حديث الحسني و أصحابه و حديث السفياني
يولي الحسني علي جميع أصحابه رجلا من أهل بيته اسمه«شعيب بن صالح»ثم يخرج منها متوجها الي الکوفة، و قد کان السفياني افتتح العراقين: عراق بابل، و عراق المشرق من أرض خراسان، و أرض فارس، و أرض البصرة، و أرض اليمامة، و ولي عماله، فافتتح له عامله علي اليمامة البحرين، و ولي ابنه الأکبر و اسمه«عنبسة»علي خراسان، و فرق عماله علي کور خراسان، و علي کور فارس و الأهواز، و استقام له الأمر.
فلما أتاه«وبر»يخبره ما أصاب جيشه بالبيداء خبل الله بدنه، و بلغ الخبر ابنه و جيمع عماله و جيشه - و أن الحسني قد أقبل من المدينة - و ابنه سفيان بن السفياني، فتهيأ لمحاربة الحسني، و کان المکلف الذي هرب الي خراسان، هرب الي ملک الروم، فأجاره و أنزله، و جعل له أن لا يسلمه أبدا، و يقبل الحسني، فيدخل الکوفة، فيرد سبيهم اليهم، و ما اخذ منهم، و قد تلقوه بالدعاء و الشکر، و أخبروه أن السفياني بالأنبار.
فيخطب الحسني بالناس، و يأمرهم بطاعة الله، و يبايعه أهل الکوفة، و من حولها من الأشراف، فيخرج من الکوفة يريد السفياني بالأنبار، و الحسني في مائة ألف فارس و راجل، و يبلغ السفياني فيأمر أصحابه فيحملونه الي المدائن، و يکتب الي ابنه و الي عماله، فيجتمعون اليه بالمدائن، و يسير اليهم الحسني، و السفياني و أصحابه معسکرون أسفل المدائن، في الجانب الشرقي في دجلة.
و يسير اليه الحسني، و ينزل فيما بين دجلة و نهر يقال له«نهر الملک»علي تل مشرف علي نهر ملک يقال له«ساباط المدائن»و ينزل أصحابه دون التل من التل الي دجلة، و ذلک فرسخ، و هنالک بين خلالها أنهار معشبة.
[ صفحه 201]
فيأمر أصحابه فيقطعون الأشجار و القصب، و يخربون تلک البساتين، و يجعلون ثم جسرا علي تلک الأنهار، و يقيم في موضعه، ثم يرسل رجلا من أصحابه في خمسين ألفا بين فارس و راجل، فيأتون موضعا فوق قرية يقال لها«قطربل»و هي فوق المدينة العتيقة التي کان أبو الملک بها، فيجمعون هنالک السفن، و يعقدون جسرا، و يعبرون دجلة الي الجانب الشرقي، و يکتبون الي الحسني بذلک، فيعبر عند ذلک الحسني علي جسره الذي عقده الي الجانب الشرقي من دجلة، في نصف أصحابه، و يتخلف النصف، و هم خمس و ثلاثون ألفا، [1] و کذلک الذين مع الحسني، و يخرج اليهم ابن السفياني في أصحابه.
و يلقي الله علي أصحاب السفياني الدهش، و يهيج الله عليهم ريح الجنوب، و هي في أقفية أصحاب الحسني، و في وجوه أصحاب السفياني، فتسفي التراب في أعينهم، و أعين خيولهم، فلا يبصرون وجوه قتلهم، و يحمل عليهم أصحاب الحسني، فالريح من ورائهم ليس يصيبهم من ذلک التراب شي ء، بل يحمل الفارس و الراجل علي من قدامه، فيضعون السلاح في أصحاب السفياني، فيقتلونهم حتي لا يفلت منهم الا أقل من عشرهم، و يؤخذ السفياني و ابنه الأکبر في الأسر.
فاذا رآه الحسني عرفه، فيقول: أنت السفياني؟ فيقول: لا.
فيقول الأسري: بلي أيها المنصور، هذا هو السفياني.
فيأمر بقطع يديه و رجليه و يصلبه، [2] فيفعل به ذلک کله علي باب سوق المدائن، و هو بين المدينتين: المدينة العتيقة، و الاخري التي بينهما الايوان.
ثم يدل علي ابنه في الأسري، فيؤتي به، فيأمر بضرب عنقه، و يعفو عن سائر الأسري.
[ صفحه 202]
و يقيم بالمدائن، و يرسل الي أصحابه الذين کانوا عبروا دجلد من قطربل الي الجانب الشرقي، فيقدمون عليه.
و يبايع الحسني جميع أهل العراق، الأول من أهل بابل، و من حضرهم من أهل العراق الشرقي خراسان، و فارس، و الأهواز.
و يرجع الحسني الي الکوفة، و يولي العمال علي خراسان، و فارس، و الأهواز، و يوجه جيشا الي اليمامة، و البحرين، و جيشا الي أرمينية و ما وراها، و يبعث بجيوش الي الشام، يقودها جيش فيه ابن عم الحسني علي جميع الشام، و جيشين علي ثغور الشام.
ثم يوجه جيشا الي برقة، و أفريقية و ما والاهما من المغرب، و جيشا الي مصر و ما والاها من ناحية السودان، و ما والي الصعيد، و أسفل الأرض، فکلهم يستقبلهم الناس بالطاعة، و يکتبون الي الحسني بذلک.
فيحمد الله و يشکره، و يکون [له] جميع ما ملک السفياني، و صفا له الأمر و استقام له الملک في کل ما ولي الا مکة و اليمن، [3] فانه يبعث بجيشه اليهما. فيهلکه الله بالبيداء، فکان ملکه ذلک تسعة أشهر [4] من يوم خرج بدمشق الي أن ظهر علي الملک، و ملک العراق الأول، ثم عراق المشرق بخراسان و ما والاها؛
و تصفو الأرض للحسني، ثم ان الحسني يستخلف علي العراقين و ما والاهما في ذلک من الناس، و هوان من أنفسهم، وضيق من معايشهم، فيقوم أحدهم بقية تلک الليلة يصلي مقدار ورده کل ليلة، فلا يري الصبح فيستنکر ذلک، فيقول لعلي قد خففت قراءتي أو قمت قبل حيني!
[ صفحه 203]
فيخرج فينظر الي السماء فاذا هو بالليل کما هو! و النجوم قد استدارت مع السماء، فصارت مکانها من أول الليل.
ثم يدخل فيأخذ مضجعه فلا يأخذه النوم، فيقوم فيصلي الثانية بمقدار ورده کل ليلة، فلا يري الصبح فيزيده ذلک انکارا.
ثم يخرج فينظر الي النجوم فاذا هي قد صارت کهيئتها من الليل، ثم يدخل فيأخذ مضجعه من الثالثة، فلا يأخذه النوم، ثم يقوم أيضا فيصلي مقدار ورده، فلا يري الصبح؛
فيخرج و ينظر الي السماء، فيستخفيهم [5] البکاء، و ينادي بعضهم بعضا، فيجتمع المتهجدون في کل مسجد بحضرتهم، و هم قبل ذلک قد کانوا يتواصلون و يتعارفون، فلا يزالون يتضرعون الي الله بقية تلک الليلة، و الغافلون في غفلتهم، فاذا تم للشمس مقدار ليال، و للقمر مقدار ليليتن، أرسل الله اليهما بجبرئيل، فقال لهما: ان الرب أمرکما أن ترجعا الي المغرب، فتطلعا منه، فانه لا ضوء لکما عندنا اليوم و لا نور.
قال: فيبکيان عند ذلک وجلا من الله عز و جل، فتبکي الملائکة لبکائهما، مع ما يخالطهم من الخوف، قال: فيرجعان الي المغرب، فيطلعان من المغرب، قال: فبينا الناس کذلک، اذ نادي مناد: ألا ان الشمس و القمر قد طلعتا من المغرب!!
فينظر اليهما الناس، فاذا هما أسودان کهيئتهما في حال کسوفهما، لا ضوء للشمس، و لا نور للقمر.
فذلک قول الله عز و جل: (اذا الشمس کورت) . [6] .
و قوله: (و خسف القمر) [7] و قوله: (و جمع الشمس و القمر) . [8] .
[ صفحه 204]
قال: فيرتفعان ينازع کل واحد منهما صاحبه، حتي يبلغا سهوة السماء، قال: و هو منصفهما.
قال: فيجيبهما جبرئيل، فيأخذ بقرنيهما الي المغرب، فلا يغربهما في تلک العيون، [9] ولکن يغربهما في باب التوبة.
فقال عمر بن الخطاب: [10] بأبي و امي يا رسول الله، و ما باب التوبة؟
قال: يا عمر، خلق الله خلف المغرب مصراعين من ذهب، مکللين بالجوهر للتوبة، فلن يتوب أحد من ولد آدم توبة. [11] .
[ابن صياد]
1:146- حدثنا أب قلابة عبدالملک بن محمد الرقاشي، قال: نبا عبيد [12] الله ابن معاذ العنبري، قال: نبا أبي، قال: نبا شعبة، عن [13] سعد بن ابراهيم، عن محمد بن المنکدر، عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال:
رأيت عمر بن الخطاب [يحلف] [14] عند النبي صلي الله عليه و آله و سلم، أن ابن صياد هو
[ صفحه 205]
الدجال، فلا ينکر ذلک صلي الله عليه و آله و سلم. [15] .2:147- حدثنا جدي رحمه الله، قال: نبا يونس بن محمد المؤدب، عن سليمان الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن عبدالله بن مسعود، قال:
بينما نحن مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نمشي اذ مررنا بصبيان يلعبون، و فيهم ابن صياد، فقال له رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: تربت يداک، [16] أتشهد أني رسول الله.
فقال هو: أتشهد أني رسول الله؟ فقال عمر: دعني لأضرب عنقه.
فقال له رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ان يکن الذي تخافه فلا يستطيعه. [17] .
3:148- حدثنا علي بن سهل النسائي، [18] قال: نبا عفان بن مسلم، قال نبا حماد بن زيد، عن أيوب؛ و عبيدالله بن عمر جميعا، عن نافع، عن ابن عمر أنه رأي ابن صياد في سکة من سکک المدينة، فسبه و وقع به، فانتفخ حتي سد الطريق، فضربه ابن عمر بعصا کانت معه حتي کسرها عليه.
فقالت له حفصة: ما شأنک و شأنه؟ أما سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول:
انما يخرج الدجال عند غضبة يغضبها؟! [19] .
[ صفحه 206]
4:149- حدثنا أبي و جدي رحمهما الله، قالا: نبا علي بن بحر القطان، قال: نبا هشام بن يوسف، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: أخبرني سالم بن عبدالله، عن أبيه أنه لقي ابن صياد في بعض سکک المدينة، قال: فاذا عينه طافية، کأنها عين جمل، فقلت له: ما لعينک هکذا؟ ما کانت هکذا؟!
قال: لا أدري و الرحمن.
قال: و مسحها بيده، قال: فقلت له: کذبت! هي في رأسک، و لا تدري؟!
قال: فنخر ثلاث نخرات، ثم انتفخ.
قال معمر و غيره: حتي ملأ ثلث سکة! [20] فأرسلت حفصة الي أخيها عبدالله ابن عمر: مالک و ما له! و قد بلغنا أن الدجال لا يخرج الا عند غضبة يغضبها؟ [21] .
[ صفحه 207]
پاورقي
[1] کذا.
[2] الظاهر أنه غير السفياني الذي يقتل علي يدي الامام المهدي عليه السلام.
[3] کذا.
[4] يستفاد من الروايات أن هذه الفتن هي مدة تسلط السفياني علي الحکم في دمشق الي أن يهلکه الله، و مدة ظهوره الي حين تسلمه الحکم ستة أشهر.
[5] کذا و الظاهر«يستخفهم».
[6] التکوير: 1.
[7] القيامة: 8.
[8] القيامة: 9.
[9] تقدم ذکرها في أول الحديث.
[10] انظر هامش 5 من ح 144، و تأمل.
[11] زاد بعدها في الأصل«فلن يتوب أحد»، و في الحديث سقط واضح.
[12] في الأصل«عبد»تصحيف، ترجم له في تهذيب التهذيب: 33:4.
[13] في الأصل«سعيد بن»تصحيف لما في المتن.
[14] أضفناها من بقية المصادر، و الحديث فيها بهذا اللفظ:... عن محمد بن المنکدر، قال: رأيت جابر بن عبدالله يحلف بالله أن ابن صائد الدجال، فقلت: تحلف بالله؟ فقال: اني سمعت عمر يحلف علي ذلک عند رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فلم ينکره رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.
[15] رواه مسلم في صحيحه: 52:18، و أبوداود في سننه: 421:4 باسناديهما الي ابن معاذ مثله.
[16] قال في مجمع البحرين: 13:2، تربت - بالکسر - المدح و التعجب و الدعاء عليه، و الذم بحسب المقام.
[17] رواه مسلم في صحيحه: 46:18، باسناده الي الأعمش مثله باختلاف بعض ألفاظه. و ابودواد في سننه: 120:4 ح 4429 باسناده الي ابن عمر نحوه.
[18] هو علي بن سهل بن المغيرة، أبوالحسن البزاز، نسائي الأصل، ترجم له في تاريخ بغداد: 428:11 رقم 6319.
[19] رواه مسلم في صحيحه: 57:18 باسناده الي أيوب، عن نافع مثله.
[20] في الأصل«سکک»، و في صحيح مسلم«ملأ السکة».
[21] رواه مسلم في صحيحه: 57:18 باسناده الي نافع نحوه.