريض دون التصريح ان شاء الله». [4] .
و روي بسنده عن ابي عبدالله عليه السلام قال: من مات منکم علي هذا الامر منتظرا له کان کمن کان في فسطاط القائم عليه السلام» [5] .
و روي عن عبدالحميد الواسطي أنه سئل الباقر عليه السلام قال قلت: فان مات قبل أن ادرک القائم؟ قال: القائل منکم أن لو أدرکت قائم آل محمد نصرته کان کالمقارع بين يديه بسيفه، لابل کالشهيد معه».
و روي عن ابي الحسن عن آبائه عليه السلام أن رسول الله صلي الله عليه و آله قال: أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج من الله عزوجل» [6] .
و روي عن الصادق عليه السلام «ما أحسن الصبر و النتظار الفرج أما سمعت قول الله عزوجل «و ارتقبوا اني معکم رقيب» «فانتظروا اني معکم من المنتظرين» فعليکم
[ صفحه 122]
بالصبر فانه انما يجي ء الفرج علي اليأس فقد کان الذين من قبلکم أصبر منکم» «المنتظر لامرنا کالمتشحط بدمه في سبيل الله» [7] .
و روي بسنده عن عمار الساباطي قال قلت لابي عبدالله عليه السلام: العبادة مع الامام منکم المستتر في دولة الباطل أفضل أم العبادة في ظهور الحق و دولته مع الامام الظاهر منکم، فقال: يا عمار الصدقة و الله في السر افضل من الصدقة في العلانية و کذلک عبادتکم في السر في دولة الباطل افضل لخوفکم من عدوکم في دولة الباطل و حال الهدنة ممن يعبدالله عزوجل في ظهور الحق مع الامام الظاهر في دولة الحق و ليس العبادة مع الخوف و في دولة الباطل مثل العبادة مع الامن في دولة الحق.
اعلموا أن من صلي منکم صلاة فريضة و حدانا مستترا بها من عدوه في وقتها فأتمها کتب الله عزوجل له بها خمسا و عشرين صلاة فريضة و حدانية و من صلي منکم صلاة نافلة في وقتها فأئمها کتب الله عزوجل له بها عشر صلوات نوافل، و من عمل منکم حسنة کتب الله له بها عشرين حسنة و يضاعف الله حسنات المؤمن منکم اذا أحسن اعماله ودان الله عزوجل بالتقية علي دينه و علي امامه و علي نفسه و أمسک من لسانه أضعافا مضاعفة کثيرة ان الله عزوجل کريم.
قال فقلت: جعلت فداک قد رغبتني في العمل و حثثتني عليه ولکن احب أن أعلم کيف صرنا اليوم أفضل أعمالا من أصحاب الامام منکم الظاهر في دولة الحق و نحن و هم علي دين واحد و هو دين الله عزوجل؟
فقال: انکم سبقتموهم الي الدخول في دين الله عزوجل و الي الصلاة و الصوم و الحج و لي کل فقه و خير و الي عبادة الله سرا مع عدوکم مع الامام المستتر مطيعون له صابرون معه منتظرون لدولة الحق خائفون علي امامکم و انفسکم من
[ صفحه 123]
الملوک تنظرون الي حق امامکم و حقکم في أيدي الظلمة قد منعوکم ذلک و اضطروکم الي حرث الدنيا و طلب المعاشي مع الصبر في دينکم و عبادتکم و طاعة امامکم و الخوف من عدوکم فبذلک ضاعف الله أعمالکم فهنيئا لکم هنيئا
قال فقلت له: جعلت فداک فما نتمني اذا أن نکون من أصحاب الامام القائم في ظهور الحق و نحن اليوم في امامتک و طاعتک افضل أعمالا من اعمال أصحاب دوله الحق؟ فقال سبحان الله! أما تحبون أن يظهر الله عزوجل الحق و العدل في البلاد، و يحسن حال عامة العباد و يجمع الله الکلمة و يؤلف بين قلوب مختلفة و لا يعصي الله عزوجل في أرضه و يقام حدود الله في خلقه و يردالله الحق الي اهله فيظهروه حتي لايستخفي بشي ء من الحق مخافة أحد من الخلق، أما والله يا عمار لايموت منکم ميت علي الحال التي انتم عليها الا کان افضل عندالله عزوجل من کثير ممن شهد بدرا و أحدا فأبشروا» [8] .
و روي عن الصادق عليه السلام «المنتظر للثاني عشر کالشاهر سيفه بين يدي رسول الله صلي الله عليه و آله يذب عنه هو (الامام الثاني عشر) المفرج للکرب عن شيعته بعد ضنک شديد و بلاء طويل و جور فطوبي لمن أدرک ذلک الزمان» [9] .
و روي الکليني بسنده عن يمان التمار قال: کنا عند ابي عبدالله عليه السلام جلوسا فقال لنا ان لصاحب هذا الامر غيبة المتمسک فيها بدينه کالخارط للقتاد -ثم قال هکذا بيده- [10] -فأيکم يمسک شوک القتاد بيده- ثم اطرق مليا ثم قال: ان لصاحب هذا الامر غيبة، فليتق الله عبدو ليتمسک بدينه [11] .
[ صفحه 124]
و روي عن الکاظم عليه السلام انه قال: اذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانکم لايزيلکم عنها أحد يابني انه لابد لصاحب هذا الامر من غيبة حتي يرجع عن هذا الامر من کان يقول به، انما هي محنة من الله عزوجل امتحن بها خلقه، لو علم أبائکم و أجدادکم دينا أصح من هذا لاتبعوه» [12] .
اقول المقصود من ذيل الرواية ليس التقليد للاباء و الاجداد بل هو التنبيه الي أن من الاباء و الاجداد من کان همه وسعيه في البحث عن الحق و الدين الصحيح و اختيار مثلهم لهذا الدين يکون مؤشر لصحة هذا الدين و ليس ذلک دعوة للتقليد کما قد يتوهم.
و روي أنه سئل سائل الصادق عليه السلام قال قلت اذا أصبحت و أمسيت لا أري اماما أئتم به ما أصنع؟ قال: فأحب من کنت تحب و ابعض من کنت تغض حتي يظهره الله عزوجل» [13] .
و روي النعماني في کتاب الغيبة عن الصادق عليه السلام أنه قال «أقرب مايکون العباد من الله عزوجل و أرضي مايکون عنهم اذا افتقدوا حجة الله جل و عز و لم يظهر لهم و لم يعلموا بمکانه و هم في ذلک يعلمون أنه لم تبطل حجةالله جل ذکره و لا ميثاقه فعندها فتوقعوا العرج صباحا و مساءا فان اشد ما يکون غضب الله عزوجل علي اعدائه اذا افتقدوا حجةالله فلم يظهر لهم و قد علم الله أن أولياءه [14] لا يرتابون و لو علم أنهم يرتابون ما غيب حجته عنهم طرفة عين و لا يکون ذلک الاعلي رأس شرار الناس» [15] .
[ صفحه 125]
و روي عن أبي جعفر (الباقر) عليه السلام أنه قال: لتمحصن يا شيعة آل محمد تمحيص الکحل في العين و ان صاحب العين يدري متي يقع الکحل في عينه و لا يعلم متي يخرج منها، و کذلک يصبح الرجل علي شريعة من أمرنا و يمسي و قد خرج منها و يمسي علي شريعة من أمرنا، و يصبح و قد خرج منها» و روي عن الصادق عليه السلام انه قال «و الله لتکسرن تکسر الزجاج و ان الزجاج ليعاد فيعود کما کان و الله لتکسرن تکسر الفخار ليتکسر فلا يعود کما کان و والله لتغربلن و والله لتميزن و والله لتمحصن حتي لايبقي منکم الا الاقل و صعر کفه» [16] .
ثم قال النعماني «فتبينوا يا معشر الشيعة هذه الاحاديث المروية عن أمير المؤمنين و من بعده من الائمة عليهم السلام و احذروا ما خذروکم و تأملوا ما جاء عنهم تأملا شافيا، و فکروا فيها فکرا تنعمونه، فلم يکن في التحذير شي ء أبلغ من قولهم «ان الرجل يصبح علي شريعة من أمرنا و يمسي و قد خرج منها و يمسي علي شريعة من أمرنا و يصبح و قد خرج منها» أليس هذا دليلا علي الخروج من نظام الامامة و ترک ما کان يعتقد منها علي غير طريق.
و في قوله «لتکسرن تکسر الزجاج.... الخ» فضرب ذلک مثلا لمن يکون علي مذهب الامامية فيعدل عنه الي غيره بالفتنة التي تعرض له ثم تلحقه السعادة بنظرة من الله فتبين له ظلمة ما دخل فيه و صفاء ماخرج منه فيبادر قبل موت بالتوبة و الرجوع الي الحق فيتوب الله عليه و يعيده الي حاله في الهدي کالزجاج الذي يعاد بعد نکسره فيعود کما کان، و لمن يکون علي هذا الامر فيخرج عنه و يتم علي الشقاء بأن يدرکه الموت و هو علي ما هو عليه غير تائب منه و لا عائد الي الحق فيکون مثله کمثل الفخار الذي يکسر فلايعاد الي حاله لانه لا توبة له بعد الموت
[ صفحه 126]
و لا في ساعته، نسأل الثبات علي مامن به علينا و أن يزيد في احسانه فانما نحن له و منه انتهي [17] .
و روي عن الکاظم عليه السلام انه قال «مايکون ذلک (أي ظهور الحجة (عج) حتي تميزوا و تمحصوا و حتي لايبقي منکم الا الاقل ثم صعر کفه» و عن الرضا عليه السلام «و الله لايکون ماتمدون اليه أعينکم حتي تمحصوا و تميزوا و حتي لايبقي منکم الا الاندر فالاندر و في روية أخري «حتي يشقي من شقي و يسعد من سعد» [18] .
هذا و الروايات في هذا المجال کثيرة جدا تطلب من مظانها.
پاورقي
[1] اکمال الدين ص303.
[2] نفس المصدر ص304 - 303.
[3] أي لاخلف في الامامة بعد العسکري غير جعفر الذي کان يدعي بالکذاب.
[4] اکمال الدين ص510.
[5] اکمال الدين ص644.
[6] اکمال الدين ص644.
[7] اکمال الدين ص645.
[8] اکمال الدين ص646.
[9] اکمال الدين ص647.
[10] اي اشار بيده، و الخارط من يضرب بيده علي اعلي الغصن ثم يمدها الي الاسفل ليسقط ورقه و القتاد شجر له شوک.
[11] الکافي ج1 ص335.
[12] الکافي ج1 ص336.
[13] المصدر السابق ص342.
[14] اي الذين کتب لهم الايمان في قلوبهم و أخذ عليهم ميثاق الولاية للائمة (ع) في غابر علم الله تعالي.
[15] الغيبة للنعماني ص162.
[16] صعر کفه أي أمالها تهاونا بالناس أي الذين جناح البعوضة أرجح من التزامهم بالدين.
[17] المصدر السابق ص207.
[18] المصدر السابق ص208.