بازگشت

موقف الامام الصادق من مهدوية الحسني


ان ما يعنينا هنا هو موقف الامام الصادق عليه السلام من تلقيب محمد بن عبد الله بن الحسن بالمهدي، و اشاعة ذلک بنحو أدي الي الالتفاف علي ايمان الأمة بما بشر به النبي صلي الله عليه و آله بالمهدي الموعود المنتظر عليه السلام، و أما عن ثورتهم فلا يعنينا أمرها في بحثنا هذا بقدر ما يعنينا الترکيز علي موقف الامام الصادق عليه السلام المؤيد و المساند لکل الانتفاضات العلوية ضد الحکم الجائر المتمثل بالسلطتين الأموية و العباسية، و لکنه في ذا الوقت کان عليه السلام حريصا علي أن تتهيا الأجواء المناسبة لنجاح هذه الانتفاضة أو تلک؛



[ صفحه 226]



لکي تؤتي ثمارها في القضاء علي الظلم و الفساد و افشاء العدل و المساواة بين الناس.

و هذا القدر لابد منه لکي لا يفهم بأن الامام الصادق عليه السلام کان يقف - و حاشاه من ذلک - أمام الرغبة الصادقة في نيل شرف الشهادة بکل غال و نفيس من أجل اعلاء کلمة الله في أرضه، و مقارعة الباطل بکل قوة و صلابه.

و قد کان أبو جعفر المنصور يعلم هذا جيدا، و لهذا کان يصف الامام الصادق عليه السلام بأنه الشجي المعترض في حلقه. [1] .

نعم کان يعلم بأن الامام الصادق عليه السلام سوف ينهي محمد النفس الزکية من ادعاء المهدوية، و لکنه لا يمنعه من اقامة الأمر بالمعروف و النهي عن المنکر اذا ما استطاع اليه سبيلا.

و لا شک أنه يتذکر کلام الامام الصادق عليه السلام يوم کتب المنصور نفسه اليه عليه السلام قائلا: «لم لا تغشانا کما يغشانا سائر الناس؟ فأجابه عليه السلام: ليس لنا - من أمر الدنيا - ما نخافک من أجله، و لا عندک من أمر الآخرة ما نرجوک له، و لا أنت في نعمة فنهنيک بها، و لا نراها نقمة فنعزيک بها، فما نصنع عندک؟ قال فکتب له: تصحبنا لتنصحنا، فأجابه عليه السلام: من أراد الدنيا لا ينصحک، و من أراد الاخرة لا يصحبک». [2] .



[ صفحه 227]



و لهذا نجد أول عمل قام به المنصور بعد قتله محمد بن عبد الله أنه استدعي الامام الصادق عليه السلام و غلظ عليه الکلام ثم قال: «يا جعفر! قد علمت بفعل محمد بن عبد الله الذي يسمونه النفس الزکية، و ما نزل به، و انما انتظر الآن أن يتحرک منکم أحد فألحق الصغير بالکبير». [3] .

ان علم الامام الصادق عليه السلام بعدم تحقق الحد الأدني المطلوب من ثورة محمد النفس الزکية قبل اعلانها، و فشل حرکته المحتم، و ما سيلحق ذلک من نتائج سياسية خطيرة علي البيت العلوي عموما، و علي الامام الصادق عليه السلام خاصة، کان محفزا للامام عليه السلام أن يبين ما بينه لقادة الثورة و للمجتمع المدني يومذاک، لعلهم يتريثوا الي حين تهيئة المستلزمات المطلوبة لنجاح الثورة.

و نکتفي بهذا القدر لنعود الي معالجة القضية الأکبر التي لا زالت عند بعض المتخرصين مادة للهجوم علي الحيقة المهدوية بحجة وجود أدعيائها الکثيرين في التاريخ الشيعي کما هو الحال في مهدوية محمد بن عبد الله بن الحسن؛ لنري کيف عالج امامنا الصادق عليه السلام تلک الدعوي و بين زيفها، فنقول:

عبر موقف الامام الصادق عليه السلام في ردوده علي دعوي مهدوية محمد بن عبد الله بن الحسن تعبيرا رائعا عن امامته هو عليه السلام أولا، و عن زيف تلک الدعوي ثانيا، و علي أکثر من صعيد، کالآتي:



[ صفحه 228]




پاورقي

[1] دلائل الامامة الطبري 297- 298: 253 (89)، و الخرائج و الجرائح القطب الراوندي 2: 640- 641: 47.

[2] التذکرة الحمدونية ابن حمدون 1: 113- 114: 230، و عنه الاربلي في کشف الغمة 395:2، في مواعظ الامام الصادق عليه السلام.

[3] الفصول المهمة ابن الصباغ المالکي 224.