بازگشت

اخبار الامام الصادق بالشي ء قبل وقوعه و علم الغيب


ان ظاهرة الاخبار بالشي ء قبل وقوعه کانت ظاهرة معروفة في حياة الأئمة عليهم السلام، و قد أذعن لها الشيعة برمتهم، و اعترف بهذا غيرهم أيضا.

قال ابن خلدون (ت 808 ه) في تاريخه في الفصل الثالث و الخمسين عن الامام الصادق عليه السلام ما هذا لفظه: «و قد صح عنه أنه کان يحذر بعض قرابته بوقائع تکون لهم فتصح کما يقول، و قد حذر يحيي ابن عمه زيد من مصرعه و عصاه، فخرج و قتل بالجوزجان کما هو معروف، و اذا کانت الکرامة تقع لغيرهم فما ظنک بهم علما و دينا و آثارا من النبوة، و عناية من الله بالأصل الکريم تشهد لفروعه الطيبة». [1] .

و قال أيضا: «و وقع لجعفر و أمثاله من أهل البيت کثير من ذلک، مستندهم فيه - و الله أعلم - الکشف بما کانوا عليه من الولاية، و اذا کان مثله لا ينکر من غيرهم من الأولياء في ذويهم و أعقابهم، و قد قال صلي الله عليه (و آله) و سلم: (ان فيکم محدثين)، فهم أولي الناس بهذه الرتب الشريفة، و الکرامات الموهوبة». [2] .



[ صفحه 117]



و قال علي بن محمد الجرجاني (ت 816 ه) في شرح المواقف لعضد الدين الايجي (ت 756 ه) في المقصد الثاني، مبحث العلم الواحد الحادث هل يجوز تعلقه بمعلومين؟ ما هذا نصه: «و في کتاب قبول العهد الذي کتبه علي بن موسي رضي الله عنهما الي المأمون: انک قد عرفت من حقوقنا ما لم يعرفه آباؤک، فقبلت منک عهدک، الا أن الجفر و الجامعة يدلان علي أنه لا يتم». [3] .

و قد نقل هذا الکلام بعينه الکاتب الحلبي المعروف بحاجي خليفه (ت 1067 ه)، و أضاف عليه قوله: «و کان کما قال؛ لأن المأمون استشعر فتنة من بني هاشم، فسمه، کذا في مفتاح السعادة». [4] .

و قد زعم بعض خصوم الشيعة بأن أخبار أهل البيت عليهم السلام عن الامام المهدي عليه السلام التي يدعي الشيعة وجودها في الکتب المؤلفة فيع صر الامام الصادق عليه السلام أخبار مکذوبة نظرا لما تضمنته من علم الغيب و هو منفي عن غير الله عز و جل!

و هذا جهل فضيع، لأن العلم المنفي عن غيره تعالي هو ما کان للخشص لذاته بلا واسطة في ثبوته له؛ لمکان الامکان فيه ذاتا وصفة، و کل ممکن لا يثبت له شي ء من هذا العلم بلا واسطة، و ما وقع ل.هل البيت عليهم السلام فهو ليس من العلم المنفي في شي ء؛ لأنه متلقي عن



[ صفحه 118]



رسول الله صلي الله عليه و آله، عن الوحي، عن الله عزوجل، و لا مانع أيضا من أن يفيضه الله تعالي عليهم؛ لأنهم عليهم السلام «محدثون» کما مر في کلام ابن خلدون ما يشير الي هذا، و في الصحيح عن الامام الصادق عليه السلام قال: «نحن اثنا عشر محدثا». [5] .

و لا مانع أيضا من القول بقول الآلوسي (ت 1270 ه)، بشأن علم الخواص، قال: «انهم أظهروا أو أطلعوا - بالبناء للمفعول - علي الغيب، أو نحو ذلک مما يفهم الواسطة في ثبوت العلم لهم». [6] .

و من هنا يظهر بوضوح وجه المغالطة في نسبة اخبار أولياء الله بالشي ء قبل حدوثه الي علم الغيب المنفي عن غير الله عزوجل، هذا فضلا عما في تلک المغالطة من انکار لشي ء مادي ملموس!! أعني المصنفات الکثيرة المؤلفة في غيبة الامام المهدي عليه السلام قبل ولادته، و فيها من الأخبار الکثيرة المتواترة ما يکشف عن غائب بالتحديد و شخص معين لا مجال للاشتباه فيه أو الترديد، و هو ما شهد به غير واحد ممن ذکرناه.


پاورقي

[1] تاريخ ابن خلدون 589:1 الفصل 53.

[2] تاريخ ابن خلدون 595-594:1 الفصل 53.

[3] شرح المواقف 22:6.

[4] کشف الظنون حاجي خليفة 592-591:1 تحت عنوان: علم الجفر و الجامعة. و مفتاح السعادة کتاب ألفه طاشکبري زاده (ت 968 ه).

[5] أصول الکافي 1: 534- 535: 20، و بصائر الدرجات 2:319 باب 5، و اکمال الدين 6:335:2 باب 33، و عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 59- 60: 23 باب 6.

[6] تفسير روح المعاني الآلوسي 11:20 مبحث في: (قل لا يعلم من في السموات و الأرض الغيب الا الله) سورة النمل 65:27.