ذکر العلماء أن المهدي يستمر مع عيسي عليه السلام الي بيت المقدس، فيموت بها، و يصلي عليه هو و من معه من المسلمين، و يدفنه هناک.

و أما عمره ففيه روايات: أخرج الحافظ الترمذي و حسنه، عن أبي سعيد عن النبي صلي الله عليه و آله قال:«في أمتي المهدي يخرج يعيش خمسا، أو تسعا، فيجي اليه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني، فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله». [1] .

و أخرج نعيم بن حماد، و ابن ماجة، عن أبي سعيد: أن النبي صلي الله عليه و آله قال: «يکون في أمتي المهدي ان قصر فسبع، و الا فتسع، فتنعم أمتي فيه نعمة لم ينعموا مثلها قط». [2] .



[ صفحه 138]



و أخرج الطبراني في الأوسط، و أبو نعيم، عن أبي سعيد الخدري: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: «يخرج رجل من أهل بيتي يقول بسنتي، ينزل الله له القطر من السماء، و تخرج الأرض من برکتها، يملأ الأرض منه قسطا و عدلا کما ملئت جورا و ظلما، يعمل علي هذه السنة سبع سنين، و ينزل بيت المقدس». [3] .

و أخرج الدار قطني، و الطبراني، عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه و سلم: يکون في أمتي المهدي ان قصر عن سبع سنين، و الا فثمان، و الا فتسع سنين، تنعم أمتي فيها نعمة لم ينعموا مثلها البر منهم و الفاجر» [4] الحديث.

و في رواية أحمد، عن أبي سعيد مرفوعا: «يملک سبع سنين». [5] .

و في رواية ابن حبان في صحيحه، عن ام سلمة مرفوعا: «يمکث سبع سنين». [6] .



[ صفحه 139]



وفي رواية أبي داود، و البيهقي، عن ابن مسعود مرفوعا:«يملک سبع سنين». [7] .

و أخرج نعيم، عن الزهري قال: «يعيش المهدي أربع عشرة سنة، ثم يموت موتا». [8] .

و أخرج أيضا عن سليمان بن عيسي: «بلغني أن المهدي يمکث أربع عشرة سنة ببيت المقدس، ثم يموت». [9] .

و أخرج أيضا عن بقية بن الوليد قال: «حياة المهدي ثلاثون سنة». [10] .

و أخرج أيضا دينار بن دينار قال: «بقاء المهدي أربعون سنة». [11] .

وفي حديث حذيفة المتقدم: «يملک عشرين سنة».

أخرجه أبو نعيم، و الطبراني.

و أخرج نعيم أيضا عن علي قال: «يلي المهدي أمر الناس ثلاثين، أو أربعين سنة». [12] .

و أخرج أيضا عن صباح قال: «يمکث المهدي فيهم تسعا و ثلاثين سنة، يقول الصغير: ياليتني کبرت، و يقول الکبير: ياليتني کنت صغيرا». [13] .

قلت: کذا وردت هذه الروايات و هي متعارضة و لعل الجواب: ان يقال: أن ملکه التام لجميع الأرض سنين. و الروايات الأخر باعتبار مجموع عدد سنين ملکه بعض



[ صفحه 140]



الأرض دون بعض. أو يقال: ان الأربعين مجموع عمره لا عدد سنين ملکه، أو يقال: ان ذلک باعتبار تعدد المهدي. لما ورد عن ابن عمر: «أنه اذا کان الرجل صالحا قبل له المهدي». [14] .

أخرج نعيم عن الوليد بن مسلم قال: سمعت رجلا يحدث قوما فقال: «المهديون ثلاثة: مهدي الخير عمر بن عبدالعزيز، و مهدي الدم و هو الذي تسکن علي يديه الدماء، و مهدي الدين عيسي بن مريم». [15] .

و أخرج أيضا عن کعب قال:«مهدي الدين عيسي بن مريم». [16] .

و أخرج أيضا عن کعب قال: «المهدي الخير يخرج بعد السفياني». [17] .

و أخرج أيضا عن أرطأة قال: «بلغني أن المهدي يعيش أربعين عاما ثم يموت علي فراشه، ثم يخرج رجل من قحطان مثقوب الأذنين علي سيرة المهدي بقاوه عشرين سنة، [18] ثم يموت قتلا بالسلاح، ثم يخرج رجل من أهل [19] بيت النبي صلي الله عليه و سلم مهدي حسن السيرة، يغزو مدينة قيصر، و هو آخر أمير من أمة محمد صلي الله عليه و سلم، ثم يخرج في زمانه الدجال، و ينزل عيسي بن مريم». [20] .

فثبت بهذا تعدد المهدي و لذلک قال القربطي: يحتمل أن يکون قوله صلي الله عليه و آله: «ولا مهدي الا عيسي» [21] أي لا مهدي کاملا معصوما الا عيسي.



[ صفحه 141]



قال ابن کثير: ان المهدي حقا هو عيسي، و لا ينفي ذلک أن يکون غيره مهديا. [22] .

و قال أبو الحسن محمد بن الحسين: قد تواترت الأخبار و استفاضت بکثرة رواتها عن المصطفي، بمجي ء المهدي و أنه من أهل بيته، و أنه يملک سبع سنين و أنه يملأ الأرض عدلا، و أنه يخرج مع عيسي فيساعده علي قتل الدجال بباب «لد» بأرض فلسطين، و أنه يوم هذه الأمة و عيسي يصلي خلفه» [23] انتهي.

و أما عيسي عليه السلام فانه يمکث في الأرض أربعين سنة يحکم بشرعية المصطفي، و يقتل الخنزير، ويکسر الصليب، و يحج في سبعين ألفا فيهم أصحاب الکهف، و يتزوج امرأة من يزد، [24] و يذهب البغضاء و التحاسد، و تعود الأرض الي هيئتها علي عهد آدم، حتي يترک القلاص ترعي فلا يسقي عليها أحد، و ترعي الغنم مع الذئب، و الأسود مع البقر، و يلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم». [25] کما ورد ذلک کله في الأحاديث الصحيحة: «فيمکث أربعين سنة علي الأصح ثم يتوفي و يصلي عليه المسلمون و يدفنونه». [26] و في تاريخ البخاري، کالطبراني يدفن ابن مريم مع رسول



[ صفحه 142]



الله صلي الله عليه و آله و صاحبيه فيکون قبره رابعا، و لذلک ورد: طوبي لأبي بکر و عمر يحشران بين نبيين، و الله سبحانه و تعالي أعلم، و علي رسوله صلي و سلم.

و من أراد الوقوف علي ذکر تتمة أشراط الساعة، و النفخ في الصور، و الموقف، و الحساب، و الميزان، و غير ذلک فعليه بکتابنا بهجة الناظرين و آيات المستدلين.

والحمد الله رب العالمين.

قال المولف العبد الفقير الحقير مرعي بن يوسف الحنبلي المقدسي: فرغت من وضع هذه الرسالة نهار الأربعاء في أواخر ربيع الآخر بالجامع الأزهر سنة 1022 ه، و الله حسبي و نعم الوکيل.

علي يد الفقير المعترف بالعجز و التقصير ابراهيم بن الشيخ يونس الشافعي الأزهري غفرالله له، ولوالديه، و لمشايخه، و للمسلمين و المسلمات، و المومنين و المومنات، الأحياء منهم و الأموات، انه علي ما يشاء قدير، و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم. [27] .