بازگشت

في زبد احاديث مرضية و بيان أن آخر العلامات قتل النفس الزکية


قد وردت الآثار بتبيين ما يکون لظهور الامام المهدي، عليه السلام من العلامات، و تواترت الأخبار بتعيين ما يتقدم أمامه من الفتن و الحوادث والدلالات.

و قد تضمن هذا الباب جملة جميلة، و شحنت فصوله من أصول أصيلة.

ثم ذکر [1] في هذه الفصل الأخير منها زبدها صبرة، [2] ليکتفي بها المطلع عليه خبره. [3] .

فمن ذلک أحوال کريهة المنظر صعبة المراس، و أهوال أليمة المخبر و فتن الأحلاس، [4] و خروج علج من جهة المشرق يزيل ملک بني العباس، لا يمر بمدينة الا فتحها، و لا يتوجه الي جهة الا منحها، و لا ترفع اليه [5] راية الا مزقها، و لا: يستولي علي [58 و] قرية حصينه الا أخرابها و أحرقها، و لا يحکم علي نعمة [6] الا أزالها،



[ صفحه 114]



و قل ما يروم من الأمور شيئا الا نالها، و قد نزع الله الرحمة من قلبه و قلب من حالفه، و سلطهم نقمة [7] علي من عصاه و خالفه، و لا يرحمون من بکي، و لا يجيبتون من شکا، يقتلون الآباء و الأمهات، و البنين و البنات، يهلکون بلاد العجم و العراق، و يذيقون الأمة من بأسهم أمر مذاق.

و في ضمن ذلک حرب و هرب و ادبار، و فتن شداد و کرب و بوار، و کلما قيل انقطعت تمادت و امتدت، و متي قيل تولت توالت [8] و اشتدت، حتي لا يبقي بيت من العرب الا دخلته، و لا مسلم الا وصلته.

و من ذلک سيف قاطع و اختلاف شديد و بلاء عام حتي تغبط الرمم البوالي، و ظهور نار عظيمة من قبل المشرق تظهر في السماء [58 ظ] ثلاث ليالي، و خروج: ستين کذابا کمل منهم يدعي أنه مرسل من عند الله الواحد المعبود، و خسف قرية من قري الشام و هدم حائط مسجد الکوفة مما يلي دار عبدالله بن مسعود، و طلوع نجم بالمشرق يضي ء کما يضي ء القمر ثم ينعطف حيت بلتقي طرفاه أو يکاد، و حمرة تظهر في السماء و تنتشر في أفقها و ليست کحمرة الشفق المعتاد، و عقد الجسر مما يلي الکرخ لمدينة [9] السلام، و ارتفاع ريح سوداء بها و خسف يهلک فيه کثير من الأنام، و بثق [10] في الفرات حتي يدخل الماء علي أهل الکوفة فيخرب کوفتهم، ونداء من السماء يعم أهل



[ صفحه 115]



الأرض، و يسمع کل أهل لغة بلغتهم. و مسخ قوم من أهل البدع و خروج العبيد عن [11] طاعة ساداتهم، و صوت في ليلة النصف من رمضان، يوقظ النائم و يفزع اليقظان، و معمعة في شوال، و في ذي القعدة: حرب و قتال، و نهب الحاج في ذي الحجة، و يکثر [59 و] القتل حتي يسيل الدم علي المحجة، [12] و تهتک المحارم في الحرم و ترتکب العظائم عند البيت المعظم، ثم العجب کل العجب، بين جمادي و رجب، و يکثر الهرج و يطول فيه اللبث، و يقتل ثلث و يموت الثلث، و يکون ولاة الأمر [13] کل منهم جائرا، و يمسي الرجل مؤمنا و يصبح کافرا، و لعل هذا الکفر مثل کفر العشير، فانه في بعض الروايات الي نحو ذلک يشير، و انسياب الترک و نزولهم جزيرة العرب، و تجهيز الجيوش و يقتل الخليفة و تشتد الکرب، و ينادي مناد علي سور دمشق: ويل للعرب من شر قد اقترب.

و من ذلک رجل من کندة أعرج، يخرج من جهة المغرب، مقرون بألويته النصر، فلا [14] يزال سائرا بجيشه و قوة جأشه [15] حتي يظهر علي مصر.

و من ذلک: خراب معظم البلاد حتي تعود حصيدا کأن لم تغن [59 ظ] بالأمس، واستيلاء السفياني و جنده علي الکور الخمس، و ذبح رجل



[ صفحه 116]



هاشمي بين الرکن و المقام، و رکود الشمس و کسوفها [16] في النصف من شهر الصيام، و خسوف القمر آخره عبرة للأنام، و تلک آيتان لم يکونا منذ أهبط الله آدم عليه السلام، وفتن و أهوال کثيرة، و قتل ذريع بين الکوفة و الحيرة.

و من ذلک خروج السفياني ابن آکلة الأکباد من الوادي اليابس، و عتوه و تجنيده الأجناد ذوي القلوب القاسية و الوجوه العوابس، و ظهور أمره و تغلبه علي البلاد، و تخريبه المدارس و المساجد و اضهاره للظلم و الفجور و الفساد، و تعذيبه کل راکع و ساجد، و قتله العلماء و الفضلاء و الزهاد، مستبيحا سفک الدماء المحرمة، و معاندته لآل محمد [60 و] أشد العناد متجريا: علي اهانة النفوس المکرمة، و الخسف بجيشه بالبيداء و من معهم من حاضر وباد جزاء بما عملوا، و يغادرهم غدرهم مثلة [17] للعباد و لم يبلغوا ما أملوا.

و آخر الفتن و العلامات قتل النفس الزکية، فعند ذلک يخرج الام المهدي ذو السيرة [18] المرضية، فيشمر عن ساق جده في نصرة هذه الأمة، خاسرا عن ساعد زنده. [19] لکشف هذه الغمة، متحرکا لتسکين ثائرة الفتن عند التهابها، متقربا لتبعيد دائرة المحن بعد اقتربها، صارفا أعنة العناية لتدارک هذا الأمر، مباشرا بنفسه الکريمة اطفاء هذا الجمر، مخلصا في تخليص البلاد من أيدي الفسفة الفجرة،



[ صفحه 117]



کافا عن صلحاء العباد أکف المرقة الکفرة، و جبريل علي مقدمته، و ميکائيل علي ساقته، و الظفر مقرون ببنوده، و النصر معقود بألويته، و قد: فرح أهل السماء و أهل الأرض و الطير و الوحش بولايته. [60]

فيسير الي الشام في طلب السفياني بجأش قوية [20] و همة سنية، و جيوش نصرة [21] قد طبقت البرية، [22] و نفحات نشره قد طيبت البرية، [23] فيهزم جيش السفياني و يذبحه عند بحيرة طبرية، فتندرس اثار الظلم [24] و تنکشف حنادس الظلمة، و تعود المحنة منحة و اللأواء نعمة.

و يخرج اليه من دمشق من مواليه عدد من المئين، هو أکرم العرب فرسا و أجودهم سلاحا يؤيد الله بهم الدين.

و تقبل الرايات السود من قبل المشرق کأن قلوبهم زبر الحديد، بعيد الله تعالي بهم من الاسلام کل خلق [25] جديد. [26] .

ثم يسير الي دمشق في جيشه العرمرم، و يقيم بها مدة مؤيدا منصورا و مکرم، و يأمر بعمارة جامعها و ترميم ما وهي منها و تهدم، و تنعم الأمة في أيامه نعمة لم ينعمها قبلها أحد من الأمم،: فيا طوبي [61 و] لمن أدرک تلک الأيام العر و تملي بالنظر الي تلک الغرة الغراء و لتربة تقبل أقدامه لثم.



[ صفحه 118]



ولنختم هذا الفصل بأبيات من قصيدة طويلة سنية، يرثي قائلها فيها آل محمد و يذکر في آخرها قتل النفس الزکية، و هي مأثورة عن علامة [27] الأدب، عبدالله بن بشار [28] بن عقب، [29] فمنها:



أعيني فيضا عبرة بعد عبرة

فقد حان اشفاقي و ما کنت أحذر



أعيني الا تدمعا لمصيبتي

فغيرکما عني أعض و أصبر



أعيني هذا الرکن وردا تتابعوا

و هم بالسبايا دارعين و حسر



من الأکرمين البيض من آل هاشم

لهم نجم في ذروة المجد تزهر [30] .



بهم فجعتنا و الفجائع کاسمها

تميم و بکر و السکون و حمير [31] .



ففي کل حي بضعة من دمائنا

لها زمن يعلو سناه و يشهر [32] .



کأن بني بيت النبي و رهطه

هدايا بدون حول بيت تعقر [33] .



[61 ظ] غداة التقي أهل العراق عليهم

جلابيب بيض فوقهن السنور [34] .





[ صفحه 119]





رشوا المال فينا فارتشوا في دمائنا

قليلا و لو أعطوا القليل تصبروا



لعمرک ما آووا و لا نصروا الهدي

و لا اتبعوا الحق المنير فينظروا



لهم کل عام راکب و صحيفة

بتطريدنا في الأرض تطوي و تنشر



دعتنا اليها عصبة لنجيبها

الي نفي جور ناره تتسعر



فلما بلغنا علم ذي الموت للتي

دعونا اليها أحجموا و تحيروا [35] .



و هزوا القنا و المشرفية و اتقوا

بنا حرها عند اللقاء و دخروا [36] .



صبرنا و کان الصبر منا حمية

بنو هاشم انا بذلک أجدر



و انا متي ننفخر عليهم يکن لنا

بأحمد مجد لايرام و مفخر



و حمزة منا رأس کل شهادة

تعد و منا ذو الجناحين جعفر



و منا علي سيد الناس کلهم

و قائدهم بعد النبي مبشر



و أنا خصصنا بالمودة دونهم

و ان لنا الفضل الذي ليس ينکر



فلله قتلانا و سفک دمائنا

و ذمتنا اذ تستباح و تخفر



و يقتل من أشباع آل محمد

و يصلب منهم من يسمي و يذکر



و للجيش بالبيداء في الخسف عبرة

فيرجع منها مقبل القلب مدبر



و في قتل نفس بعد ذاک زکية

أمارات حق عند من يتذکر



عن عامر، قال: سألت عبدالله بن بشار، عن النفس الزکية،: قال: [62 و] هو من أهل البيت، و عند قتلها ظهور المهدي عليه السلام [37] .



[ صفحه 120]





و آخر عند البيت يقتل ضيعة

يقوم فيدعو للامام فينحر



و تدخل نار جوف کوفة ضحوة

تسيل بها سيلا فتحرق أدور



و يبعث أهل الشام بعثا عليهم

بناحية البيداء خسف مقدر



و خيل تعادي باکماة کأنها

هي الريح اذ تحت العجاجة تصبر



يقود نواصيها شعيب بن صالح

الي سيد من آل هاشم يزهر



علي شقه شق اليمين علامة

لدي الخد عند الصدغ خال منور





[ صفحه 121]




پاورقي

[1] في س: «ذکرت».

[2] الصبر: جمع الصبرة، و هو المجتمع.

[3] في ب: «غاية».

[4] فتن الأحلاس: الفتن الدائمة.

[5] في ب: «له».

[6] في س: «أمة.

[7] سقط من: ب، ق.

[8] في ب: «أقبلت».

[9] في ق: «بمدينة».

[10] في ب، ق: «وفتق».

[11] في ق: «علي».

[12] المحجة: جادة الطريق، أي وسطه.

[13] في ب: «الأمور».

[14] في ب، ق: «لا».

[15] في ب، ق: «حاشيته».

[16] في ب، ق: «و خسوفها».

[17] المثلة، بفتح الميم و ضم الثاء و سکونها: الاسم بمعني التنکيل، أو بمعني العقوبة، عبرة لغيرهم.

[18] في ب: «بالسيرة».

[19] في ب، ق: «ذراعه».

[20] في ب، ق: «بجيش قوي».

[21] في س: «نصرته».

[22] سقط من: الأصل، ب.

[23] سقط من: الأصل، ب.

[24] في ب: «الظلمة».

[25] الخلق: البالي.

[26] ترک النصيب السجع.

[27] في ب، ق زيادة: «أهل».

[28] في ق: «فارس».

[29] لعل الصواب: «بن أبي عقب»، و هو ابن أبي عقب الليي، ذکر له الطبري قوله في رثاه آل البيت:



و عند غني قطرة من دمائنا

و في أسد أخري تعد و تذکر



تاريخ الطبري 65:6،448:5.

و ذکر أبوالفرج الأصفهاني هذا البيت، و نسبه لسليمان بن قتة.

مقاتل الطالبين 87.

[30] في الأصل: «من ذرة المجد».

[31] السکون: بطن من کندة، و هو السکون بن أشرس. جمهرة أنساب العرب لابن حزو 429.

[32] في ب: «لقد هان من يعلو»، و في ق: «لها من يعلو».

[33] البدنة؛ محرکة، من الابل و البقر کالأضحية من الغنم تهدي الي مکة، والجمع ککتب، و لعله أشبع للوزن.

[34] السنور: جملة السلاح، أو لبوس من قد کالدرع.

[35] في ق: «أحجموا و تعسروا».

[36] دخر، کنع و فرح: صغر و ذل.

[37] سقط من: ب.