مقدمة المحقق
الفتن و الملاحم و أشراط الساعة، من الأبواب التي اهتم بها المحدثون، لما للاخبار بالمغيبات من أهمية خاصة، فالدنيا دار حرث، و الآخرة دار الجزاء، و هذه الأبواب تشتمل علي الأحاديث الواردة فيما يعرض للأمة من فتن، و ما يحذث في آخر الزمان الي قيام الساعة، و قد حفلت کتب السنة النبوية برواية هذه الأحاديث:
فالامام أبوعبدالله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (241 ه) روا ما في «مسنده».
و الامام أبوعبدالله محمد بن اسماعيل البخاري (256 ه) رواها في «صحيحه». [1] .
[ صفحه 6مقدمه]
و الامام أبوالحسين مسلم بن الحجاج القيشري (261 ه) رواهه في «صحيحه». [2] .
و أبوعبدالله محمد بن يزيد، ابن ماجه، القزويني (273 ه) رواهه في «سننه». [3] .
و أب داود سليمان بن الأشعث السجستاني (275 ه) رواهه في «سننه». [4] .
و أبوعيسي محمد بن عيسي بن سورة الترمذي (279 ه) رواهه في «جامعه». [5] .
و أبوالقاسم سليمان بن أحمد الطبراني (360 ه) رواهه في «معجميه، الصغير و الکبير».
و أبوعبدالله محمد بن عبد الله الحاکم النيسابوري (405 ه) رواهه في «مستدرکه علي الصحيحين». [6] .
و أبومحمد الحسين بن مسعود البغوي (516 ه) أو ردها في کتابه «مصابيح السنة». [7] .
[ صفحه 7مقدمه]
و أبوالسعادات المبارک بن محمد، ابن الأثير الجزري (606 ه) أوردها في کتابه «جامع الأصول من أحاديث الرسول، صلي الله عليه و سلم». [8] .
و قد صنفت کتب برأسها في الموضوع، منها:
لأبي عبدالله نعيم بن حماد المروزي (228 ه) کتاب «الفتن». و لأبي الحسين أحمد بن جعفر بن محمد البغدادي، ابن المنادي (336 ه) کتاب «الملاحم».
و لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني (444 ه) کتاب «الفتن».
و لأبي الفداء اسماعيل بن عمر بن کثير الدمشقي (774 ه) کتاب «الفتن و الملاحم» و هو کتاب «النهاية»، تتمة موسوعته في التاريخ «البداية و النهاية».
و کتاب «عقد البدرر في أخبار المنتظر» من الکتب المؤلفة في هذا الباب، فانه الي عنايته بايراد ما ورد في المهدي يحفل بأبواب کثيرة من أبواب الفتن و الملاحم؛ مثل أخبار الدجال، و نزول عيسي ابن مريم عليه السلام، و الملاحم بين المسلمين و الروم و الترک، و النار التي تسوق الناس، و خروج الدابة، الي غير ذلک من الأهوال التي تسبق قيام الساعة.
[ صفحه 8مقدمه]
و مصنفه هو: يوسف بن يحيي بن علي بن عبدالعزيز المقدمي الشافعي السلمي. هکذا جاء اسمه في صدر مخطوطات الکتاب، و قد ظنه برو کلمان بهاءالدين أباالفضل يوسف بن يحيي بن محمد بن زکي الدين علي القرشي الدمشقي، المتوفي سنة خمس و ثمانين و ستمائة.
و ذکر في ترجمة ابن الزکي هذا کتاب «عقد الدرر»، ثم عاد الي ذکره في «الملحق» لينبه علي نسخة منه في مشهد. [9] .
و استدرک الأستاذ خير الدين الزر کلي هذا في ترجمة ابن الزکي، فقال: «قلت: لم يذکر له مترجموه تصنيفا، و يظهر أن التشابه بين اسمه و اسم يوسف بن يحيي بن علي بن عبد العزيز الشافعي المقدسي السلمي، مؤلف عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر، و قد أتم تأليفه سنة 658 ه، أدي الي الظن بأنهما شخص واحد، و لم أجد للثاني ترجمة مستقلة». [10] .
أما الأستاذ عمر رضا کحالة، فقد ترجمه نقلا عن برو کلمان، و فهرست المخطوطات المصورة في معهد المخطوطات العربية (184:2) و جعل وفاته سنة 685 ه. [11] .
و ليس بين أيدينا ما تنجلي به حياة مؤلف الکتاب، کما أنا لا نعرف تاريخ وفاته، و غاية ما وصل الينا أنه انتهي من تأليف کتابه في
[ صفحه 9مقدمه]
سلخ ربيع الآخر، من سنة ثمان و خمسين و ستمائة، و هو من کلام المؤلف في آخر کتابه.
و رغم أن المصادر لا تسعف في ترجمته، فان الاستفادة بکتابه جلية لمن تتبع المؤلفات بعده في الکلام علي المهدي، فکتابه أبسط کتاب في الموضوع، و أکثرها مادة، و أدقها في تقسيم الأبواب و تتابعها، و الکتب التالية مختصرات له، أو اعادة لمادته علي منهاج مختلف، و بعضها يتضمن مناقشات لبعض مروياته، و توثيق أو توهين ببعض الآثار الواردة في الباب.
و انک لتلمس أثر هذا الکتاب عند جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بکر السيوطي (911 ه) في: «العرف الوردي في أخبار المهدي»، و «الکشف في مجاوزة هذه الأمة الألف»، و «تعريف الفئة بأجوبة الأسئلة المائة».
و عند شهاب الدين أحمد بن محمد، ابن حجر الهيتمي الشافعي (974 ه) في کتابه «القول المختصر في علامات المهدي المنتظر».
و عند علي بن حسام الدين بن عبد الملک، المتقي الهندي (975 ه)، في کتابيه: «البرهان في علامات مهدي آخر الزمان»، و «تلخيص البيان في علامات مهدي آخر الزمان»، و قد صرح في مقدمة الکتابين بالنقل عن «عقد الدرر»، و أعلم علي ما نقله منه بحرف العين هکذا «ع».
[ صفحه 10مقدمه]
و عند علي بن سلطان محمد الهروي القاري الحنفي (1014 ه) في کتابه «المشرب الوردي في مذهب المهدي».
و عند مرعي بن يوسف الحنبلي (1033 ه) في کتابه «فرائد فوائد الفکر في الامام المهدي المنتظر».
و قد بين المولف في مقدمة کتابه ما دعاه الي تأليفه، من فساد الزمان، و ما يراه من يأس معاصريه من صلاح الأحوال، و رجا أن يکون ذلک عند خروج الامام المهدي، ثم رد علي من ينکر أمر المهدي، ورد أيضا علي من يزعم أن لا مهدي الا عيسي ابن مريم، و بين أن ما يروي في هذا منکر و لا يرتقي الي درجة الصحيح، و نقل هذا عن النسائي، و ابن الجوزي في نقله عن البيهقي عن شيخه الحاکم النيسابوري، و ذکر أنه علي فرض صحته فان له تأويلا.
و نص المؤلف علي منهجه، و هو جمع ما تيسر و حضر، من الأحاديث الواردة في حق الامام المهدي، مما نقلته الأئمة برواياتهم المسندة، محذوفة الأسانيد، طلبا للاختصار.
و قد ساعده في الجمع تلميذ له هو محمد بن يوسف، و حين تم جمع مادة الکتاب جعلها في اثني عشر باب، و قد تضمنت بعض هذه الأبواب فصولا، مثل الباب الرابع، و الباب التاسع، و الباب الثاني عشر.
و يسوق المؤلف في کل باب من هذه الأبواب: الأحاديث و الآثار، و الأخبار، و الأقوال.
[ صفحه 11مقدمه]
و ببدأ بذکر ما يجده من الأحاديث في: «صحيح البخاري»، و «صحيح مسلم»، ثم بما في «المستدرک» للحاکم النيسابوري، ثم «مسند الامام أحمد»، ثم يورد ما في سنن: أبي داود، و ابن ماجه، و النسائي، و الترمذي.
و ما نقله المؤلف عن الامام البخاري قليل، و أکثر نقله عن «صحيح مسلم»، و ربما ذکر أن الحديث في «الصحيحين»، و قد تفرد به مسلم. [12] و ربما ذکر أن الحديث في «صحيح مسلم»، و لم أجده بلفظه فيه. [13] .
و قد أکثر من النقل عن «المستدرک»، للحاکم، و عن «سنن ابن ماجه»، و لم أجد في «المجتبي» من السنن، للنسائي، ما نقله من الأحاديث عن النسائي.
و قد عمد المؤلف الي کتاب «الفتن» لأبي عبدالله نعيم بن حماد المروزي، و الي کتاب «السنن» لأبي عمرو الداني المقري، و الي کتاب «الملاحم» لأبي الحسين ابن المنادي، و الي کتب أبي نعيم أحمد بن عبدالله الأصفهاني (430 ه) في: مناقب المهدي، و حلية الأولياء، وصفة المهدي، و فوائد أبونعيم، و عواليه، و الي کتاب أبي بکر أحمد بن الحسين البيهقي (458 ه) «البعث و النشور»، فنقل کثيرا مما فيها الي هذا الکتاب.
[ صفحه 12مقدمه]
و نقل أيضا عن: أبي القاسم الطبراني، في «معجميه» الصغير، و الکبير، و عن أبي محمد البغوي في «مصابيح السنة»، و عن أبي شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي، في «الفردوس».
و کانت مصادره من کتب التفسير: تفسير أبي جعفر محمد بن جزير الطبري (310 ه)، و تفسير أبي بکر محمد بن الحسن النقاش (351 ه)» و تفسير أبي اسحاق أحمد بن محمد الثعلبي (427 ه).
و اعتمد في قصص الأنبياء علي کتابي: أبي الحسن محمد بن عبيد الکسائي، و أبي اسحاق الثعلبي.
و نقل عن «المسالک الممالک» لأبي القاسم عبيد الله بن أحمد بن خرداذبه (280 ه) و عن أبي القاسم عبدالرحمن بن عبدالله السهيلي (581 ه) في کتابه «الروض الأنف». و عن أبي محمد عبدالله بن مسلم، ابن قتيبة الدينوري (276 ه)، [14] و عن أبي العباس أحمد ابن يحيي، ثعلب (921 ه) في شرحه لکلمة «الدجال».
و الآثار و الأخبار التي نقلها أکثرها عن أبي عبدالله الحسين بن علي رضي الله عنهما، و عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، رضي الله عنه، و عن کعب بن ماتع الحميري، المنعوب بالأخبار (32 ه).
و قد اکتفي المؤلف برواية الأحاديث و الآثار و الأخبار و الأقوال في کل باب، دون أن يعرض التصحيح أو التضعيف، و لکنه خالف
[ صفحه 13مقدمه]
منهجه هذا في الفصل الرابع من الباب الرابع، و في مقدمة الباب الثاني عشر، و الاول في زبدة احاديث مرضية و بيان أن آخر العلامات قتل النفس الزکية، و الثاني في تصرم الأيام المهدية، و قد ساقهما المؤلف بطريقة السرد القصصي.
و قد اعتمدت في تحقيق الکتاب علي النسلخ التالية:
1- نسخة کتبت بقلم نسخي جيد، سنة عشر و تسعمائة، کتبها زين العابدين سليمان بن عبدالعزيز بن ناصرالدين العباسي الأزهري، و تقع في 180 ورقة، و مسطرتها 13 سطرا، و عليها مقابلة و تصحيح، و هي محفوظة بمکتبة برلين برقم 2723. و هي النسخة (الأصل).
2- نسخة کتبت بقلم نسخي، سنة ثلاث و خمسين و تسعمائة، و کتبت العناوين بالحمرة، و تقع في 54 ورقة، و مسطرتها 23 سطرا، و عليها مقابلة و تصحيح، و هي محفوظة بالمکتبة الرضوية بمشهد (ايران). برقم 1751. و هي النسخة (ق):
3- نسخة کتبت بقلم نسخي، سنة اثنتين و تسعين و تسعمائة، کتبها من نسخة الأصل التي هي بخط المؤلف، منصور بن علي بن محمد بن أحمد المنياوي الجرجاري الحنفي، و عليها تصحيح، و تقع في 92 ورقة، و مسطرتها 21 سطرا، و هي مصورة من مکتبة سوهاج، و مصورتها في معهد المخطوطات العربية، برقم 335 تاريخ. و هي النسخة (س).
4- نسخة کتبت بقلم نسخي جيد، سنة ست و مائة و ألف،
[ صفحه 14مقدمه]
کتبها محمد الشهير بابن الوکيل للاوي، و کتبت العناوين الفرعية بالحمزة، و رئوس الأبواب بقلم الثلث، و تقع في 77 ورقة، و مسطرتها 23 سطرا، و هي مصورة من نکتبة البلدية بالاسکندرية، و مصورتها في معهد المخطوطات العربية، برقم 165 توحيد. و هي النسخة (ب).
و بين نسخة الأصل، و النسخة (س) تشابه کبير، غير أن النسخة (س) مضطربة الأوراق، و قد سقط منها نحو خمس و رفات في أثناء الفصل الثاني من الباب الرابع، و نحو أربعين ورقة، و يهدأ هذا السقط الکبير قبل نهاية الفصل الأول من الباب التاسع، و ينتهي أثناء الفصل الثاني من الباب الثاني عشر.
کما أن التشابه کبير بين النسختين (ب)، و (ق) حيث تتفقان في فروق بعض الألفاظ، و يسقط منهما لفظة، أو جملة، أو سطر، أو بضعة سطور، و قد سقط منهما نحو ورقة في أثنا الفصل الخامس من الباب الثاني عشر، و سقط من (ب) وحدها نحو و رقتين قرب آخر الفصل الثامن من الباب الثاني عشر، غير أن السقط في (ب) أکثر سنه في (ق).
و قد تکفلت حواشي التحقيق بيان کل ذلک في مواضعه.
أما بعد، فان هنا الکتاب يجمع بين دفتيه الأحاديث و الآثار و الأخبار و الأقوال عن المهدي، مبوبة مفصلة، و أرجو أن أکون
[ صفحه 15مقدمه]
قد وفقت في تحقيقه علي النحو الذي بيسر للباحثين الرجوع اليه، و يتيح لهم دراسة النصوص التي تضمنها، متمينين بما ورثناء عن أسلافنا من سلامة المنهج، و التجرد للعلم، و الاخلاص لله رب العالمين، و هو حسبنا و نعم الوکيل.
الدکتور عبد الفتاح محمد الحلو
الفاهرة في يوم الجمعة:
19 من شهر ربيع الأول سنة 1399 ه
16 من برابر (شباط) سنة 1979 م
[ صفحه 3]
پاورقي
[1] في باب التعوذ من الفتن، صحيح البخاري 96:8، و في کتاب الفتن، صحيح البخاري 58:9.
[2] في کتاب الفتن و أشراط الساعة، صحيح مسلم 2207:4.
[3] في کتاب الفتن، سنن ابن ماجه 1295:2.
[4] في کتاب الفتن، و المهدي، و الملاحم 410:2.
[5] في أبواب الفتن عارضة الأحوذي 2:9.
[6] في کتاب الفتن و الملاحم، المستدرک 418:4.
[7] في کتاب الفتن، مصابيح السنة 184:2.
[8] في الکتاب التاسع في القيامة و ما يتعلق بها اولا و آخرا جامع الأصول 47:11.
[9] Brcok .1 : 555 ، 556 S: 1 : 769.
[10] الأعلام 340:9.
[11] معجم المؤلفين 343:13.
[12] انظر مثلا أول الباب العاشر، و أثناء الفصل الثالث من الباب الثاني عشر، و أول الفصل السادس من الباب الثاني عشر.
[13] انظر أثناء الفصل الثاني من الباب الثالث عشر.
[14] نقلي المؤلف عنه في شرحه لکلمة «النبج»، و ذکر أن ذلک في «غريب الحديث». و ليس فيه، و انما هو في «تأويل مختلف الحديث».