خاتمة الفتن و الکتاب هدم الحبشة للکعبة و هلکة الأعراب
عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلي الله عليه و سلم، قال: «يخرج کنز الکعبة ذو السويقتين [1] من الحبشة»:. [176 ظ]
أخرجه البخاري و مسلم، في «صحيحيهما». [2] .
و عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و سلم: «يخرب الکعبة ذو السويقتين من الحبشة».
أخرجه الامام مسلم، في «صحيحه». [3] .
و عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلي الله عليه و سلم، قال: «ذو السويقتين من الحبشة يخرب بيت الله».
أخرجه الامام مسلم، في «صحيحه». [4] .
و عن سعيد بن سمعان، قال: سمعت أباهريرة، يحدث أباقتادة، أن النبي صلي الله عليه و سلم، قال: «يبايع رجل بين
[ صفحه 344]
الرکن و المقام، و لن [5] يستحل هذا البيت الا أهله. فاذا استحلوه فلا تسأل عن هلکة [6] العرب، ثم تجي ء الحبشة فتخربه خرابا لا يعمر بعده أبدا، و هم الذين يستخرجون کنزه».
أخرجه الحاکم أبوعبدالله الحافظ، في «مستدرکه»، [7] و قال: [177 و] هذا حديث صحيح الاسناد:، علي شرط البخاري و مسلم، و لم يخرجاه. [8] .
و عن کعب الأخبار، رضي الله عنه، في قصة يأجوج و مأجوج، و هلاکهم، و ما تخرج الأرض من زهرتها و برکتها، بعد ذلک قال: و تکون سلوة من عيش.
قال: [9] فبينما الناس کذلک، اذ جاءهم خبر، أن ذا السويقتين صاحب الجيش قد غزا البيت، فيبعث المسلمون جيشا، فلا يصل اليهم، و لا يرجعون الي أصحابهم، حتي يبعث الله ريحا يمانية، من تحت العرش، فتقبض روح کل مؤمن.
أخرجه الامام أبوعمرو الداني، في «سننه». [10] .
و عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلي الله عليه و سلم، قال: «لا تقوم الساعة حتي لا يحج البيت».
[ صفحه 345]
أخرجه الحافظ أبوعبدالله الحاکم، في «مستدرکه»، [11] و قال: هذا حديث صحيح، علي شرط البخاري، و مسلم، و لم يخرجاه. [12] .
و قد [13] صح: و ثبت أن البيت يحج و يعتمر [14] بعد خروج يأجوج [177 ظ] و مأجوج، بما صح عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، أن النبي صلي الله عليه و سلم، قال: «ليحجن البيت و ليعتمرن بعد خروج يأجوج و مأجوج».
أخرجه الحافظ أبوعبدالله الحاکم، في «مستدرکه»، [15] و قال: هذا حديث صحيح الاسناد، و لم يخرجاه.
ثم قال الحاکم رحمه الله: [16] و اذا جمعنا بين الحديثين - يعني هذا و الذي تقدمه- [17] قلنا: لا تقوم الساعة حتي لا يحج البيت، أي بعد خروج يأجوج و مأجوج، فانه يمکن أن يحج و يعتمر بعد ذلک، ثم ينقطع الحج بمرة، و الله أعلم.
قال الشيخ الامام الحافظ أبوبکر البيهقي، رحمه الله، بعد
[ صفحه 346]
ذکر أشراط. [18] الساعة، ذکر عن [19] الحليمي، [20] في ترتيب خروج هذه الآيات شي ء لا يوافق ما رويناه من الآثار؛ زعم أن أول [178 و] هذه الآيات ظهور الدجال، ثم نزول عيسي،: ثم خروج يأجوج و مأجوج، ثم خروج الدابة، ثم طلوع الشمس من مغربها.
واستدل عليه بأن الکفار يسلمون في زمان عيسي عليه السلام، حتي تکون الدعوة واحدة، و لو کانت الشمس طلعت من مغربها قبل خروج الدجال و نزول عيسي عليه السلام، لم ينفع الکفار ايمانهم أيام عيسي ابن مريم، [21] ولو لم ينفعهم لما صار الدين واحدا، باسلام من يسلم منهم.
و هذا کلام صحيح، لو لم يخالفه الحديث الصحيح: «أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها، أو خروج الدابة علي الناس ضحي، فأيتهما کانت قبل صاحبتها فالأخري علي أثرها، قريبا منها».
و روي عن النبي صلي الله عليه و سلم، ما يدل علي أن آخرها خروج يأجوج و مأجوج، و ثبت أن النبي صلي الله عليه و سلم، قال: «ثلاث اذا خرجن لم ينفع نفسا ايمانها، لم تکن آمنت من قبل؛
[ صفحه 347]
طلوع الشمس من: مغربها، و الدجال، و الدابة» فلم يخص بذلک [178 ظ] طلوع الشمس من مغربها. [22] .
و قد يحتمل ان [23] کان في علم الله عزوجل، أن يکون طلوع الشمس من مغربها قبل خروج الدجال، و نزول عيسي ابن مريم، عليه السلام، أن يکون المراد بقوله: «لا ينفع نفسا ايمانها، لم تکن آمنت من قبل أو کسبت في ايمانها خيرا» أنفس [24] القرن [25] الذين شاهدوا تلک الآية العظيمة، فاذا مضي ذلک القرن، و تطاول الزمان، و عاد الناس الي ما کانوا عليه من الأديان، عاد تکليف الايمان بالغيب، و کذلک من آمن في وقت عيسي، ممن شاهد الدجال، لا ينفعه، و من آمن ممن لم يشاهده [26] نفعه، و عدم انتفاع من شاهده بايمانه لا يمنع من أن تکون الدعوة: في زمانه واحدة. فانه اذا ترک [179 ظ] ملته لم يدع اليها.
و ان کان في علم الله تعالي أن يکون طلوع الشمس من مغربها بعد نزول عيسي، فقد يحتمل أن يکون المراد بقوله: «أول الآيات خروجا» الحديث، آيات سوي خروج الدجال، فتکون تلک الآيات قبل طلوع الشمس من مغربها، اذ ليس في نص الخبر أن ذلک يکون قبل خروج الدجال، [27] و انما النص فيه عن عبدالله
[ صفحه 348]
ابن عمرو و ما روي عن النبي صلي الله عليه و سلم يحتمل ما ذکرناه، و الله أعلم، غير أن رواية أبي هريرة، عن رسول الله صلي الله عليه و سلم: «ثلاث اذا خرجن» يمنع من تخصيص طلوع الشمس بذلک فالحمل علي ما ذکرنا أولي.
فأما ظهور الآيات علي الدجال و غيره ممن يدعي الربوبية باطلا، و عدم ظهورها علي من يدعي النبوة کاذبا، فان مدعي الربوبية باطلا غير منفک في نفسه من دلائل الحدث، و أمارات الخلق، [179 ظ] فلا يؤدي ظهور الآيات عليه الي التباس حاله.
و أما مدعي النبوة، فانه يدعي أمرا ممکنا؛ الا أنه مفتر [28] ليس له شاهد في نفسه علي أنه محق أو مبطل فيه، فلو أمد بالمعجزة، و هو کاذب، کما يمد [29] الصادق، لما أمکن الفرق بينهما، فلم [30] يجز ظهور الآيات الا علي من يدعيها [و هو] [31] صادق، و الله أعلم.
و لأن من أبصر الدجال، و هو ناقص بالعور، علم أنه لو کان ربا لأزال النقص عن نفسه، و ما يظهر عليه من الآيات امتحان من الله سبحانه و تعالي للمکلفين من عباده؛ و دلالات النقص، علي کذبه في دعواه. و بالله الوفيق، و هو حسبنا و نعم الوکيل. [32] .
[ صفحه 349]
قال المؤلف، رحمه الله تعالي: [33] .
قد من الله تعالي بالعون علي تلبية الداعي بالسمع و الطاعة، و جمع ما التمس جمعه علي حسب الاستطاعة، [34] و ايداع هذا المجموع من الآثار في: المعني المقصود ما فيه کفاية و مقنع، و جمع [180 و] أصول لجمعه [35] و بذل جهد ليس في المزيد عليه مطمع، علي أني في ذلک [36] مغترف من حياظ لست في اغترافي منها بخبير، و معترف [37] في کل فن بالعجز و التقصير، متصديا لاظهار عواري، متصف [38] بوصف أنا منه عاري، غير أني کسهم ان أصاب حمد مسدده. و سيف ان قطع شکر. [39] مجرده، فما وجد في ذلک من خطا فليصلحه بفضله من علم وجه الصواب فيه ورام، و ما کان فيه من صواب فرب رمية من غير رام.
و هذا آخره، نحمد [40] من ليس له آخر.
و وقع ذلک [41] في سلخ ربيع الآخر، الذي من سنة ثمان و خمسين و ستمائة. أحسن الله تعالي تقضيها، و کف أکف من سلطهم علي انتهاک حرمة من تکفل بها و بأهليها، و منحنا مالا ينقص: من ملکه [180 ظ]
[ صفحه 350]
شيئا، و هو العفو عن موجبات هذه الضرا، و سلک بنا سبل رضاه، فانا لا تملک لأنفسنا نفعاو لا ضرا، [42] علي يدي المعتني بجمعه و کتبه، المعني بأعباء وزره و ذنبه، الراجي ممن لا تضره الذنوب و لا تنفعه المغفرة، العفو و العافية في الدنيا و الآخرة، يوسف بن يحيي بن علي المقدسي الشافعي السلمي، بمدينة دمشق، حرسها الله تعالي، و سائر بلاد الاسلام و أهله، و أعز منار الدين الحنيف و قصم من أهانه و أذله.
و الحمد لله رب العالمين، أولا و آخرا، و لا حول و لا قوة الا بالله
[ صفحه 351]
العلي العظيم، [43] و صلي الله علي سيدنا محمد و آله و صحبه، و سلم تسليما کثيرا طيبا مبارکا. [44] .
پاورقي
[1] السويقة: تصغير ساق الانسان، صفرهما لرقتبهما.
[2] لم أجده في البخاري و مسلم، و لعله الحديث التالي الذي ذکره أن مسلما خرجه، و هو في البخاري و مسلم کما يأتي.
[3] أخرجه البخاري، في باب قول الله تعالي: (جعل الله للکعبة البيت الحرام قياما للناس)، من کتاب الحج. صحيح البخاري 182:2.
وأخرجه مسلم، في باب لا تقوم الساعة حتي يمر الرجل بقبر الرجل فيتمني أن يکون مکان الميت من البلاء، من کتاب الفتن و أشراط الساعة. صحيح مسلم 2232:4.
[4] انظر الموضع السابق من صحيح مسلم.
[5] في ب، ق: «ولا».
[6] في ق: «هلک».
[7] في کتاب الفتن و الملاحم. المستدرک 453:4.
[8] في تلخيص المستدرک 453:4: «قلت: ما خرجا لابن سمعان شيئا، و لا روي عنه ابن أبي ذئب، و قد تکلم فيه».
[9] من: الأصل.
[10] سنن الداني. لوحة 242.
[11] في کتاب الملاحم و الفتن. المستدرک 453:4.
[12] بعد هذا في ب، ق زيادة: «و قد أو قفه أبوداود عن شعبة»، و هو من کلام الحاکم، و أبوداود هو الطيالسي، کما في تلخيص المستدرک 453:4.
[13] هذا مأخوذ من کلام الحاکم في المستدرک 453:4.
[14] في ب، ق: «و يعمر».
[15] في کتاب الملاحم و الفتن. المستدرک 453:4.
[16] هذه رواية کلام الحاکم بمعناه. انظر المستدرک 454،453:4.
[17] سقط من: ب، ق.
[18] في الأصل: «ذکره لأشراط».
[19] سقط من: س.
[20] هو أبوعبدالله الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم الحليمي الشافعي.
امام، فقيه، محدث، توفي سنة ثلاث و أربعمائة.
طبقات العبادي 105، المنتظم 264:7، العبر 84:3، طبقات الشافعية الکبري 4: 343 - 333.
[21] في ق: «لم ينفع نفسا ايمانها أيام نزول عليه السلام».
[22] سقط من: ب، ق.
[23] في ب: «اذ».
[24] في ب، ق: «نفس».
[25] سقط من: ق.
[26] في الأصل، ق: «يشاهد».
[27] سقط من: ب.
[28] سقط من: ق.
[29] في ق: «أمد».
[30] في الأصل: «فلولم».
[31] تکملة لازمة.
[32] سقط من: ب، ق.
[33] من: ب، ق.
[34] في ب، ق: «الطاقة».
[35] في ب، ق: «بجمعه».
[36] في الأصل، س: «علي أن ذلک».
[37] سقط من: ب.
[38] کذا في النسخ. أي: و أنا متصف.
[39] في ق: «حمد».
[40] في ب، ق: «بجمد».
[41] في س زيادة: «يعني تأليفه».
[42] الي هنا انتهي ماورد في نسخة الأصل من کلام المصنف، و جاء فيها بعده: «علي يد العبد الفقير الحقير، المعترف بالعجز و التقصير، الراجي عفو ربه و مغفرته القدير، سليمان المدعو بزين العابدين بن عبدالعزيز بن ناصرالدين العباسي الأزهري الشافعي، عفا الله تعالي عنهم أجمعين، و غفر له و لوالديه و لمشايخه و لجميع المسلمين. و کان الفراغ من کتابه يوم الاثنين ثاني عشرين شهر جمادي الأول من شهور سنة عشر و تسعمائة، أحسن الله تعالي عاقبتها في الأمور کلها، بمحمد و آله، و حسبنا الله و نعم الوکيل، و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم، و صلواته علي خير خلقه سيدنا محمد و علي آله و صحبه و سلم، و الحمدلله وحده و کفي».
و کذلک انتهي الي هنا ماجاء من کلام المؤلف بالنسخة س، و جاء فيها بعده من کلام الناسخ: «کتب ذلک من نسخة الأصل التي بخط مؤلفه رحمه الله، علي يد العبد الفقير الحقير، المعترف بالعجز و التقصير، المعني بأعباه وزره و ذنبه، الراجي ممن لا تضره الذنوب و لا تنقصه المغفرة، العفو و العافية في الدنيا و الآخرة، منصور بن علي بن محمد بن أحمد المنياوي الجرجاوي الحنفي، غفر الله تعالي له ولوالديه و لجميع المسلمين، آمين آمين آمين، و کان الفراغ من هذه النسخة يوم الأربعاء حادي عشر جمادي الآخر من شهور ستة اثنتين و تسعين و تسعمائة، أحسن الله عاقبتها، و صلي الله علي سيدنا محمد و علي آله و أصحابه و سلم تسليما کثيرا».
[43] جاء بعد هذا آخر النسخة ب: «و وافق الفراغ من تحرير هذه النسخة المبارکة يوم الخميس المبارک ثالث عشر القعدة الحرام من شهور سنة ألف و مائة و ست من هجرة خير الأنام، عليه أفضل الصلاة و السلام، علي يد کاتبه الفقير الي رحمة ربه و غفرانه، يوسف بن محمد الشهير بابن الوکيل الملوي، عفا الله عنه و غفر له ذنوبه، و ستر بسر آل البيت النبوي عيوبه، و والديه و مشايخه و المسلمين و حشره في زمرتهم يوم الدين، آمين».
[44] في ق بعد هذا: «و کان الفراغ من نساخته وقت صلاة الضحي من نهار الجمعة الرابع و العشرين من شهر المحرم الحرام أول شهور سنة ثلاث و خمسين و تسعمائة من الهجرة النبوية، علي صاحبها أفضل الصلاة و السلام. و صل الله علي سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم تسليما کثيرا طيبا مبارکا».