بازگشت

نيابة الفقهاء


قد عرفت انقطاع النيابة الخاصة و السفارة ولکن ليس ذلک يعني بقاء المومنين و المکلفين همج رعاء بل قد نصب الائمة عليهم السلام و اما زماننا (عج) لهم من يرجعون اليه في کل ماينزل بهم من الحوادث و الوقائع و في تعلم الاحکام الشرعية و فصل الخصومات و استيفاء الحقوق و غيرها من حاجاتهم الدينية.



[ صفحه 47]



و هو الفقيه الجامع لشرائط معينة کالعلم بالاحکام الشرعية من الکتاب و السنة و هي الروايات المعتبرة المأثورة عن المعصومين عليهم الصلاة و السلام، و کالعدالة و التقوي و غيرها من الشروط.

فقد قال الصادق عليه السلام «من کان منکم ممن قد روي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحکامنا فليرضوا به حکما فاني قد جعلته عليکم حاکما فاذا حکم بحکمنا فلم يقبل منه فانما استخف بحکم الله و علينا رد و الراد علينا الراد علي الله و هو علي حد الشرک بالله» [1] .

و قال عليه السلام «اجعلوا بينکم رجلا قد عرف حلالنا و حرامنا فاني قد جعلته عليکم قاضيا و اياکم أن يخاصم بعضکم بعضا الي السلطان الجائر» [2] .

و روي الشيخ الصدوق في کتاب اکمال الدين و تمام النعمة عن محمد بن محمد بن عصام عن محمد بن يعقوب (الشيخ الکليني) عن اسحاق بن يعقوب قال: سألت فيه عن مسائل اشکلت علي فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه السلام: أما ما سألت عنه أرشدک الله و ثبتک الي أن قال و أما محمد ابن عثمان العمري فرضي الله عنه و عن أبيه من قبل فانه ثقتي و کتابه کتابي».

و روي هذا الحديث الشيخ الطوسي في کتاب الغيبة عن جماعة عن جعفر ابن محمد بن قولويه (صاحب کتاب کامل الزيارات و استاذ الشيخ المفيد الذي



[ صفحه 48]



قال المفيد عنه افقه أهل زمانه) و ابوغالب الزراري (من أحفاد زرارة بن أعين و من شيوخ الطائفة الاجلاء) و غيرهما کلهم عن محمد بن يعقوب (الشيخ الکليني) و رواه أيضا الشيخ الطبرسي في کتاب الاحتجاج.

و روي الطبرسي في کتاب الاحتجاج عن الحجة (عج) «فأما من کان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا علي هواه مطيعا لامر فللعوام أن يقلدوه و ذلک لايکون الا بعض فقهاء الشيعة لاکلهم فان من رکب من القبايح و الفواحش مراکب علماء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا و لا کرامة».

و روي الکشي [3] في کتاب الرجال بسنده عن اسماعيل بن جابر عن أبي عبدالله (الصادق) عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يحمل هذا الدين في کل قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين و تحريف الغالين و انتحال الجاهلين کما ينفي الکبر خبث الحديد.

و روي بسنده الي أحمد بن حاتم بن ماهويه قال: کتبت اليه يعني أبا الحسن الثالث (الهادي) عليه السلام، أسأله عمن آخذ معالم ديني و کتب أخوه أيضا بذلک فکتب اليهما: فهمت ما ذکرتما فاصمدا في دينکما علي کل مسن في حبنا و کل کثير القدم في أمرنا فانهما کافو کما انشاءالله تعالي).

و روي الطبرسي في کتاب الاحتجاج عن أبي جعفر الباقر عليه السلام لنه قال «فنحن القري التي بارک الله فيها و ذلک قول الله عزوجل فمن أقر بفضلنا حيث امرهم بأن يأنونا فقال «و جعلنا بينهم و بين القري التي بارکنا فيها» أي جعلنا بينهم و بين شيعتهم القري التي بارکنا فيها قري ظاهرة و القري الظاهرة الرسل [4] و النقلة عنا الي شيعنا و فقهاء شيعتنا الي شيعتنا و قوله تعالي «و قدرنا فيها السير» فاسير مثل



[ صفحه 49]



للعلم سير به ليالي و اياما مثل لما يسير من العلم في الليالي و الايام عنا اليهم في الحلال و الحرام و الفرايض و الاحکام آمنين فيها اذا أخذوا منه آمنين من الشک و الظلال و النقلة من الحرام الي الحلال لانهم أخذوا العلم ممن وجب لهم أخذهم اياه عنهم بالمرفة «الحديث».

و روي البرقي في کتاب المحاسن عن ابيه عن النضر بن سويد عن يحيي بن عمران الحلبي عن عبدالله بن مسکان عن ابي بصير [5] قال قلت لابي عبدالله الصادق عليه السلام: أرأيت الراد علي هذا الامر کالراد عليکم فقال: يا أبا محمد من رد عليک هذا الامر فهو کالراد علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

هذا مع أن بيان الاحکام الشرعية وجوبه علي الفقيه کان منذ صدر الشريعة قال تعالي «لولا نفر من کل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم بحذرون» (التوبة:122) فأوجب علي الطائفة المتفقهة في الدين الانذار کما أوجب علي غيرهم من عامة الناس قبول قولهم في بيان الاحکام الشرعية و هو يستفاذ من الاية الشريفة حيث أن حذر الناس بعد الانذار مطلوب وراجح بدلالة و لايترتب الحذر الا عند وجوب قبول ما أنذروا به.

و لهذا کانت طوائف تلو الاخري تنهال علي الرسول صلي الله عليه و آله و سلم ثم علي الائمة المعصومين عليهم السلام من بعده للتفقه و معرفة الفرائض و السنن و الاداب و ارکان لعقيدة و الايمان.

ثم تذهب تلک الطوائف و تنشر و تبين ذلک لعامة الناس و هذا مما يقتضيه طبيعة



[ صفحه 50]



النظام البشري حيث أنه ليس من الممکن عادة أن ينهال کل المکلفين و الناس بأجمعهم علي الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و علي المعصومين عليهم السلام بالسوال عن معالم دينهم فهذا الممشي و السلوک عند العقلاء دأبوا عليه و أقره الشرع المقدس في نشر الاحکام.

و قد روي عبدالمومن الانصاري عن ابي عبدالله (الصادق) عليه السلام «قول الله عزوجل «فلولا نفر من کل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يرجعون» فأمرهم أن ينفروا الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيتعلموا ثم يرجعوا الي قومهم فيعلموهم الحديث» [6] .

و روي النجاشي في کتابه الرجال عن الباقر عليه السلام أنه قال لابان بن تغلب و هو أحد الفقهاء من تلامذته «اجلس في مسحد المدينة و افت الناس فاني أحب أن يري في شيعتي مثلث».

و سأل عبدالعزيز بن المهتدي الرضا عليه السلام قال قلت: لا اکله أصل اليک أسألک عن کل ما احتاج اليه من معالم ديني أفيونس بن عبدالرحمن ثقة آخذ منه ما احتاج اليه من معالم ديني؟ فقال: نعم» [7] و کذلک سأل علي بن المسيب الهمداني قال قلت للرضا عليه السلام: شقتي بعيدة و لست أصل اليک في کل وقت فممن آخذ معالم ديني؟ قال: من زکريا بن آدم القمي المأمون علي الدين و الدنيا» [8] .

و سأل عبدالله بن أبي يعفور قال قلت لابي عبدالله (الصادق) عليه السلام انه ليس کل ساء ألقاک و لايمکن القدوم و يجي ء الرجل من أصحابنا فيسألني و ليس عندي کل ما يسألني عنه فقال: مايمنعک من محمد بن مسلم الثقفي فانه سمع من أبي و کان عنده وجيها» [9] .

و سأل شعيب العقرقوفي قال قلت لابي عبدالله عليه السلام: ربما احتجنا أن نسأل



[ صفحه 51]



عن الشي ء فمن نسأل؟ قال: عليک بالاسدي يعني أبابصير عليه السلام و الاخبار المشتملة علي ارجاح الناس الي تالمذتهم عليهم السلام کثيرة و من هنا حث الائمة المعصومين عليهم السلام علي التفقه في الدين و حفظ الروايات المأئورة عنهم و بينوا فضل ذلک.

فقد روي الصدوق قال: قال علي عليه السلام قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: اللهم ارحم خلفائي ثلاثا قيل يا رسول الله و من خلفاوک قال: الذين يأتون بعدي يروون حديثي و سنتي».

و روي الکشي عن جميل بن دراج قال: سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول: بشر المخبتين بالجنة: يريد بن معاوية العجلي و أبو بصير ليث ابن البختري المرادي و محمد بن مسلم وزرارة أربعة نجباء امناء الله علي حلاله و حرامه و لولا هولاء انقطفت آثار النبوة واندرست.

و روي الکشي عن جميل بن دراج قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: بشر المختبين بالجنة: يريد بن معاوية العجلي و أبوبصير ليث ابن البختري المرادي و محمد بن مسلم وزرارة أربعة نجباء امناء الله علي حلاله و حرامه و لولا هولاء انقطعت آثار النبوة واندرست.

و روي عن ابي بصير أن أباعبدالله (الصادق) عليه السلام قال له في حديث: لولا زرارة و نظراوه لظنتت أن أحاديث أبي عليه السلام ستذهب».

و في رواية اخري عن الصادق عليه السلام «قال: أحب الناس الي أحياء و أمواتا أربعة: بريد بن معاوية العجلي وزرارة و محمد بن مسلم و الاحوال و هم أحب الناس الي أحياء و أمواتا» و هولاء الاربعة کانوا من افقه أصحابه و أصحاب الباقر عليه السلام.

و روي سليمان خالد عن الصادق عليه السلام انه قال: ما أجد أحدا أحبي ذکرنا و أحاديث ابي عليه السلام الا زرارة و أبوبصير ليث المرادي و محمد بن مسلم و بريد بن معاوية العجلي و لولا هولاء ما کان أحد يستنبظ هذا، هولاء حفاظ الدين و امناء أبي عليه السلام علي حلال الله و حرامه و هم السابقون الينا في الدنيا و السابقون الينا في الاخرة.

و روي جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام انه ذکر أقواما و قال کان أبي عليه السلام



[ صفحه 52]



ائنمنهم علي حلال الله و حرامه و کانوا عيبة [10] علمه، و کذلک اليوم هم عندي مستودع سري و أصحاب ابي حقا اذا أراد الله بأهل الارض سوء صرف بهم عنهم السوء، هم نجوم شيعتي أحياء و أمواتا هم الذين أحيوا و أمواتا هم الذين أحيوا ذکر أبي عليه السلام، بهم يکشف الله کل بدعة، ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين و تأويل الغالين ثم بکي؟ فقلت: من هم فقال: من عليهم صلوات الله و عليهم رحمته احياء و أمواتا: بريد العجلي و أبوبصير و زرارة و محمد بن مسلم.

و عن الصادق عليه السلام قال: اعرفوا منازل الرجال منا علي قدر رواياتهم عنا.

و عنه عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم طلب العلم فريضة علي کل مسلم، ألا ان الله يحب بغاة العلم.

و عنه عليه السلام قال: عليکم بالتفقه في دين الله و لا تکونوا أعرابا [11] فانه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله اليه يوم القيامة و لم يزک له عملا.

و قال عليه السلام: ان العلماء ورثة الانبياء و ذاک أن الانبياء لم يورثوا درهما و لا دينار و انما أورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن اخذ بشي ء منها فقد أخذ حظا وافرا فانظروا علمکم هذا عمن تأخذونه فان فينا أهل البيت في کل خلف عدو لا ينفون عنه تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين».

و قال عليه السلام: اذا أرادالله بعيد خير أفقهه في الدين، و من علم باب هدي فله مثل أجر من عمل به و لاينقص اولئک من اجورهم شيئا و من علم باب ضلال کان عليه مثل أوزار من عمل به و لا ينقص اولئک من أوزارهم شيئا.

و قال عليه السلام «احتفظوا بکتبکم فانکم صوف تحتاجون اليها و قال للمفضل بن



[ صفحه 53]



عمر: اکتب و بث علمک في اخوانک فان مت فأورث کبتک بنيک فانه يأني علي الناس زمان هرج لايأنسون الا يکتبهم.

و الاحاديث في هذا المجال کثيرة جدا لا يسع المقام ذکرها.

والسر في هذا الحث الشديد هو أن الفثهاء حصون الاسلام يدفعون عنه يدع الباطل و دعاته و کذب المفترين کما تقدم في الروايات.

و قال الکاظم عليه السلام: اذا مات المومن يکت عليه الملائکة و بقاع الارض التي کان يعبد الله عليها و أبواب السماء التي کان يصعد فيها بأعماله و ثلم في الاسلام ثلمة لايسدها شي ء لان المومنين الفقهاء حصون الاسلام کحصن سور المدينة لها.

و قال الصادق عليه السلام: مامن أحد يموت من المومنين أحب الي ابليس من موت فقيه».

و قال عليه السلام: ان أبي کان يقول: ان الله عزوجل لايبقض العلم بعد ما يهبطه ولکن يموت العالم فيذهب بما يعلم فتليهم الجقاة [12] فيضلون و يضلون و لاخبر في شي ء ليس له أصل.


پاورقي

[1] کما في کتاب الکافي للشيخ الکليني قده ج1 ص67 و ج7 ص412 و کتاب من لايحضره الفقيه للشيخ الصدوق ج3 ص5 و کتاب التهذيب للشيخ الطوسي ج6 ص301 و کتاب الاحتجاج للطبرسي ص194.

[2] کتاب التهذيب للطوسي ج6 ص303.

[3] رجال الکشي ص5 باب شرطة الخميس.

[4] الاحتجاج ج2 ص63.

[5] و سند الراوية کله من و جهاء الرواة و اجلاءهم الفقهاء و لا تخفي منزلة أبي بصير ليث المرادي في الوثاقة و الفقاهة و هو أحد الفقهاء الاربعة اللذين قال عنهم الصادق عليه السلام «أربعة نجياء امناء الله علي حلاله و حرامه لولا هولاء انقطعت آثار النبوة و اندرست».

[6] معاني الاخبار ص157 وسائل الشيعة أبواب صفات القاضي ب11 ح10.

[7] کتاب وسائل الشيعة ج18 أبواب صفات القاضي ب11 ح 43 و 27.

[8] کتاب وسائل الشيعة ج18 أبواب صفات القاضي ب11 ح 43 و 27.

[9] کتاب وسائل الشيعة ج18 أبواب صفات القاضي ب11 ح 43 و 27.

[10] أي صندوق و خزانة عليه.

[11] أي أهل البادية الجاهلين باحکام الدين.

[12] أي أهل النفوس الغليظة و القلوب القاسية التي ليست قابلة لاکتساب العلم و الکمال.