لماذا حصر الامامة و المهدي في ذرية الحسين دون الحسن؟
اذا ما تجاوزنا هذا، و عدنا الي مسألة الامامة بلحاظ کون المهدي الموعود هو قائم الائمة و من ذريتهم، نجد أنها قد انحصرت بذرية الامام الحسين السبط عليه السلام لا في الروايات الصحيحة الکثيرة التي تفوق حد الحصر فحسب، بل في واقعها الخارجي أيضا، حيث عرفت الأمة بکل أجيالها من تصدي من آل الرسول صلي الله عليه و آله لمسألة الامامة، متحديا بذلک السلطات الحاکمة في زمانه، و يکفي فيما نحن فيه استماتة الحسنيين في کسب تأييد الامام الصادق عليه السلام لدعوتهم، حتي کان عبد الله بن الحسن يقول لما أخذ في أمر ابنه محمد و أجمع علي لقاء أصحابه: «لا أجد هذا الأمر يستقيم الا أن ألقي أبا عبد الله جعفر بن محمد»، [1] و أنه حين صارحهم في اجتماعهم بحقيقة الأمر و نهض عليه السلام، تفرقوا و لم يجتمعوا بعدها کما مر.
و أما السؤال عن سبب حصر الامامة بذرية الامام الحسين عليه السلام دون ذرية السحن عليه السلام؟.
فجوابه المحکم عند الامام الصادق عليه السلام نفسه؛ اذ قال عليه السلام: «ان موسي و هارون عليهماالسلام کانا نبيين مرسلين و أخوين، فجعل الله عز و جل النبوة في صلب هارون دون صلب موسي عليهماالسلام، و لم يکن لأحد أن يقول لم فعل الله
[ صفحه 242]
ذلک؟ و ان الامامة خلافة الله عزوجل في أرضه، و ليس لأحد أن يقول: لم جعلها الله في صلب الحسين دون صلب الحسن عليهماالسلام؛ لأن الله تبارک و تعالي هو الحکيم في أفعاله (لا يسأل عما يفعل و هم يسألون) [2] ». [3] .
و من هنا ندرک أن السر في مسألة حصر الامامة بذرية الامام الحسين عليه السلام أعمق بکثير مما قد نتصوره سببا لاختيار الله عزوجل لتلک الصفوة الطاهرة من عباده؛ کسمو أرواحهم، و عظمة اخلاقهم، و انقطاعهم لله عزوجل، و نحو ذلک من الأسباب الظاهرة التي تندرج في قائمة المثل العليا في الاسلام؛ و الا لتساووا عليهم السلام مع المتقين الأبرار الذين سلکوا طريقتهم المثلي، و مضوا علي محجتهم الواضحة.
پاورقي
[1] اصول الکافي 17:358:1 باب ما يفصل بن دعوي المحق و المبطل في أمر الامامة، من کتاب الحجة.
[2] سورة الأنبياء 22:21.
[3] اکمال الدين 2: 358- 359: 57 باب 33.