بازگشت

في الفرق بين السحر و المعجزة و الکرامة


لما کان طريق اثبات النبوة هي المعجزة التي هي من قبل الله تعالي و هي تفترق عن السحر کان من اللازم معرفة کل منهما بنحو عميق و دقيق کي لايلتبس الامر و يعلم المحق من المبطل و الصادق من الکاذب، سئل ابن اسکيت الرضا عليه السلام بعد مابين له علل و وجه معجزات الانبياء فما الحجة علي الخلق اليوم فقال عليه السلام العقل تعرف به الصادق علي الله فتصدقه و الکاذب علي الله فتکذبه فقال ابن السکيت: هذا و الله الجواب [1] و سئل ابابصير الصادق عليه السلام: الاي علة أعطي الله عزوجل انبياوه و رسله و أعطاکم المعجزة فقال: ليکون دليلا علي صدق من أتي به و المعجزة علامة لله لايعطيها الاانبياءه و رسله و حججه ليعرف به صدق الصادق من کذب الکاذب [2] .

قال المحقق الطوسي [3] في التجريد «و طريق معرفة صرقه (النبي عليه السلام)



[ صفحه 7]



ظهور المعجزة علي يده و هم ثبوت ماليس بمعتاد أو نفي ما هو معتاد مع خرق العدة و مطابقه الدعوي»

و قال العلامة الحلي [4] في شرحه للتجريد في ذبل العبارة «الثبوت و النفي سواء في الاعجاز فانه لافرق بين قلب العصاء حية و بين منع القادر عن رفع اضعف الاشياء و شرطنا خرق العادة لان فعل المعتاد و نفيه لايدل علي اصدب و قلنا مع مطابقة الدعوي لان من يدعي النبوة و يسند معجزته الي ابراء الاعمي فيحصل له الصمم مع عدم برء الاعمي لايکون صادق.

و لابد في المعجزة من شروط احدها: ان يعجز عن مثله أو عما يقاربه الامة المبعوث ليها. الثاني: ان يکون من قبل الله تعالي أو بامره. الثالث: ان يحدث عقيب دعوي المدعي للنبوة أو جاريا مجري ذلک و نعني بالجاري مجري ذلک أن يظهر دعوة النبي في زمانه... الخامس أن يکون خارق للعادة»

و قال المحقق الطوسي في التجريد أيضا «المسئلة الخامسة في الکرامات: و قصة مريم و غيرها تعطي جواز ظهروها علي الصالحين» و قال العلامة الحلي في شرحه للعبارة «استدل المصنف (قده) بقصة مريم فانها تدل علي ظهور معجزات عليها و غيرها مثل قصة آصف و کالاخبار المتواترة المنقولة عن علي و غيره من الائمة عليهم السلام»

و قال المحقق الطوسي بعد ذلک «ولايلزم خروجه عن الاعجاز و لا النفور و لا عدم التميز و لا ابطال دلالته و لا العمومية»

و قال العلامة في شرحه «أن المعجزة مع الدعوي مختص بالنبي عليه السلام



[ صفحه 8]



فاذاظهرت المعجزة علي شخص قاما ان يدعي النبوة أولا فان ادعاها علمنا صدقه اذ اظهار المعجزة علي يد الکاذب قبيح عقلا و ان ام يدع النبوة لم يحکم بنوته فالحاصل أن المعجزة لاتدل علي النلوة ابتداء به تدل علي صدق الدعوي فان تضمنت الدعوي النبوة دلت المعجزة علي تصديق المدعي في دعواه و لايلزم اظهار المعجزة علي کل صادق اذ نحن انما نجوز اظهارها علي مدعي النبوة أو الصالح اکراما لهما و تعظيما و ذلک لايحصل لکل مخبر بصدق و ان امتياز النبي عليه السلام يحصل بالمعجزة و اقتران دعوي النبوة و هذا شي ء يختص به دون غيره و لا يلزم مشارکة غيره له في المعجز مشارکته له في کل شي ء و کما لايلزم الاهانة انحطاط مرتبة الاعجاز مع ظهور المعجز علي جماعة من الانبياء کذا لايلزم الاهانة مع ظهوره علي الصالحين»

و قال المحقق القمي [5] (قده) في رسالة اصول الدين «الامام يعرف بالمعجزة فکل من ادعي الامامة و أني بالمعجزة فانما تدل علي صدقه مثل مامضي في بعث النبوة»

و قال العلامة الحلي في کتاب انوار الملکوت ماحاصله «المعجز أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي و التقييد بخارق للعادة ليتميز المعجز عن غيره و هذا القيد يکنفي به عن التقييد بعدم المعارضة ليتميز به عن السحر و الشعبذة اذ السحر و الشعبذة ليس بخارق للعادة و ان کانت خفية علي اکثر الناس. و قيدنا الخارق للعادة بالافتران بالتعدي ليتميز المعجز عن الکرامات»

و قال الحکيم المتبحر محمد مهدي التراقي [6] في کتابه انيس الموحدين «کل



[ صفحه 9]



من ادعي النبوة أو الامامة و اقترنت دعوته بالمعجزة فهو نبي أو امام و کل من لم يدعي شيئا من النبوة و الامامة و صدر منه أمر خارق فهو صاحب کرامة» ثم قال «و الفرق بين المعجزة و السحر و الشعبذة هو أن السحر و الشعبذة من الامور العادية ولکن أسبابهما تخفي علي اکثر الناس و هذا بخلاف المعجزة فهي ليست من الامور العادية و لا يوجد لها سبب مطلقا».

و توضيح الکلام في هذا المقام أن الامور العادية التي جرت عادة الله تعالي علي وقوعها علي قسمين:

الاول: ماسببه ظاهر و هو يحصل امامن اسباب ارضية مثا تأثير بعص الاغذية و الادوية و صيرورة النطقة انسانا و نحو ذلک من الاسباب الارضية التي تنفق و اما تحصل من اسباب سماوية مثل الحرارة الحاصلة من الشمس و اما تحصل من ترکيب الاسباب مثل تأثير الدواء المتناول في جوهوائي خاص و مثل تأثير الدعاء المکتوب في وقت خاص و هذه کلها من اللمور التي جرت عادة الله تعالي علي وقوعها بأسباب متوفرة و متهيئة لاکثز الناس.

الثاني من الامور العادية: هي التي تحصل ايضا امامن اسباب ارضية أو سماوية أو کليهما ولکن أسبابها مخفية علي اکثر الناس مثل السحر و الشعبذة و الطلسمات و علم الح0يل النير نجات و حيث أن لها اسباب فالتعلم و التعليم حاصل فيها أي أن کل من يعلم تلک العلوم يمکن له أن يعلمها غيره بخلاف المعجزة التي ليس لها سبب مطلقا لانه من المعلوم ان شق القمر مثلا لم يقع بسبب و حيلة ما بل هو عطية الهية يعطيها الله تبارک و تعلي لمن يشاء و من ذلک لايستطيع صاحب المعجزة أن يعلمها غيره حيث انه ليس لها علة غير ارادة الله تعالي فالتعليم في المعجزة لا مجال له.

اذا اتضح ان المعجزة خارقة للعادة.



[ صفحه 10]



و أما السحر و الکهانة [7] و الشعبذة فليست بخارقة للعادة بل هي امور عادية اسبابها تخفي علي اکثر الناس.

و الفرق بين المعجزة و السحر و الشعبذة علي من له غرفة من المعارف و العلوم في نهاية السهولة حيث انه يتمکن من العلم بأن الامر له سبب أم لا، و أرباب السحر أسرع معرفه لذلک من بقية المتعلمين و لذلک أول من آمن بانبي موسي عليه السلام هم السحرة. ولکن هذا الفرق يشکل علي العوام (عامة الناس) الاهتداء اليه فعليهم بمتابعة العلماء کي يشرق نور الحقيقة في قلوبهم.

نعم هنالک فرق آخر بين صاحب المعجزة و الساحر يمکن لعامة الناس معرفته و هو أن صاحب المعجزة مهما طلب منه [8] أمر خارق للعادة للاحتجاج به فانه قادر علي اظهاره مثلما طلب جماعة من المعاندين من نبينا صلي الله عليه و آله و سلم کثيرا من الامور الخارقة للعادة فاظهرها لهم و کذلک بقية الانبياء عليهم السلام و هذا بخلاف الساحر فان عمله منحصر في فعل خاص الذي تعلمه و اذا طلب منه أمر خارق للعادة آخر فانه يعجز عن ذلک و من ذلک لم يري يسمع أن ساحرا کان يأتي بکل ما يطلب منه»

أقول فتحصل مما تقدم من کلمات الاعلام أن المعجزة أمر خارق للعادة يأتي بها من يدعي النبوة أو الامامة اثباتا لصدقه و آن معجزات الانبياء تتحدي البشرية علي مر العصور الي يوم القيامة بأن يأتوا بمثلها فاخراج النبي صالح عليه السلام للناقة من الجبل بانشقاقه تعجز البشرية مهما تطورت علومهم عن ذلک و کذلک قلب العصاحية تسعي تلتقم سحر و افک کل ساحر من النبي موسي عليه السلام و کذلک احياء



[ صفحه 11]



الموتي و ابراء الاعمي و الاکمه و الابرص من النبي عيسي عليه السلام و کذلک شق القمر و القرآن الخالد لنبينا الاعظم صلي الله عليه و آله و سلم.

اذا لابد من ادعاء و امر خارق للعادة کي يتحقق معني المعجزة و من هنا ينضح أن کرامات أولياء الله الصالحين لاتسمي معجزة لانهم لايدعون لانفسهم شيئا ولو ادعوا ماليس لهم لما أعطاهم الله تلک الکرامات و هذه السنة من الله تعالي حکمة بالغة کي لاتبطل حججه علي عباده و يتم الحتجاج عليهم ببعث الرسل و باقامة الاوصياء خلفاء الرسل.

قال العلامة الطباطبائي [9] في تفسيره (الميزان) (عند الکلام حول قدرة الانبياء و الاولياء) «الناس في جهل بمقام ربهم و غفلة عن معني احاطنته وهيمنته فهم مع ماتهديهم الفطرة الانسانية الي وجوده و أحديته يسوقهم الابتلاء بعالم المادة و الطبيعة و التوغل في الاحکام و القوانين الطبيعية ثم السنن و النواميس الاجتماعية و الانس بالکثرة و البيتونة الي قياس العالم الربوبي بما ألفوا من عالم المادة فالله سبحان عندهم مع خلقه کجبار من جبابرة اليشر مع عبيده و رعيته... لکن البراهين اليقينية تقتضي بفساد ذلک کله فانها تحکم بسريان الفقر و الحاجة الي الموجودات الممکنة في ذواتها و آثار ذواتها و اذا کانت الحاجة اليه تعالي في مقام الذات استحال الاستقلال عنه و الانعزال منه معلي الاطلاق اذ لو فرض استقلال لشي ء منه تعالي في وجوده أو شي ء من آثار وجوده - بأي وجه فرض في حدوث أو بقاء استغني عنه من تلک الجهة و هو محال.

فکل ممکن غير مستقل في شي ء من ذاته و الله سبحانه هو الذي



[ صفحه 12]



يستقل في ذاته و هو الغني الذي لايفتقر في شي ء و لايفقد شيئا من الوجود و کمال الوجود کالحياة و القدرة و العلم فلاحد له يتحدد به....

و علي ماتقدم کل ماللممکن من الوجود و الحياة و القدرة و العلم متعلق الوجود به تعالي غير مستقل منه بوجه و الاستقلال يبطل الحاجة الامکانية و لافرق فيه بين الکثير و القليل کما عرفت هذا من جهة العقل.

و أما من جهة النقل فالکتاب الالهي و ان کان ناطفا باختصاص بعض الصفات و الافعال به تعالي کالعلم بالمغيبات و الاحياء و الامانة و الخلق کما في کثير من الايات ولکنها جميعها مفسرة بآيات اخر کقوله (عالم الغيب فلايظهر علي غيبه أحدا الا من ارتضي من رسول) «قل يتوفاکم ملک الموت» «و اذ تخلق من الطين کهيئة الطير باذني فتنفخ فيها فتکون طيرا باذني» و انضمام الايات الي الايات لايدع شکا في ان المراد بالايات النافية اختصاص هذه الامور به تعالي بنحو الاصالة و الاستقلال و المراد بالايات المثبتة امکان تحققها في غيره تعالي بنحو التبعية و عدم الاستقلال.

فمن اثبت شيئا من العلم المکنون أو القدرة الغيبة أعني العلم من غير طريق الفکر و القدرة من غير مجراها العادي الطبيعي لغيره تعالي من انبيائه و اوليائه کما وقع کثيرا في الاخبار و الاثار و نفي معه الصالة و الاستقلال بأن يکون العلم و القدرة مثلا له تعالي و انما ظهر ما ظهر منه بالتوسيط و وقع ماوقع منه بافاضته وجوده فلاحجر عليه و من اثبت شيئا من ذلک علي نحو الاصالة و الاستقلال طبق مايثبته الفهم العامي و ان اسنده الي الله سبحانه و فيض رحمته لم يخل من غلو و کان مشمولا لمثل قوله تعالي «لاتغلوا في دينکم و لانقولوا علي الله الا الحق».

و قال رحمه الله عليه في نفسيره في ذيل قوله تعالي «و اتبعوا ماتتلوا الشياطين عليملک سليمان و ما کفر سليمان ولکنه الشياطين کفروا يعلمون الناس السحر



[ صفحه 13]



و ما أنزل علي الملکين ببابل هاروت و ماروت و ما يعلمان من أحد حتي يقولا انما نحن فتنة فالنکفر» أن الاية بسياقها تتعرض لشأن آخر من شئون اليهود و هو تداول السحر بينهم و انهم کانوا يستندون في أصله الي قصة معروفة أو قصتين... أن اليهود کما يذکره عنهم القرآن أهل تحريف و تغيير في المعارف و الحقائق فلا يومنون و لا يومن من أمرهم أن يأتوا بالقصص التاريخية محرفة مغبرة علي ما هو دأبهم في المعرف يميلون کل حين الي مايناسبه من منافعهم في القول و الفعل.

و فيما يلوح من الاية أن اليهود کانوا ينتناولون بينهم السحر ينسبونه الي سليمان زعما منهم ان سليمان عليه السلام انما ملک الملک و سخر الجن و الانس و الوحش و الطير و أتي بغرائب الامور و خوارقها بالسحر الذي هو بعض ما في أيديهم و ينسبون بعضه الاخر الي الملکين ببابل هاروت و ماروت.

فرد عليهم القرآن بأن سليمان عليه السلام لم يکن يعمل بالسحر، کيف والسحر کفر بالله و تصرف في الکون علي خلاف ماوضع الله العادة عليه و أظهره علي خيال الموجوات الحية و حواسها؟ و لم يکفر سليمان عليه السلام و هو نبي معصوم و هو قوله تعالي «و ما کفر سليمان ولکنه الشياطين کفروا يعلمون الناس السحر» و قوله تعالي «و لقد علموا لمن اشتراه ماله في الاخرة من خلاق»

فسليمان عليه السلام أعلي کعبا و أقدس ساحة من أن ينسب اليه السحر و الکفر و قد استعظم الله قدره في مواضع من کلامه في عدة من السورة المکية النازلة قبل هذه السورة...

وفيها أنه کان عبدا صالحا و نبيا مرسلا آتاه الله العلم و الحکمة و وهب له من الملک مالا ينبغي لاحد من بعده فلم يکن بساحر بل هو من القصص الخرافية و الاساطير التي وضعتها الشياطين و تلوها و قروها علي أوليائهم من الانس و کفروا باضلالهم الناس بتعليم السحر ورد عليهم القرآن في الملکين ببابل هاروت و ماروت



[ صفحه 14]



بأنه و ان نزل عليهما ذلک و لاضير في ذلک لانه فتنة و امتحان الهي کما ألهم قلوب بني آدم وجوه الشر و الفساد فتنة و امتحانا و هو من القدر، فهما و ان أنزل عليهما السحر الا انهما ما کان يعلمان من أحد الا و يقولان له انما نحن فتنة فلا تکفر باستعمال ماتتعلمه من السحر في غير موروده کابطال السحر و الکشف عن بغي أهله و هم مع ذلک يتعلمون منهما مايفسدون به إصلح ماوضعه الله في الطبيعة و العادة.....لان العقل لا يرتاب في ان السحر أشئم منابع الفساد في الاجتماع الانساني....

و في تفسي العياشي و القمي في قوله تعالي: «واتبعوا ماتتلوا الشياطين علي ملک سليمان» عن الامام الباقر عليه السلام في حديث: فلما هلک سليمان وضع أبليس السحر و کتبه في کناب ثم طواه و کتب علي ظهره هذا ما وضع آصف بن برخيا للملک سليمان بن داود من ذخائر کنوز العلم من أراد کذا و کذا فليعمل کذا و کذا ثم دفنه تحت سريره ثم استتاره اهم فقرأه فقال الکافرون: ما کان يغلبنا سليمان الا بهذا و قال المؤمنون: بل هو عبدالله و نبيه، فقال الله جل ذکره «واتبعوا ماتتلوا الشياطين علي ملک سليمان».

و اسناد الوضع و الکتابة و القراءة الي أبليس لاينافي استنادها الي سائر الشياطين من الجن و الانس لانتهاء الشر کله اليه و انتشاره منه لعنه الله، الي أوليائه بالوحي و الوسوسة و ذلک شائع في لسان الاخبار».

ثم قال (قده) تحت عنوان بحث فلسفي و من المعلوم وقوع افعال خارقة للعادة الجارية للمشاهدة والنقل، فقلما يوجدمنا من لم يشاهد شيئا من خوارق الافعالي أولم ينقال اليه شي ء من ذلک - قليل أو کثير- الا أن البحث الدقيق في کثير منها يبين رجوعها الي الاسباب الطبيعية العادية، فکثير من هذه الافعال الخارقة يتقوي بها أصحابها بالاعتياد و التمرين کاکل السموم و حمل الاثقال و المشي علي حبل ممدود في الهواء الي غير ذلک، و کثير منهاتنکي علي أسباب طبيعية مخفية علي



[ صفحه 15]



الناس مجهولة لهم کمن يدخل النار و لايحترق بها من جهة طلاية الطلق ببدنه أو يکتب کتابا لاخط عليه و لايقرأه الاصاحبه و انما کتب بمايع لايظهر الا اذا عرض الکتاب علي النار الي غبر ذلک.

و کثير منها يحصل بحرکات سريعة تخفي علي الحس لسرعتها فلا يري الحس الا أنه وقع من غير سبب طبيعي کالخوارق التي يأتي بها أصحاب الشعبذة فهذه کلها مستندة الي اسباب عادية مخفية علي حسنا أو غير مقدورة لنا لکن بعض هذه الخوارق لايحلل الي الاسباب الطلبيعية الجارية علي العادة کالاخبار عن بعض المغيبات، و خاصة مايقع منها في المستقبل و کاعمال الحب و البغض و العقد و الحل و التنويم و التمريض و عقد النون و الاحضار و التحرکات بالارادة مما و نقل الينا بعض آخر نقلا لايطعن فيه، و هو ذا يوجد اليوم من أصحابها بالهند و ايران و الغرب جماعة يشاهد منهم انواع من هذه الخوارق.

و التأمل التام في طرق الرياضات المعيطية لهذه الخوارق و التجارب العملي في إعمالهم و اراداتهم يوجب القول بانها مستندة الي قوة الارادة و الايمان بالتأثير علي تشتت انواعها فالارادة تابعة للعلم و الاذهان السابق عليه فربما توجد علي اطلاقها و ربما توجد عند وجود شرائط خاصة ککتابة شي ء خاص بمداد خاص في مکان خاص في بعض أعمال الحب و البغض أو نصب المرآة حيال وجه الطفل الخاص عند احضار الروح أوقراءة عوذة خاصة الي غير ذلک فجميع ذلک شرائط لحصول الارادة الفاعلة.

فالعلم اذاتم علما قاطعا اعطي للحواس مشاهدة ماقطع به ويمکنک أن تختبر صحة ذلک بأن تلقن نفسک أن شيئا کذا أو شخصا کذا حاضر عندک تشاهده بحاستک ثم تتخيله بحيث لاتشک فيه و لا تلتفت الي عدمه و لا الي شي ء غيره فانک تجده



[ صفحه 16]



امامک علي ماتريد وربما توجد في الاثار معالجة بعض الاطباء الامراض المهلکة بتلقين الطحة علي المريض. و اذا کان الامر علي هذا فلو قويت الارادة امکنها أن نوثر في غير الانسان المريد نظير ماتوجده في نفس الانسان المريد اما من غير شرط و قيد أو مع شي ء من الشرائط.

و يتبين بما مر امور: احدها: ان الملاک في التأثير تحقق العلم الجازم من صاحب خرق العادة و أما مطابقة هذا العلم للخارج فغير لازم کما کان يعنقده أصحاب تسخير الکواکب من الارواح المتعلقة لالاجرام الفلکية و يمکنه أن يکون من هذا القبيل الملائکة و الشياطين الذين يستخرج اصحاب الدعوات و العزائم اسمائهم و يدعون بها علي طرق خاصة عندهم، و کذلک ما يعتقده أصحاب احضار الارواح من حضور الروح فلا دليل لهم علي ازيد من حضورها في خيالهم أو حواسهم دون الخارج و الالرآه کل من حضر عندهم و للکل حس طبيعي.

و به تنحل شبهة أخري في احضار روح من هو حي في حال اليقظة مشغل بأمره من غير أن يشعر به والواحد من الانسان ليس له الاروح واحدة و به تنحل أيضا شبهة و هي ان الروح جوهر مجرد لانسبة له الي زمان و مکان دون زمان و مکان و به تنحل أيضا شبهة اخري ثالثة، و هي أن للروح الواحدة ربما تحضر عند احد بغير الصورة التي تحضر بها عند آخر و به تنحل شبهة رابعة و هي ان الارواح ربما تکذب عند الاحضار في اخبارها و ربما يکذب بعضها بعضا. فالجواب عن الجميع: أن الروح انما تحضر في مشاعر الشخص المحضر لافي الخارج منها علي حدما نحس بالاشياء المادية الطبيعية.

ثانيها: أن صاحب هذه الارادة الموثرة ربما يعتمد في ارادته علي قوة نفسه و ثبات انيته کغالب أصحاب الرياضات في اراداتهم فتکون لامحالة محدودة القوة عقيدة الاثر عند المريد و في الخارج، و ربما يعتمد فيه علي ربه کالانبياء و الاولياء



[ صفحه 17]



من أصحاب العبودية لله و أرباب اليقين بالله فهم لايريدون شيئا الااربهم و بر بهم و هذه اراة طاهرة لا استقلال للنفس التي تطلع هذه الرادة منها بوجه و لم تتلون بشي ء من ألوان الميول الفسانية و لا اتکاء لها الاعلي الحق فهي ارادة ربانية غير محدودة و لا مقيدة و القسم الثاني ان أثرت في مقام التحدي کغالب ماينقل من الانبياء سميت آية معجزة و ان تحققت في غير مقام التحدي سميت کرامة أو استجابة دعوة آن کانت مع دعاء، و القسم الاوال ان کان بالاستخبار و الاستنصار من جن أو روح أو نحوه سمي کهانة و ان کان بدعوة أو عزيمة أو رقية أو نحو ذلک سمي سحرا.

ثالثها: ان الامر حيث کان دائرا مدار الارادة في قوتها و هي علي مراتب من القوة و الضعف أمکن أن يبطل بعضها دثر البعض کنقابل السحر و المعجزة أو إن لايوثر بعض النفوس في بعض اذا کانت مختلفة في مراتب القوة و هو مشهود في أعمال التنويم و الاحضار».

ثم قال (قده) تحت عنوان بحث علمي العلوم الباحثة عن غرائب الثأثير کثيرة و القول الکلي في تقسيمها و ضبطها عسيرة جدا، و أعرف ما هو متداول بين أهلها ما نذکره:

منها: السيمياء و هو العلم الباحث عن تمزيج القوي الارادية مع القوي الخاصة المادية للحصول علي غرائب التصرف في الامور الطبيعية و منه التصرف في الخيال المسمي بسحر العيون و هذا الفن من أصدق مصاديق السحر و منها الليمياء و هو العلم الباحث عن کيفية التأثيرات الارادية باتصالها بالارواح القوية العالية کالارواح الموکلة بالکواکب و الحوادث و غير ذلک بتسخيرها أو باتصالها و استمدادها من الجن بتسخيرهم و هو فن التسخيرات.

و منها الهيمياء و هو العلم الباحث عن ترکيب قوي العالم العلوي مع العناصر السفلية للحصول علي عجائب التأثير و هو الطلسمات فان للکواکب العلوية



[ صفحه 18]



و الارضاع السماوية ارتباطات مع الحوادث المادية کما ان العناصر و المرکبات و کيفياتها الطبيعية کذلک، فلور کبت الاشکال السماوية المناسبة لحادثة من الحوادث کموت فلان و حياة فلان و بقاء فلان مثلا مع الصورة المادية المناسبة أنتج ذلک الحصول علي المراد و هذا معني الطلسم.

و منها الريمياء و هو العلم الباحث عن استخدام القوي المادية للحصول علي آثارها بحيث للحس انها آثار خارقة بنحو من الانحاء و هو الشعبذة و هذه الفنون الاربعة مع فن خامس يتلوها و هو الکيميا الباحث عن کيفية تبديل صور العناصر بعضها الي بعض کانت تسمي عندهم بالعلوم الخمسة الخقية.

قال شيخنا البهائي: احسن الکتب المصنفة التي في هذه الفنون کتاب رأيته ببادة هرات اسمه (کله سر) و قد رکب اسمه من اوائل اسماء هذه العلوم الکيميا و الليمياء و الهيمياء و السيمياء و الريمياء انتهي ملخص کلامه و من الکتب المعتبره فيها خلاصة کتب بليناس و رسائل الخسروشاهي و الذخيرة الاسکندرية و السر المکنوم للرازي و التسخيرات للسکاکي و أعمل الکواکب السبعة المحکيم طمطم الهندي.

و من العلوم الملحقة بمامر علم الاعداد و الاوفاق و هو الباحث عن ارتباطات الاعداد و الحروف للمطالب و وضع العدد أو الحروف المناسبة للمطلوب في جداول مثلثة أو مربعة أو غير ذلک علي ترتيب مخصوص.

و منها الخالفية و هو تکسير حروف المطلوب أو مايناسب المطلوب من الاسماء و استخراج اسماء الملائکة أو الشياطين الموکلة بالمطلوب و الدعوة بالاعزائم المولفة منها للنيل علي المطلوب و من الکتب المعبترة فيها عندهم کتب الشيخ أبي العباس التوني و السيد حسين الاخلاطي و غيرهما.

و من الفنون الملحقة بها الدائرة اليوم التنوبم المغناطيسي و احضار الارواح



[ صفحه 19]



و هما کمامر تأثير الارادة و التصرف في الخيال و قد ألف فيها کتب و رسائل کثيرة و اشتهار أمرها يغني عن الاشارة اليها ههنا و الغرض مما ذکرنا علي طوله ايضاح انطباق ماينطبق منها علي السحر أو الکهانة انتهي کلامه.

أقول: و الغرض من هذا التطويل في النقل التنبيه علي مدي و کثرة العلوم الغربية الباحثة حول الافعال التي بظاهرها خارقة للعادة ولکنها في الحقيقة عادية لمن مارس و تعلم بکل العلوم أو تلک الرياضيات الباعثة علي تقوية الارادة و تأثيرها و أن لهذه الافعال أسباب عادية ولکنها خفية علي أکثر الناس فيتوهم الجاهل انها معاجز أو کرامات لصاحب تلک الافعال و الامور.

و في هذا العصر قد خصصت الجامعات و المعاهد العلمية الحديثة کليات و تخصصات مرتبطة بهذه العلوم کالتنويم المغناطيسي و علم التسخير و احضار الارواح والتنبا و الاخبار بالمغيبات المستقبلية الارضية و نحو ذلک کثير من أراد الاطلاع قليراجع النشرات الدورية الصادرة من مختلف الجامعات الاکاديمية في البلدان المختلقة.

و في الختام لهذا الفصل نتعرض لما قاله المحقق السيد الخويي (دام بقاه) في الاعجاز وفرقه مع السحر و الشعبذة و نحوها قال «و هو في الاصطلاح أن يأتي المدعي لمنصب من المناصب الالهية بما يخرق نواميس الطبيعة و يعجز عنه غيره شاهدا علي صدق دعواه».

أقول: و لايخفي أن التعميم في التعريف لکل منصب الهي اتقن مما تقدم من التعريفات حيث لاينحصر اظهار الفعل الخارق بمدعي النبوة و الامامة بل يعم النواب و السفراء للامام المعصوم عليه السلام کمانص علي ذلک الشيخ المفيد [10] .



[ صفحه 20]



في أوائل المقالات قال «القول في ظهرو المعجزات علي المنصوبين من الخاصة و السفراء.....أقول: ان ذلک جائز لايمنع منه عقل و سنة و لا کتاب» انتهي کلامه رفع مقامه و نص علي ذلک السيد المرتضي في کناب الذخيرة في فصل عقده لذلک بعد الفصول التي ذکرها في معجزات الانبياء و سيأتي ذکر بعض ماظهر علي أيديهم من الکرامات.

و قال السيد (تتمة ماسبق) «و انما يکون المعجز شاهدا علي صدق ذلک المدعي اذا امکن أن يکون صادقافي في تلک الدعوي و أما اذا امبنع صدقه في دعواه بحکم العقل أو بحکم النقل الثابت عن نبي أم اما معلوم العصمة فلا يکون ذلک شاهدا علي الصدق و لايسمي معجزا في الاصطلاح و ان عجز البشر عن امثاله:

مثال الاول: ما اذا ادعي أحد انه اله فان هذه الدعوي يستحيل أن تکون صادفة بحکم العقل للبراهين الصحيحة الدالة علي استحالة ذلک.

و مثال الثاني: ما اذا ادعي أحد النبوة بعد نبي الاسلام، فان هذه الدعوي کاذب قطعا بحکم العقل المقطوع بثبوته الوارد عن نبي الاسلام و عن خلفائه المعصومين بأن نبوته خاتمة النبوات و اذا کانت الدعوي باطلة قطعا، فماذا يفيد الشاهد اذا أقامه المدعي؟ و لايجب علي الله جل شأنه أن يبطل ذلک بعد حکم العقل باستحالة دعواه أو شهادة النقل ببطلانها.

أقول: تقبيد دعوي صاحب الامر أو الفعل الخارق للعادة بکون دعواه مما يحتمل صدقها عقلا و نقلا أي لايقوم دليل عقلي أو نقلي قطعيين علي کذبه قديوهم أن الامر الخارق للعادة ليس شاهدا قطعي علي الصدق و بالتالي لاتکون المعجزة



[ صفحه 21]



شاهدا علي الصدق، ولکن هذا الوهم فاسد فان المراد أن قيام الدليل العقلي أو النقلي القطعي کاشف عن عدم کون هذا الامر خارقا للعادة و من قبل الله عزوجل و دليل علي کون هذا الامر خارق للعادة صورة و ظاهرا واقعا أي انه مخفي سببه لا انه يعجز عنه البشر أجمع بل من يطلع علي سببه يتمکن من ذلک.

و قال (تنمة ماسبق) «و ليست من الاعجاز المصطلح عليه مايظهره الساحر والمشعوذ أو العالم ببعض العفوم النظرية الدقيقة و ان أني بشي ء يعجز عنه غيره و لايجب علي الله ابطاله اذا علم استناده في علمه الي أمر طبيعي من سحر أو شعبذة أو نحو ذلک و ان ادعي ذلک الشخص منصبا الهيا وقد أتي بذلک الفعل شاهدا علي صدقه فان العلوم النظرية الدقيقة لها قواهد معلومة عند أهلها و تلک القواعد لابد من أن توصل الي نتائجها و ان احتاجت الي دقة في التطبيق و علي هذا القياس تخرج غرائب علم الطب المنوطة بطبائع الاشياء و ان کانت خفية علي عامة الناس بل و ان کانت خفية علي الاطباء أنفسهم و ليس من القبيح أن يختص الله أحدا من خلقه بمعرفة شي ء من تلک الاشياء و ان کانت دقيقة و بعيدة عن متناول أيدي عامة الناس ولکن القبيح أن يغري الجاهل بجهله و ان يجري المعجز علي يد الکاذب فيضل الناس عن طريق الهدي».

أقول: فبعد وضوج الموارد التي لابد أن يبطلها الله تعالي و الموارد التي ليست کذلک فلا يتوقع ذو الذهن الساذج أن کل مورد يقصر ذهنه و لم يبطله الله تعالي فهو معجز بل عليه التحري بنفسه أو بتوسط ذوي الخبرة و الاطلاع کامر في کلام الحکيم النراقي (قده).

و قال (تتمة) «تکليف عامةالبشر واجب علي الله سبحانه و هذا الحکم قطعي قد ثبت بالبراهين الصحيحة و الادلة العقلية الواضحة فانهم محتاجون الي التکليف في طريق تکاملهم و حصولهم علي السعادة الکبري و التجارة الرابحة فاذا لم



[ صفحه 22]



يکلفهم الله سبحانه فاما ان يکون ذلک لعدم علمه يحاجتهم الي التکليف و هذا جهل يتنزه عنه الحق تعالي و اما لان الله أراد حجيهم عن الوصول الي کمالاتهم و هذا بخل يستحيل علي الجواد المطلق، و اما لانه أراد تکليفهم فلم يمکنه ذلک و هو عجز يمتنع علي القادر المطلق و اذن فالبد من تکليف البشر و من الضروري أن التکليف يحتاج الي مبلع من نوع البشر يوقفهم علي خفي التکليف وجليه: «ليهلک من هلک عن بينة و يحبي من حي عن بينة»

و من الضروري أيضا أن السفارة الالهية من المناصب العظيمة التي يکثرلها المدعون و يرغب في الحصول عليها الراغبون و نتيجة هذا ان يشتبه الصادق بالکاذب و يختلط المضل بالهادي.

و اذن فلابد لمدعي السفارة ان يقيم شاهدا واضحا يدل علي صدقه في الدعوي و أمانته في التبليغ و لايکون هذا الشاهد من الافعال العادية التي يمکن غيره أن يأتي بنظيرها فينحضر الطريق بما يخرق نواميس الطبيعة.

و انما يکون الاعجاز دليلا علي صدق المدعي لان المعجز فيه خرق للنواميس الطبيعية فلا يمکن ان يقع من أحد الا يعناية الله تعالي و اقدار منه فلو کان مدعي النبوة کاذبا في دعواه کان اقداره علي المعجز من قبل الله تعالي اغراءا بالجهل و اشارة بالباطل و ذلک محل علي الحکيم تعالي....... و قد أشا سبحانه الي هذا المعني في کتابه الکريم «ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين».



[ صفحه 23]




پاورقي

[1] البحار ج11 ص70 نقلاء عن علل الشرايع و عيون اخبار الرضا (ع) للصدوق.

[2] البحار ج11 ص70 نقلاء عن علل الشرايع و عيون اخبار الرضا (ع) للصدوق.

[3] المحقق الطوسي من أکابر علماء الامامية و له خدمات کبيرة للمذهب و قد برع في علوم کثيرة کالفلسفة و علم الکلام و الفلک و الهيئة و الهندسة و غيرها.

[4] العلامة الحلي هو الشيخ جمال الدين ابومنصور الحسن بن يوسف بن المطهر شيخ الطائفة و علامة و قته و صاحب التحقيق و التدقيق کثير التصانيف انتهت رئاسة الامامية اليه في المعقول و المنقول.

[5] المحقق الميرزا القمي من کبار فقهاء الشيعة له کتاب قوانين الاصول و جامع الشئات و الغنائم و غيرها.

[6] هو العلامة الجامع للفنون و العلوم العقلية و النقلية ذو الفضائل الاخلاقية و الملکات النورانية.

[7] الکهانة الاخبار عن المستقبل بتوسط الجن بعد انصياعهم للکاهن بسبب نمط من اللعمال و هي قريبة من السحر.

[8] هذا اذا لم يکن الطلب بداعي العناد و اللجاج بل لاستکشاف حقيقة الحال.

[9] هو العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي من بيت العلم و العضل له تاريخ طويل في خدمة الشريعة حيث أن أربعة عشر من اجداده کانوا من العلماء المبرزين، کان واحد هذا العصر في العلوم العقيلة و التفسير.

[10] هو فخر الشعة أبي عبدالله محمدبن محمدبن النعمان العکبري البغدادي المتوفي 413 ه ق و يعرف بابن المعلم أجل مشايخ الشيعة و رئيسهم و استادهم و کل من تأخر عنه استفاده منه و فضله أشهر من أن يوصف في الفقه و الکلام و الرواية أوثق أهل زمانه و أعلمهم انتهت اليه رئاسة الامامية في وقته.