بازگشت

عدم خلو الارض من امام من الأئمة الاثني عشر مطلقا


و هذه القاعدة الشريفة تعد في طليعة الوقاعد التي أرستها الشريعة الاسلامية، و قد جاء تأکيد الامام الصادق عليه السلام علي هذه القاعدة باعتبار أن فهم الأمة لحديث الثقلين و دلالاته و معرفتها بالاثني عشر اماما من أهل البيت الذين هم خلفاء النبي صلي الله عليه و آله، مع التسلسل العمودي لل.ئمة بعد الحسين عليه السلام بموجب القاعدة الثالثة، يعني - مع هذه القاعدة - بأن زماننا هذا الي ما شاء الله تعالي لابد و أن يکون فيه امام من الأئمة الاثني عشر عليهم السلام حيا کسائر الأحياء، و الثابت لدي جميع الأمة هو مضي أحد عشر اماما من الأئمة الاثني عشر عليهم السلام و هم:

1- أميرالمؤمنين الامام علي عليه السلام استشهد بالکوفة سنة 40 ه عن (ثلاث و ستين سنة).

2- الامام الحسن السبط عليه السلام استشهد مسموما في المدينة سنة 50 ه عن 48 سنة.

3- الامام الحسين السبط عليه السلام استشهد في کربلاء سنة 60 ه عن 57 سنة و خمسة أشهر.

4- الامام علي بن الحسين السجاد عليه السلام استشهد مسموما في المدينة سنة 95 ه عن 57 سنة (سمه هشام الأموي).



[ صفحه 67]



5- الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام استشهد مسموما في المدينة سنة 114 ه عن 57 سنة (سمه هشام الأموي).

6- الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام استشهد مسموما بالمدينة سنة 148 ه عن 65 سنة (سمه المنصور العباسي بالعنب).

7- الامام موسي بن جعفر الکاظم عليه السلام استشهد مسموما ببغداد سنة 183 ه في حبس هارون عن 55 سنة (سمه هارون).

8- الامام علي بن موسي الرضا عليه السلام استشهد مسموما بخراسان سنة 203 ه عن 55 سنة (سمه المأمون بالعنب).

9- الامام محمد بن علي الجواد عليه السلام استشهد مسموما ببغداد سنة 220 ه عن 35 سنة (سمه المعتصم).

10- الامام علي بن محمد الهادي عليه السلام استشهد مسموما بسامراء سنة 254 ه عن 41 سنة (سمه المعتز).

11- الامام الحسن بن علي العسکري عليه السلام استشهد مسموما بسامراء سنة 260 ه عن 28 سنة (سمه المعتمد).

و قاعدة عدم خلو الأرض من امام حجة اما ظاهرا مشهورا أو غائبا مستورا قد عرفتها الشيعة منذ عهد أميرالمؤمنين عليه السلام، و لعله عليه السلام هو أول من أشاعها في حديثه عليه السلام لکميل بن زياد النخعي الثقة، ذلک الحديث الذي وصفه ابن القيم بقوله: «و هو حديث مشهور عند أهل الفن و يستغني عن



[ صفحه 68]



الاسناد لشهرته عندهم» [1] و هذا الحديث رواه عن أميرالمؤمنين عليه السلام کميل ابن زياد النخعي الثقة کما في نهج البلاغة [2] و قد رواه عنه الجم الغفير من المحدثين. [3] .

و في الکافي وحده ثلاثة عشر حديثا في خصوص هذه القاعدة. [4] .

و في اکمال الدين للشيخ الصدوق خمسة و ستين حديثا في خصوص هذه القاعدة أيضا. [5] .

فأصالة هذه القاعدة و عمقها التاريخي في الفکر الديني مما لا نقاش فيه أصلا.

و اللسان العربي الأصيل ذو ذائقة خاصة في تذوق معني هذه القواعد الشريفة و فهم دلالتها، و لهذا فهو لا يعذر علي سوء فهمه لدلالتها، بخلاف من لم يتأدب بآدابها و يتمرس علي فنونها و لم يعم الله بصيرته، و لم يطبع علي قلبه.

و يبقي السؤال هنا بعد أن عرفت مضي أحد عشر اماما، هو: أين الامام الثاني عشر عليه السلام؟ و من عساه سيکون غير ابن الامام الحادي عشر



[ صفحه 69]



الحسن العسکري عليه السلام الذي راح شهيدا علي يد عتاة بني العباس؟

ان القواعد التي عرفتها طلائع التشيع قبل ولادة الامام العسکري عليه السلام بعشرات السنين تأبي من قبول أي تسويف أو تأويل متعسف حيال هوية ابنه الامام الثاني عشر عليه السلام.

نعم، قد يقال، بأن هذا من الناحية النظرية مقبول الي حد ما، و لکن يجب تحققه في مساحة الواقع التاريخي بولادة الحجة ابن العسکري عليه السلام، حتي تکون النظرية قابلة للتطبيق!

و للاجابة علي هذا التساؤل نحتاج الي بسط عريض يبعدنا عن أصل الموضوع، و مع هذا فلن نهمله دون الاشارة السريعة الي ما يثبت ولادة الامام المهدي عليه السلام، فنقول باختصار شديد:

بلغ مجموع من اعترف بولادة الامام المهدي عليه السلام من علماء العامة فقط و بحسب ما قمنا به من احصاء سابق مائة و ثمانية و عشرين عالما، و قد ذکرنا في ذيل کل اسم ما يدل علي اعترافه بکل دقة و تفصيل. و هم لم يعترفوا بولادة ابن الحسن العسکري عليه السلام بناء علي تلک القواعد، و انما اعترفوا بذلک علي أساس متين من الواقع التاريخي لحدث الولادة المبارکة.

و أما مجموع من رأي الامام المهدي عليه السلام في حياة أبيه الامام العسکري عليه السلام فقد بلغ بأحصائنا تسعة و سبعين نفرا، و ذکرنا من وکلائه عليه السلام من أهل آذربيجان، و الأهواز، و بغداد و الکوفة، و قم، و نيسابور، و همدان زهاء ثلاثة عشر شخصا، [6] هذا فضلا عما خرج من



[ صفحه 70]



توقيعات عن الامام المهدي عليه السلام في زمان السفراء الأربعة، مجموع الصحيح الثابت منها علي نحو القطع يوجب تواتر ولادته و حياته الشريفة، و أما الأحاديث الصحيحة المثبتة لاقرار الامام العسکري عليه السلام بولادة ابنه الامام المهدي عليه السلام، و شهادة الأصحاب بذلک، فضلا عن الخدم و الجواري فتحتاج الي کتاب مستقل، کما أثبتنا في بحث آخر اتفاق ثمانية من علماء الأنساب علي ولادة الامام المهدي عليه السلام و تثبيت نسبه الشريف، و فيهم المعاصر للغيبة الصغري. [7] .

الأمر الذي يشير الي انطباق تلک القواعد الشريفة علي الواقع التاريخي بأبهي صورة و أقوي دليل و أمتن برهان.

ثم کيف لا تجد تلک القواعد مصداقها الخارجي و هي صادرة عن رسول الله صلي الله عليه و آله، و مؤکدة علي لسان العروة الوثقي في الدين الهداة الميامين من آل طه و ياسين؟

ان الذين أطاعوا الله و رسوله في آل محمد صلي الله عليه و آله ما کان التصديق بانباء الغيب عندهم موقوفا علي تحققها، و لهذا فهم آمنوا بها و رووها و کانوا علي ثقة من تحققها و لو بعد حين (الم ذلک الکتاب لا ريب فيه هدي للمتقين الذين يؤمنون بالغيب و يقيمون الصلاة و مما رزقناهم ينفقون)، [8] و لهذا لم يناقشوا في تلک الأخبار و لا وقفوا حيالها موقف الرافض المشکک، بل کانوا يعدون العدة لانتظار ذلک اليوم الموعود،



[ صفحه 71]



و يتحرقون شوقا الي ساعة الخلاص علي يد المنتظر أرواحنا فداه، و بقيت أجيالهم هکذا الي حين ولادته عليه السلام و غيبته، و لا زال خلفهم الصالح علي ذات الطريق، و قد کان من ثواب انتظارهم ما أخرجوه عن الامام الصادق عليه السلام بقوله: «من مات منکم و هو منتظر لهذا الأمر کان کمن هو مع القائم في فسطاطه، لا بل کمن قارع معه بسيفه... لا و الله الا کمن استشهد مع رسول الله صلي الله عليه و آله». [9] .

هذا، و أما عن دور الامام الصادق عليه السلام في ترسيخ هذه القاعدة، فيمکن الاشارة اليه بالأحاديث الآتية:

1- عن الوشاء، عن الامام الرضا عليه السلام قال: «ان أبا عبد الله عليه السلام، قال: ان الحجة لا تقوم لله عزوجل علي خلقه الا بامام حتي يعرف». [10] .

و قد عرفت أن الأرض لا تخلو من حجة، و في هذا الحديث حصر للحجة بالامام، لئلا يتوهم أحد فيزعم أنه فلان أو فلان أو فلان أو معاوية بن أبي سفيان!

2- و عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «ان الله جل و عز، أجل و أعظم من أن يترک الأرض بغير امام». [11] .



[ صفحه 72]



3- و عن عبد الله بن خراش، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «سأله رجل، فقال: تخلو الأرض ساعة لا يکون فيها امام؟ فقال: لا تخلو الأرض من الحق». [12] .

4- و عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: تبقي الأرض بغير امام؟ فقال عليه السلام: «لو بقيت الأرض بغير امام لساخت». [13] .

5- و عن يونس بن يعقوب، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «لو لم يکن في الدنيا الا اثنان لکان الامام أحدهما». [14] .

و روي حمزة بن الطيار، عن الامام أبي عبد الله الصادق عليه السلام نحوه. [15] .



[ صفحه 73]



6- و عن ذريح المحاربي، عن الامام أبي عبد الله عليه السلام قال: «منا الامام المفروض طاعته، من جحده مات يهوديا أو نصرانيا، و الله ما ترک الله الأرض منذ قبض الله آدم الا وفيها امام يهتدي به الي الله، حجة علي العباد، من ترکه هلک، و من لزمه نجا، حقا علي الله تعالي». [16] .

و الي هنا قد تبين لنا أن قاعدة العصمة و المرجعية السياسية العلمية قد حصرها حديث الثقلين الشريف بعد النبي صلي الله عليه و آله بالقرآن الکريم و أهل البيت عليهم السلام، و ان أهل البيت عليهم السلام قد حصرتهم القاعدة الثانية باثني عشر اماما: أميرالمؤمنين عليه السلام و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين عليه السلام، و ان الامامة لا تکون الا في عقب الامام الحسين عليه السلام کما وضحته القاعدة الثالثة.

ثم جاءت القاعدة الرابعة لتبين لنا أن أولئک الأئمة الاثني عشر عليهم السلام لا تخلو الأرض من واحد منهم علي الاطلاق؛ لأنهم حجج الله في بلاده علي عباده منذ وفاة رسول الله صلي الله عليه و آله و الي قيام الساعة، و قد ثبت مضي أحد عشر اماما منهم عليهم السلام، و بقي الموعود المنتظر الثاني عشر ابن الامام العسکري عليهماالسلام.

و ان الأمة ملزمة بمعرفته باسمه و نسبه کما هو صريح القاعدة الخامسة



[ صفحه 74]



التي اشتهرت عن رسول الله صلي الله عليه و آله برواية الفريقين، کما صحت روايتها عن أهل البيت عليهم السلام، لا سيما الامام الصادق عليه السلام و من طرق شتي، و هي:


پاورقي

[1] اعلام الموقعين ابن القيم 135:2 تحت عنوان: «مضار زلة العلم».

[2] نهج البلاغة بشرح ابن أبي الحديد 351:18، و بشرح الشيخ محمد عبده 47:691:4.

[3] راجع تخريجه في کتابنا (دفاع عن الکافي) 480-479:1.

[4] اصول الکافي 1: 136- 137: 1- 13 باب أن الأرض لا تخلو من حجة.

[5] اکمال الدين 1: 211- 241: 1- 65 باب أن الأرض لا تخلو من حجة.

[6] راجع کتابنا دفاع عن الکافي 1: 167- 611 من الباب الأول.

[7] راجع کتابنا المهدي المنتظر في الفکر الاسلامي 123-119.

[8] سورة البقرة 2: 1- 3.

[9] المحاسن 151:150 باب 38 و في الباب أحاديث کثيرة بهذا اللفظ تارة، و بمعناه اخري.

[10] اصول الکافي 1:177:1 و 2 و 3 باب أن الحجة لا تقوم لله علي خلقه الا بامام.

[11] بصائر الدرجات 3:485 باب أن الأرض لا تخلو من حجة، و اصول الکافي 6:178:1 باب أن الأرض لا تخلو من حجة، و اکمال الدين 43:234:1 باب 22.

[12] اکمال الدين 40:233:1 باب 22.

[13] بصائر الدرجات 2:488 باب أن الأرض لا تبقي بغير امام، و اصول الکافي 10:179:1 باب أن الأرض لا تخلو من حجة، و الامامة و التبصرة 12:30 باب أن الأرض لا تخلو من حجة، و کتاب الغيبة النعماني 138- 139: 8 باب 8، و اکمال الدين 1:201:1 باب العلة التي من أجلها يحتاج الي الامام عليه السلام، و علل الشرائع 5:196:1 باب 153، و 16:198:1 و 18 من الباب السابق، و کتاب الغيبة الشيخ الطوسي 182:220.

[14] بصائر الدرجات 2:487 باب أن الأرض لا تخلو منهم عليهم السلام، و اصول الکافي 5:180:1 باب أنه لو لم يبق في الأرض الا رجلان لکان أحدهما الحجة.

[15] بصائر الدرجات 487- 488: 3 باب أن الأرض لا تخلو منهم عليهم السلام، و اصول الکافي 4:180:1 باب أنه لو لم يبق في الأرض الا رجلان لکان أحدهما الحجة، و الامامة و التبصرة 9:28 باب أن الأرض لا تخلو من حجة، و مختصر بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله القمي الشيخ حسن بن سليمان الحلي 8، و کتاب الغيبة النعماني 1:139 باب 9، و اکمال الدين 10:203:1 باب 21، و علل الشرائع 10:197:1 باب 153.

[16] الامامة و التبصرة 15:31 باب أن الأرض لا تخلو من حجة، و رجال الکشي 2: 670- 671: 698 في ترجمة ذريح المحاربي، و اکمال الدين 28:230:1 باب 22، و علل الشرائع 13:197:1 باب 53.