بازگشت

المهدوية الأموية المروانية في الميزان


انا لا نحتاج - في الواقع - الي ما قاله طاوس و غيره في الرد علي مهدوية عمر بن عبد العزيز؛ اذ لم تکن الأمة الاسلامية- في عصر الامام الصادق عليه السلام (148-114 ه)- بحاجة الي من يبين لها زيف تلک الأقوال و وهنها؛ لعلم الأمة- حينئذ- بأن عمر بن عبد العزيز الأموي قد تولي السلطة سنة 99 ه، و مات سنة 101 ه، و انه جاء اليها بعهد من سليمان بن عبد الملک الأموي (99-96 ه)، و قد بايع الأمويون لمن في کتاب العهد الذي کتبه سليمان بيده ثم ختمه، و لم يفضه أحد الي أن هلک هذا الطاغية سنة 99 ه باتفاق المؤرخين.

و مع أن الأمويين ليسوا من أهل الحل و العقد، فهم لم يعرفوا لمن بايعوا الا بعد هلاک سليمان!!



[ صفحه 206]



و قد کان (المهدي الأموي) يعتقد بأن سليمان بن عبد الملک امام مفروض الطاعة! [1] في الوقت الذي وصفه الحديث بأنه ثاني الجبارين [2] الأربعة من ولد عبد الملک بن مروان، و أن معاوية الوغد کان کذلک في عقيدته، حتي أنه ما ضرب أحدا في سلطانه غير رجل واحد تناول من معاوية، فضربه هذا (المهدي) ثلاثة أسواط!!. [3] .

و من ثم سلمها (مهدي الأمويين)- عند احتضاره - الي الجبار الثالث يزيد بن عبد الملک (105-101 ه)، و علي وفق ما رسم له من قبل الجبار الثاني سليمان، و هکذا أبقاها عمر بن عبد العزيز في الشجرة المعلونة کعلامة فارقة من علامات (عدله) الذي اغتر به الکثيرون.

نعم... لم تکن الأمة بحاجة الي من يدلها علي زيف التاريخ الأموي، و انحراف صانعيه و عتوهم و کفرهم و نفاقهم، و استسلامهم لا اسلامهم منذ أن بزغ نجمهم علي يد باغيتهم، و انتهاء بقتل حمارهم و انقضاء دولتهم التي مزقت مثل الاسلام أي ممزق، و عادت بالمجتمع الاسلامي الي حضيض الجاهلية، و نقضت الاسلام عروة فعروة. حتي صارت کلمة (أموي)



[ صفحه 207]



وحدها، کافية علي انحراف من تطلق عليه و استهتاره بکل القيم، الا من خرج بدليل منهم، و قليل ما هم. فلا غرو اذن في أن تشمئز من ذکرها النفوس و تقشعر الأبدان.

و النبي الأکرم صلي الله عليه و آله الذي بشر بمهدي أهل البيت عليهم السلام حذر أمته من الأمويين، بأنهم ليسوا من خلفاء هذه الأمة، و انما هم من الملوک، و أن ملکهم عضوض کسروي. [4] .

و قد رآهم النبي صلي الله عليه و آله في منامه، و هم ينزون علي منبره الشريف نزو القردة فساءه ذلک، فما استجمع ضاحکا حتي فارق الحياة صلي الله عليه و آله، و أنزل الله تعالي في ذلک: (و ما جعلنا الرؤيا التي أريناک الا فتنة للناس و الشجرة المعلونة في القرآن) [5] أي: بنو أمية. [6] .



[ صفحه 208]



و قال صلي الله عليه و آله في بني أمية: انهم «يردون الناس عن الاسلام القهقهري»، أو: «يردون الناس علي أعقابهم القهقري». [7] .

و قال صلي الله عليه و آله: «اذا بلغت بنو أمية أربعين رجلا اتخذوا عباد الله خولا، و مال الله نحلا، و کتاب الله دغلا». [8] .

و قال صلي الله عليه و آله: «هلاک هذه الأمة علي يدي أغيلمة من قريش».

أخرجه الحاکم ثم قال: «هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين و لم يخرجاه، و لهذا الحديث توابع و شواهد عن رسول الله صلي الله عليه و آله و صحابته الطاهرين، و الأئمة من التابعين لم يسعني الا ذکرها، فذکرت بعض ما حضرني، منها:». [9] .

ثم ذکر جملة من تلک الأحاديث، و لا بأس بالاشارة السريعة اليها و هي:

1- حديث عبد الرحمن بن عوف قال: «کان لا يولد لأحد مولود الا أتي به النبي صلي الله عليه و آله، فدعا له، فأدخل عليه مروان بن الحکم [جد عمر بن عبد العزيز]



[ صفحه 209]



فقال صلي الله عليه و آله: «هو الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون».

قال الحاکم: «هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه». [10] .

2- و حديث أبي ذر، قال: «سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: اذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا، اتخذوا مال الله دولا، و عباد الله خولا، و دين الله دغلا».

قال الحاکم: «هذا حديث صحيح علي شرط مسلم و لم يخرجاه»، [11] و قد أخرج له الحاکم شاهدا من رواية أبي سعيد. [12] .

3- و حديث أبي برزة، قال: «کان أبغض الأحياء الي رسول الله صلي الله عليه و آله: بنو أمية، و بنو حنيفة، و ثقيف».

قال الحاکم: «هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين و لم يخرجاه». [13] .

4- و حديث محمد بن زياد، قال: «لما بايع معاوية لابنه يزيد، قال مروان: سنة أبي بکر و عمر، فقال عبدالرحمن بن أبي بکر: سنة هرقل و قيصر، فقال مروان: أنزل الله فيک: (و اليذ قال لوالديه أف لکما). [14] .



[ صفحه 210]



قال: فبلغ عائشة، فقالت: کذب و الله ما هو به، و لکن رسول الله صلي الله عليه و آله لعن أبا مروان و مروان في صلبه، فمروان قصص من لعنة الله عزوجل».

قال الحاکم: «هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين و لم يخرجاه». [15] .

و قد أخرج الطبراني عن الامام الحسن السبط عليه السلام قوله لمروان: «فو الله لقد لعنک الله علي لسان نبيه صلي الله عليه و آله و أنت في صلب أبيک». [16] .

5- و حديث عمرو بن مرة الجهني قال: «ان الحکم بن أبي العاص استأذن علي النبي صلي الله عليه و آله، فعرف النبي صلي الله عليه و آله صوته و کلامه، فقال: ائذنوا له عليه لعنة الله و علي من يخرج من صلبه الا المؤمن منهم و قليل ما هم، يشرفون في الدنيا و يضعون في الآخرة، ذوو مکر و خديعة، يعطون في الدنيا، و ما لهم في الآخرة من خلاق».

قال الحاکم: «هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه، و شاهده حديث عبد الله بن الزبير»، ثم أورد حديث ابن الزبير و فه: «ان رسول الله صلي الله عليه و آله لعن الحکم و ولده» و قال: «هذا الحديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه». [17] .

و من مقارنه هذا الشاهد بحديث عمرو بن مرة الجهني، يتقوي احتمال



[ صفحه 211]



زيادة عبارة (الا المؤمن منهم، و قليل ما هم) علي حديث الجهني، خصوصا و أن لعن بني أمية قاطبة قد صح من طرقنا، فلاحظ.

هذا و قد روي الحاکم - في مکان آخر- عن أبي سعيد الخدري، قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و آله: ان أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلا و تشريدا، و ان أشد قومنا لنا بغضا: بنو أمية، و بنو المغيرة، و بنو مخزوم».

قال الحاکم: «هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه». [18] .

و حين أخذ مروان بن الحکم أسيرا يوم الجمل، و خلي سبيله أميرالمؤمنين علي عليه السلام، فقيل له: «يبايعک يا أميرالمؤمنين»؟ فقال عليه السلام: «أو لم يبايعني بعد قتل عثمان؟ لا حاجة لي فيبيعته، انها کف يهودية، لو بايعني بکفه لغدر بسبته، أما ان له امرة کلعقة الکلب أنفه، و هو أبو الأکبش الأربعة [يعني: الوليد، و سليمان، و يزيد، و هشام] و ستلقي الأمة منه و من ولده يوما أحمر». [19] .

و قد وصف أميرالمؤمنين علي عليه السلام فتنتهم بقوله عليه السلام:

«.. ألا و ان أخوف الفتن عندي عليکم فتنة بني أمية فانها فتنة عمياء مظلمة.. و أيم الله لتجدن بني أمية لکم أرباب سوء بعدي کالناب الضروس.. لا يزالون بکم حتي لا يترکوا منکم الا نافعا لهم أو غير ضائر بهم، و لا يزال بلاؤهم عنکم حتي لا يکون انتصار أحدکم منهم الا کانتصار العبد من ربه، و الصاحب من مستصحبه، ترد عليکم فتنتهم



[ صفحه 212]



شوهاء مخشية، و قطعا جاهلية، ليس فيها منار هدي، و لا علم يري». [20] .

و نتيجة لهذه الأحاديث و غيرها مما لم نذکره و هو کثير جدا في مثالب بني أمية جميعا، صار العالمون بها، و المطلعون علي سيرة بني أمية أول کافر بمهدوية عمر بن عبد العزيز عند لحظة انطلاقتها من علي أفواه الکذابين و المجرمين.

جدير بالذکر أن ابن المبارک (ت 181 ه)، و هو کما يقول المزي: «أحد الأئمة الأعلام، و حفاظ الاسلام» [21] يري أن معاوية- علي جرائمه الکبري، و موبقاته التي لا أول لها و لا آخر - أفضل من عمر بن عبد العزيز ابن مروان بن الحکم بن أبي العاص الأموي المرواني. [22] .

و کان هناک من: «يفسق عمر بن عبد العزيز، و يستهزي ء به، و يکفره». [23] .

فکيف يکون عمر مع هذا هو المهدي؟!


پاورقي

[1] منع عمر بن عبدالعزيز مروان بن عبدالملک من الرد علي أخيه سليمان بن عبد الملک في کلام وقع بينهما، قائلا له: انه امامک!! راجع: تاريخ الخلفاء السيوطي 181.

[2] سليمان هذا أحد الجبابرة الأربعة من ولد عبدالملک بن مروان، و هم: الوليد، و سليمان، و يزيد، و هشام. و قد وصفهم الحديث بالجبابرة الأربعة. أخرجه الطبراني في المعجم الکبير 897:382:19 فراجع.

[3] تاريخ الخلفاء السيوطي 190.

[4] کما في حديث سفينة عن النبي صلي الله عليه و آله في مسند أحمد 6: 289- 290: 21412 و 21416 و 21421، و الطبعة القديمة 221-220:5، و سنن أبي داود 4646:210:4 - 4647، باب الخلفاء، من کتاب السنة، و مستدرک الحاکم 4697:156:3 و الطبعة القديمة 145:3 و حديث أبي هريرة في المستدرک 4440:75:3 و الطبعة القديمة 72:3.

[5] سورة الاسراء 60:17.

[6] راجع: الکشف و البيان (تفسير الثعلبي) 111:6، و التفسير الکبير: الفخر الرازي مج 10 ج 20 ص 238، و الدر المنثور السيوطي 310:5، و کذلک: تفسير القمي 412-411: 1 و تفسير العياشي 3: 57- 58: 2537 و 2539 و 2543، و مجمع البيان الطبرسي 548:6؛ کلهم في تفسير الآية (60) من سورة الاسراء. و قد روي ذلک الحاکم النيسابوري في مستدرکه بسنده عن أبي هريرة مرفوعا، و قال: «هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين و لم يخرجاه» و اعترف الذهبي في خلاصة المستدرک بأنه صحيح علي شرط مسلم. راجع مستدرک الحاکم 8481:527:4، و الطبعة القديمة (و بذيلها خلاصة الذهبي) 480:4.

[7] روضة الکافي 543:285:8، و تفسير العياشي 3: 57- 58: 1540 و 1541 و نحوه في أصول الکافي 73:426:1 باب فيه نکت و نتف من التنزيل في الولاية من کتاب الحجة.

[8] مستدرک الحاکم 4: 525- 526: 8475- 8476، و الطبعة القديمة 479:4.

[9] مستدرک الحاکم 526:4 ذيل الحديث رقم 8576 و الطبعة القديمة 479:4.

[10] مستدرک الحاکم 8577:526:4 و الطبعة القديمة 479:4.

[11] مستدرک الحاکم4: 526- 527: 8478 و الطبعة القديمة 4: 480-479 و قد اعترف الذهبي بصحته علي شرط مسلم.

[12] مستدرک الحاکم 8479:527:4 و 8480 و الطبعة القديمة 480:4.

[13] مستدرک الحاکم 8482:528:4 و الطبعة القديمة 481-480:4 و قد اعترف الذهبي بصحته علي شرط البخاري و مسلم معا.

[14] سورة الأحقاف 17:46.

[15] مستدرک الحاکم 8483:528:4 و الطبعة القديمة 481:4.

[16] المعجم الکبير الطبراني 2740:85:3.

[17] مستدرک الحاکم 4: 528- 529: 8485 و الطبعة القديمة 4: 481- 482 و قال الحاکم في ذيل الحديث: «ليعلم طالب العلم ان هذا باب لم أذکر فيه ثلث ما روي، و ان أول الفتن في هذه الأمة فتنتهم، و لم يسعني فيما بيني و بين الله أن أخلي الکتاب من ذکرهم».

[18] مستدرک الحاکم 8500:534:4 و الطبعة القديمة 487:4.

[19] نهج البلاغة 109 رقم 73 (من کلام له عليه السلام قاله لمروان بن الحکم بالبصرة).

[20] نهج البلاغة 172 خطبة رقم 93 (في التنبيه علي فضله و علمه عليه السلام، مع بيان فتنة بني أمية و انحراف دولتهم).

[21] تهذيب الکمال 3520:6:16.

[22] راجع: الشريعة الآجري 2012:520:3 الأثر رقم 713.

[23] راجع: شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد المعتزلي 32:20.