بازگشت

علم الشيعة بالغيبة قبل حدوثها


اتضح مما تقدم أن غيبة الامام المهدي بن الامام العسکري عليهماالسلام کانت معلومة في الوسط الشيعي قبل حدوثها بعشرات السنين، و ذلک من خلال ما سمعوه من أهل البيت عليهم السلام مباشرة، و لهذا ألفوا فيما سمعوه بهذا الخصوص کتبا عديدة، و قد شهد غير واحد من أعلام الامامية و أجلائهم المشهورين علي هذه الحقيقة.

قال الشيخ الصدوق: «ان الأئمة عليهم السلام قد أخبروا بغيبته عليه السلام، و وصفوا کونها لشيعتهم فيما نقل عنهم، و استحفظ في الصحف، و دون في الکتب المؤلفة من قبل أن تقع الغيبة بمائتي سنة أو أقل أو أکثر، فليس أحد من أتباع الأئمة عليهم السلام الا و قد ذکر ذلک في کثير من کتبه و رواياته و دونه في مصنفاته، و هي الکتب التي تعرف بالأصول، مدونة مستحفظة عند شيعة آل محمد صلي الله عليه و آله من قبل الغيبة بما ذکرنا من السنين...». [1] .

و الي هذا أشار الشيخ الطوسي في کتابه الغيبة، فقال بعد استدلاله بجملة من الأخبار الموجودة في الکتب المؤلفة قبل زمان الامام المهدي عليه السلام ما هذا لفظه: «موضع الاستدلال من هذه الأخبار ما تضمن الخبر بالشي ء



[ صفحه 115]



قبل کونه فکان کما تضمنه». [2] .

کما شهد بهذا أيضا ابن قبة الرازي و هو من فحول متکلمي الامامية في عصره، فقد نقل الشيخ الصدوق عنه قوله في هذا الخصوص: «و هذه کتبهم فمن شاء أن ينظر فيها فلينظر». [3] .

کما شهد الاربلي في کشف الغمة، و الطبري الامامي في دلائل الامامة بعد نقل حديث عن الامامين الباقر و الصادق عليهماالسلام صريح بغيبة الامام المهدي عليه السلام، بأنهما نقلاه من کتاب المشيخة للحسن بن محبوب الزراد [4] و الحسن بن محبوب مات رحمه الله سنة 224 ه، أي قبل زمان ولادة الامام المهدي عليه السلام باحدي و ثلاثين سنة، و غير ذلک من الأحاديث الأخري التي صرحت بغيبة الامام الثاني عشر عليه السلام قبل حدوثها علي أرض الواقع بعشرات السنين، و ستأتي الاشارة الي بعضها في مکان آخر.

علي أن الاتساع الأفقي الحاصل في کل طبقة من طبقات الرواة في بعض أحاديث الغيبة حتي ينتهي الأمر هکذا الي أحد المتقدمين من أصحاب الأئمة عليهم السلام أو الي من مات قبل زمان الغيبة بآماد کثيرة، قرينة شاهدة علي سماع أحاديث غيبة الامام الثاني عشر من رواة ماتوا قبل حلولها بأزمان کثيرة، و الا فماذا يفهم من هذا الاتساع الأفقي في کل طبقة غير صحة ما شهد به الصدوق و غيره من وجود تلک الأخبار في الکتب



[ صفحه 116]



المؤلفة قبل زمان الغيبة بکثير؟

و سوف يأتي ما يدل علي وجود مثل هذه القرينة في أحاديث الغيبتين و غيرهما، و من ثم فان ما في موضوع کتابنا هذا أقوي من کل شهادة علي علم الشيعة بالغيبة قبل حدوثها.


پاورقي

[1] اکمال الدين 19:1، من المقدمة.

[2] کتاب الغيبة الشيخ الطوسي 173.

[3] اکمال الدين 107، من المقدمة.

[4] کشف الغمة الاربلي 3: 454-453، و دلائل الامامة الطبري 520:535.