بازگشت

حصر الأئمة باثني عشر اماما کلهم من عترة النبي أهل بيته


و هذه القاعدة تکشف للعيان بأن الثقل الذي أوصي به الرسول صلي الله عليه و آله مع القرآن ليکونا للمتمسک بهما عاصما من الضلالة، انما هو الثقل المتمثل بهذا العدد من الأئمة لا غير، و أنه ليس للأمة أن تزيد عليهم اماما و لا تنقص منهم واحدا، و هذه القاعدة مستفادة من الحديث الصحيح الثابت عن رسول الله صلي الله عليه و آله، فقد أخرج البخاري بسنده عن جابر بن سمرة قال: «سمعت النبي صلي الله عليه (و آله) و سلم يقول: يکون اثنا عشر أميرا، فقال کلمة لم أسمعها، فقال أبي: انه قال: کلهم من قريش». [1] .

و في صحيح مسلم: «و لا يزال الدين قائما حتي تقوم الساعة، أو يکون عليکم اثنا عشر خليفة کلهم من قريش». [2] .

و في مسند أحمد بسنده، عن مسروق قال: «کنا جلوسا عند عبد الله ابن مسعود و هو يقرأ القرآن، فقال له رجل: يا أبا عبدالرحمن! هل سألتم رسول الله صلي الله عليه (و آله) و سلم کم يملک هذه الأمة من خليفة؟ فقال



[ صفحه 58]



عبد الله: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلک، ثم قال: نعم، و لقد سألنا رسول الله صلي الله عليه (و آله) و سلم، فقال: «اثني عشر کعدة نقباء بني اسرائيل». [3] .

و قد جاء في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «سألت رسول الله صلي الله عليه و آله حين حضرته وفاته، فقلت: يا رسول الله! اذا کان ما نعوذ بالله منه، فالي من؟ فأشار صلي الله عليه و آله الي علي عليه السلام فقال: الي هذا، فانه مع الحق، و الحق معه، ثم يکون من بعده أحد عشر اماما، مفترضة طاعتهم کطاعته». [4] .

و عن ابن عباس أيضا، قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: «... معاشر الناس من أراد أن يتولي الله و رسوله فليقتد بعلي بن أبي طالب بعدي، و الأئمة من ذريتي، فانهم خزان علمي. فقام جابر بن عبد الله الأنصاري، فقال: يا رسول الله! و ما عدة الأئمة؟ فقال صلي الله عليه و آله: يا جابر سألتني - رحمک الله عن الاسلام باجمعه. عدتهم عدة الشهور، و هي عند الله اثنا عشر شهرا في کتاب الله يوم خلق السموات و الأرض، و عدتهم عدة العيون التي انفجرت لموسي بن عمران عليه السلام حين ضرب بعصاه الحجر فانفجرت



[ صفحه 59]



منه اثنتا عشرة عينا، و عدتهم عدة نقباء بني اسرائيل (و بعثنا منهم اثني عشر نقيبا) [5] فالأئمة يا جابر اثنا عشر أولهم: علي بن أبي طالب، و آخرهم: القائم المهدي صلوات الله عليهم». [6] .

و قد جاء امامنا الامام الصادق عليه السلام ليؤکد هذه القاعدة بکل قوة:

1- فعن عبد العزيز القراطيسي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «الأئمة بعد نبينا صلي الله عليه و آله اثنا عشر نجباء مفهمون، من نقص منهم واحدا، أو زاد فيهم واحدا، خرج من دين الله، و لم يکن من ولايتنا علي شي ء». [7] .

2- و في الصحيح عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن آبائه، عن الحسن السبط عليهم السلام قال: «سألت جدي رسول الله صلي الله عليه و آله عن الأئمة بعده، فقال: الأئمة بعدي بعدد نقباء بني اسرائيل اثنا عشر، أعطاهم الله علمي و فهمي، و أنت منهم يا حسن». [8] .

3- و عن ابراهيم بن مهزم، عن أبيه، عن الامام الصادق، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و آله: الأئمة اثنا عشر من أهل بيتي أعطاهم الله فهمي و علمي و حکمي، و خلقهم من طينتي، فويل



[ صفحه 60]



للمتکبرين عليهم بعدي، القاطعين فيهم صلتي.. الحديث». [9] .

4- و عن سماعة بن مهران قال: «کنت أنا، و أبو بصير، و محمد بن عمران - مولي أبي جعفر عليه السلام - في منزل بمکة، فقال محمد بن عمران: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: نحن اثنا عشر مهديا. فقال له أبو بصير: تالله، لقد سمعت ذلک من أبي عبد الله عليه السلام؟ فحلق مرة أو مرتين أنه سمع ذلک منه، فقال أبو بصير: لکني سمعته من أبي جعفر عليه السلام». [10] .

و يستفاد من مجمل هذه الأحاديث أمور، و هي:

الأول: ان عدد الخلفاء أو الأمراء أو الأئمة لا يتجاوز الاثني عشر و کلهم من قريش بلا خلاف بين الفريقين. و هذا العدد منطبق مع ما تعتقده الشيعة الامامية بعدد الأئمة، و هم کلهم من قريش.

و أما التعبير ب (الأمراء أو الخلفاء) فهو و ان لم ينطبق في الظاهر علي مقولة الامامية الا أن المقصود بذلک ليس الامرة القسرية أو الاستخلاف بالقوة و انما المراد بذلک هو من يستمد سلطته من الشارع المقدس، و لا ينافي ذهاب السلطة عن أهل البيت عليهم السلام في واقعها الخارجي؛ لتسلط الآخرين عليهم. و في کلام النوربشتي ما يشير الي هذه الحقيقة، قال: «السبيل في هذا الحديث و ما يتعقبه في هذا المعني أنه يحمل علي المقسطين



[ صفحه 61]



منهم، فانهم هم المستحقون لاسم الخليفة علي الحقيقة..». [11] .

الثاني: ان هؤلاء الاثني عشر معنيون بالنص کما هو مقتضي تشبيههم بنقباء بني اسرائيل، قال تعالي: (و لقد أخذ الله ميثاق بني اسرائيل و بعثنا منهم اثني عشر نقيبا). [12] .

الثالث: ان هذه الأحاديث تفترض عدم خلو الزمان من الاثني عشر جميعا، و أنه لا بد من وجود أحدهم ما بقي الدين الي أن تقوم الساعة.

و يؤيده ما أخرجه البخاري بسنده، عن عبد الله بن عمر، قال: «قال رسول الله صلي الله عليه (و آله) و سلم: لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان». [13] .

و أخرجه مسلم في صحيحه أيضا و بلفظ: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان». [14] .

و هو کما تري ينطبق تمام الانطباق علي ما تقوله الشيعة الامامية بأن الامام الثاني عشر (المهدي عليه السلام) حي کسائر الأحياء، و أنه لابد من ظهوره في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطا و عدلا کما ملئت ظلما و جورا علي وفق ما بشر به جده امصطفي صلي الله عليه و آله و آباؤه الأطهار عليهم السلام.



[ صفحه 62]



و من الواضح أن جميع علماء العامة لم يتفقوا علي تسمية الاثني عشر خليفة کما نطقت بذلک أحاديثهم! حتي أن بعضهم اضطر الي ادخال يزيد بن معاوية لعنه الله و أمثاله من حثالات التاريخ کمروان و عبد الملک و نظرائهم من العتاة المردة وصولا الي عمر بن عبد العزيز!! کل ذلک لأجل اکتمال نصاب الاثني عشر!!

و هذا تفسير خاطي ء سقيم لا يسمن و لا يغني من جوع و غير منسجم مع نص الحديث من کل وجه؛ اذ يلزم منه خلو جميع عصور الاسلام بعد عصر عمر بن عبد العزيز الأموي من الخليفة، بينما المفروض أن الدين لا يزال قائما بوجودهم الي قيام الساعة.

ان أحاديث الخلفاء اثنا عشر تبقي بلا تفسير لو تخلينا عن حملها علي هذا المعني، لبداهة أن السلطة الظاهرية قد تولاها من قريش أضعاف العدد المنصوص عليه في هذه الأحاديث، فضلا عن انقراضهم أجمع، و عدم النص علي أحد منهم - أمويين أو عباسيين - باتفاق جميع المسلمين.

و بهذا الصدد يقول القندوزي الحنفي: «قال بعض المحققين: ان الأحاديث الدالة علي کون الخلفاء بعده صلي الله عليه و آله اثني عشر، قد اشتهرت من طرق کثيرة، فبشرح الزمان و تعريف الکون و المکان علم أن مراد رسول الله صلي الله عليه و آله من حديثه هذا: «الأئمة اثنا عشر»، من أهل بيته و عترته، اذ لا يمکن أن يحمل هذا الحديث علي الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثني عشر، و لا يمکن أن نحمله علي الملوک الاموية لزيادتهم علي اثني عشر، و لظلمهم الفاحش الا عمر بن عبد العزيز، و لکونهم غير



[ صفحه 63]



بني هاشم؛ لأن النبي صلي الله عليه و آله قال: «کلهم من بني هاشم» في رواية عبد الملک، عن جابر، و اخفاء صوته صلي الله عليه و آله في هذا القول يرجح هذه الرواية: لأنهم لا يحسنون خلافة بني هاشم. و لا يمکن أن يحمل علي الملوک العباسية؛ لزيادتهم علي العدد المذکور، و لقلة رعايتهم... و يؤيد هذا المعني - أي: أن مراد النبي صلي الله عليه و آله: الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته - و يرجحه حديث الثقلين». [15] .

و لا يخفي أن حديث: «الخلفاء اثنا عشر» قد سبق التسلسل التاريخي للأئمة الاثني عشر، و ضبط في کتب الصحاح و غيرها قبل تکامل الواقع الامايم، فهو ليس انعکاسا لواقع، و انما هو تعبير عن حقيقة ربانية نطق بها من لا ينطق عن الهوي، فقال صلي الله عليه و آله: «الخلفاء بعدي اثنا عشر» ليکون ذلک شاهدا و مصدقا لهذا الواقع المبتدي ء بأميرالمؤمنين علي، و المنتهي بالامام المهدي عليهم السلام، و هو التطبيق الوحيد المعقول لذلک الحديث. [16] .

فالصحيح اذن أن يعتبر الحديث من دلائل النبوة في صدقها عن الاخبار بالمغيبات، أما محاولات تطبيقه علي من عرفوا بنفاقهم و جرائمهم و سفکمهم للدماء من الامويين و العباسيين و غيرهم فهو يخالف الحديث مفهوما و منطوقا علي الرغم مما في ذلک من اساءة بالغة الي مقام النبي صلي الله عليه و آله اذ يعني ذلک أنه أخبر ببقاء الدين الي زمان عمر بن عبدالعزيز مثلا، لا الي أن تقوم الساعة!!



[ صفحه 64]



و قد علمت أن الامام الصادق عليه السلام قد قطع الطريق أمام کل التفسيرات المنحرفة لحديث: «الخلفاء اثني عشر...» مبينا المراد بمصاديق هذا الحديث واقعا کما تقدم.


پاورقي

[1] صحيح البخاري 164:4 کتاب الأحکام، باب الاستخلاف، و أخرجه الصدوق، عن جابر بن سمرة أيضا في اکمال الدين 19:272:1، و الخصال 469:2 و 475.

[2] صحيح مسلم 119:2- کتاب الأمارة، باب الناس تبع لقريش، أخرجه من تسعة طرق.

[3] مسند أحمد 90:5 و 93 و 97 و 100 و 106 و 107، و أخرجه الصدوق، عن ابن مسعود في اکمال الدين 16:270:1.

[4] اعلام الوري 164-163:2 الرکن الرابع. أخرجه عن الدوريستي، عن أبيه، عن الصدوق، عن ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، عن ابن عباس، و هؤلاء کلهم من مشاهير الرواة و لم يتهم أحدهم بکذب و کلهم ما بين ثقة مشهور، أو حسن معتمد.

[5] سورة المائدة 12:5.

[6] مائة منقبة ابن شاذان 71 المنقبة رقم 41.

[7] الاختصاص الشيخ المفيد 233.

[8] اثبات الرجعة الفضل بن شاذان، کما في اثبات الهداة الحر العاملي 3: 93- 94: 809 باب 9 فصل 60.

[9] اکمال الدين 33:281:1 باب 24، و عيون أخبار الرضا عليه السلام 32:66:1 باب النصوص علي الرضا عليه السلام بالأئمة الاثني عشر عليهم السلام.

[10] اصول الکافي 1: 534- 535: 20 باب 126، و اکمال الدين 6:335:2 و ذيل الحديث نفسه أيضا.

[11] عون المعبود في شرح سنن أبي داود النوربشتي 4259:262:11.

[12] سورة المائدة 12:5.

[13] صحيح البخاري: ح (3501) کتاب المناقب، باب مناقب قريش.

[14] صحيح مسلم: ح (1820) کتاب الامارة، باب الناس تبع لقريش، و الخلافة في قريش.

[15] ينابيع المودة 105:3 باب 77 في تحقيق حديث «بعدي اثنا عشر خليفة».

[16] بحث حول المهدي السيد الشهيد محمد باقر الصدر 55-54.