بازگشت

ثبوت أصل العقيدة المهدوية و دعمها


من الواضح أن الحديث عن الغيبة و الغائب ابتداء، و بيان ما يجب فعله أو ترکه في زمان الغيبة، و نحو هذا من الأمور ذات الصلة المباشرة بهذا المفهوم، لا يجدي نفعا ما لا يعلم بأصل العقيدة المهدوية؛ و لهذا أراد الامام الصادق عليه السلام تنبيه الأمة علي أصل هذه العقيدة، و ذلک من خلال دعمها بما تواتر عن رسول الله صلي الله عليه و آله بشأنها، حتي لا يکون هنالک شک في الأصل الثابت عن رسول الله صلي الله عليه و آله، و هو ما اتفقت الأمة علي نقله.



[ صفحه 18]



فعن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، عن رسول الله صلي الله عليه و آله قال: «لو لم يبق من الدهر الا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا کما ملئت جورا». [1] .

و عن أبي سعيد الخدري قال: «سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول علي المنبر: ان المهدي من عترتي من أهل بيتي، يخرج في آخر الزمان، ينزل الله له من السماء قطرها، و يخرج له من الأرض بذرها، فيملأ الأرض عدلا و قسطا کما ملأها القوم ظلما و جورا». [2] .

و عن أبي سعيد الخدري أيضا، عن النبي صلي الله عليه و آله: «المهدي مني أجلي الجبهة، أقني الأنف، يملأ الأرض قسطا و عدلا کما ملئت ظلما و جورا». [3] .

و عن ام سلمة قالت: «سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة». [4] .

و عن حذيفة بن اليمان، قال: «خطبنا رسول الله صلي الله عليه و آله فذکرنا رسول الله صلي الله عليه و آله بما هو کائن، ثم قال: لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد، لطول الله عز و جل



[ صفحه 19]



ذلک اليوم حتي يبعث فيه رجلا من ولدي اسمه اسمي، فقام سلمان الفارسي رضي الله عنه فقال: يا رسول الله من أي ولدک؟ قال: من ولدي هذا، و ضرب بيده علي الحسين». [5] و غيرها من الأحاديث الکثيرة الاخري.

و مما يؤيد عمق الاعتقاد بالمهدي عليه السلام في الوجود الاسلامي، هو أنه لا يکاد يخلو کتاب حديثي من کتب المسلمين الا و د صرح بهذه الحقيقة الثابتة عن رسول الله صلي الله عليه و آله ثبوتا قطعيا، و يکفي في ذلک أن من أخرج أحاديث المهدي عليه السلام من محدثي العامة فقط بلغوا زهاء تسعين محدثا، و قد أسندوها الي أکثر من خمسين صحابيا، [6] و أما من قال بصحتها أو تواترها فقد بلغوا ثمانية و خمسين عالما من علمائهم فيما تتبعناه، [7] و اذا ما علمنا موقف أهل البيت عليهم السلام، و عرفنا عقيدة شيعتهم بالامام المهدي عليه السلام، تيقنا من حصول اجماع الأمة بکل مذاهبها علي ضرورة الاعتقاد بالمهدي عليه السلام.

و في هذا الصدد توجد أحاديث کثيرة عن الامام الصادق عليه السلام في تثبيت أصل القضية المهدوية، و هو ما اتفقت عليه کلمة المسلمين من ظهور رجل في آخر الزمان من ذرية النبي صلي الله عليه و آله يلقب بالمهدي ليملأ الأرض



[ صفحه 20]



قسطا و عدلا کما ملئت ظلما و جورا، و انه يقتل الدجال و ينزل عيسي بن مريم عليه السلام لنصرته، و يأتم بصلاته. و يدل عليه:

1- عن معمر بن راشد، عن الامام الصادق عليه السلام في حديث عن رسول الله عليه السلام صلي الله عليه و آله جاء فيه: «... و من ذريتي المهدي، اذا خرج نزل عيسي بن مريم لنصرته، فقدمه و صلي خلفه». [8] .

و في هذا الحديث تثبيت واضح لأصل القضية المهدوية، و اشارة مجملة الي هوية الامام المهدي بأنه من ذرية الرسول صلي الله عليه و آله، مع التنبيه علي مقامه، بأن عيسي عليه السلام سيکون - بأمر الله - وزيرا للمهدي و ناصرا له في آخر الزمان و أنه يأتم بصلاته.

و حديث نزول عيسي لنصرة الامام المهدي عليه السلام أخرجه البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة، [9] و أخرجه مسلم في صحيحه من طرق شتي عن أبي هريرة أيضا [10] و جابر الأنصاري، [11] و الترمذي عن أنس، [12] و أبو نعيم عن عبد الله بن عمرو [13] و حذيفة، [14] و ابن المنذر، عن شهر



[ صفحه 21]



ابن حوشب، عن ام سلمة، [15] و ابن أبي شيبة، عن ابن سيرين مرسلا. [16] .

و لا يقال هنا ان تحديد هوية الامام المهدي عليه السلام من بين الذرية الطاهرة غير معلوم في حديث الامام الصادق عليه السلام، لأنا لا زلنا في صدد تثبيت أص القضية المهدوية علي لسان الامام الصادق عليه السلام، و اثبات هذا الأصل لا يمکن اغفاله، خصوصا و أن في المسلمين من شکک فيه و أنکره جملة و تفصيلا، و مع هذا فان في مثبتات الأصل المذکور تشخيصا أعلي لموضوع الهوية کما سيأتي.

جدير ذکره أن کون المهدي من ذرية الرسول صلي الله عليه و آله يعني کونه من ذرية أميرالمؤمنين عليه السلام من فاطمة عليهاالسلام، بمعني أنه لابد و أن يکون اما من ذرية الامام الحسن السبط، أو من ذرية الامام الحسين السبط عليهما السلام لانحصار ذرية الرسول صلي الله عليه و آله بهما و بأولادهما. و من هنا جاءت الأحاديث الأخري المثبتة لأصل القضية مصرحة بهذا المعني.

2- عن أبان بن عثمان، عن الامام الصادق عليه السلام عن رسول الله صلي الله عليه و آله في حديث قاله لعلي عليه السلام: «... کان جبريل عليه السلام عندي آنفا، و أخبرني أن القائم الذي يخرج في آخر الزمان فيملأ الأرض عدلا، من ذريتک، من ولد الحسين». [17] .

3- و عن معاوية بن عمار، عن الامام الصادق عليه السلام عن رسول الله صلي الله عليه و آله



[ صفحه 22]



في حديث آخر: «... ان جبريل عليه السلام أتاني فأقرأني من ربي السلام، و قال يا محمد... و منکم القائم يصلي عيسي بن مريم خلفه، اذا أهبطه الله الي الأرض، من ذرية علي و فاطمة، من ولد الحسين عليه السلام». [18] .

هذا، و ما ما قد يقال أن في بعض الأحاديث ما يثبت کون المهدي حسنيا لا حسينيا، فالجواب باختصار أنه لا يوجد حديث صحيح البتة يثبت هذا المعني من طرق العامة، و انما وجد ذلک في حديثين فقط، أرسل الطبري أحدهما [19] و لا حجة في المرسل، و الآخر رواه أبو داود في سننه، قال: «حدثت عن هارون بن المغيرة، قال: حدثنا عمر بن أبي قيس، عن شعيب بن خالد، عن أبي اسحاق، قال: قال علي رضي الله عنه - و نظر الي ابنه الحسن -: (ان ابني هذا سيد کما سماه النبي صلي الله عليه (و آله) و سلم، و سيخرج من صلبه رجل يسمي باسم نبيکم، يشبهه في الخلق و لا يشبهه في الخلق) ثم ذکر قصة: يملأ الأرض عدلا»، [20] انتهي.

و سند الحديث مجهول و منقطع؛ لأنه قال: «حدثت» و لم يذکر اسم من حدثه، فهو مجهول اذن، و هو منقطع أيضا؛ لأن أبا اسحاق - و المراد به: السبيعي - لم تثبت له رواية واحدة سماعا عن أميرالمؤمنين علي عليه السلام کما صرح بهذا المنذري في شرح حديث أبي داود، [21] و قد کان عمره يوم



[ صفحه 23]



شهادة أميرالمؤمنين علي عليه السلام نحو سبع سنين؛لأنه ولد لسنتين بقيتا من زمان عثمان، [22] هذا فضلا عن اختلاف النقل عن أبي داود، فمنهم من نقله من کتاب السنن و فيه لفظ (الحسين) بدلا من لفظ (الحسن)، و کذلک وجود أحاديث کثيرة اخري من طرق العامة تثبت أنه من ولد الحسين عليه السلام. [23] .

و أما الشيعة الامامية فليس في تراثها المهدوي الزاخر بهوية المهدي عليه السلام ما يشير - بأدني عبارة من حديث أو أثر - الي کون المهدي من ولد الامام الحسن السبط عليه السلام.


پاورقي

[1] کتاب الغيبة الشيخ الطوسي: 111.

[2] سنن أبي داود 4283:107:4، و مسند أحمد 99:1، و مصنف ابن أبي شيبة 19494:198:15.

[3] سنن أبي داود 4385:107:4، و مصنف عبد الرزاق 20773:372:11.

[4] سنن ابن ماجة 4086:1386:2 باب 34، و سنن أبي داود 4284:107:4، و مستدرک الحاکم 557:4، و المعجم الکبير الطبراني 566:267:23.

[5] عقد الدرر: 56 باب 1، و فرائد السمطين 2: 325- 326: 575 باب 61، و المنار المنيف ابن القيم 339:148 فصل 50، و کشف الغمة الاربلي 259:3.

[6] راجع کتابنا: المهدي المنتظر في الفکر الاسلامي: 32-26.

[7] راجع کتابنا: دفاع عن الکافي 434:1-435 تحت عنوان: (من قال بصحة أحاديث المهدي عليه السلام أو تواترها من أهل السنة).

[8] أمالي الشيخ الصدوق: 4:320:287 مجلس 39.

[9] صحيح البخاري 204:4 باب نزول عيسي عليه السلام.

[10] صحيح مسلم 242:135:1 و 244 و 245 و 246 باب نزول عيسي عليه السلام حاکما بشريعة نبينا محمد صلي الله عليه و آله.

[11] صحيح مسلم 247:135:1 من الباب السابق.

[12] سنن الترمذي 2896:152:5.

[13] الحاوي للفتاوي: السيوطي 78:2.

[14] الحاوي للفتاوي 81:2.

[15] تفسير القمي 158:1، و انظر: الدر المنثور السيوطي 734:2.

[16] المصنف ابن أبي شيبة 1949:198:15.

[17] کتاب الغيبة النعماني:248 - 1:247 باب 14.

[18] روضة الکافي الکليني 10:42:8.

[19] تهذيب الآثار الطبري - کما في الحاوي للفتاوي السيوطي 66:2.

[20] سنن أبي داود 4290:108:4.

[21] مختصر سنن أبي داود المنذري 4121:162:6.

[22] تهذيب التهذيب ابن حجر العسقلاني 100:56:8.

[23] انظر کتابنا: المهدي المنتظر في الفکر الاسلامي: 62 ففيه بطلان حديث أبي داود من سبعة وجوه.