بازگشت

دلالة حديث الثقلين


دل حديث الثقلين الشريف علي أمور کثيرة، سنشير الي أهمها بالنقاط الآتية:

1- انه دل علي أن أهل البيت عليهم السلام أفضل الأمة بعد رسول الله صلي الله عليه و آله قاطبة؛ لأنهم قرنوا بالکتاب العزيز، فکان فضلهم علي سائر الناس بعد رسول الله صلي الله عليه و آله کفضل القرآن الکريم علي سائر الکتب.



[ صفحه 54]



2- انهم عليهم السلام أنفس شي ء ترکه رسول الله صلي الله عليه و آله مع القرآن، کما يفهم من وصفهما بالثقلين، و الثقل في اللغة هو الشي ء النفيس الخطير.

3- دل الحديث علي امامتهم و خلافتهم و وجوب تسليم الحکم و ادارة شؤون الدولة اليهم بعد الرسول صلي الله عليه و آله مباشرة؛ لأن وظيفة الحاکم الأعلي في الدولة الاسلامية في المنظور القرآني و النبوي أن يقود الرعية الي شاطي ء الأمان لا أن يضلها و يحرفها عن دين الله و شرعه القويم أما بتقصير أو قصور، و يکاد لفظ الحديث أن يکون صريحا بهذا؛ لأن معني نجاة الرعية في الدولة الاسلامية أن يکون صريحا بهذا؛ لأن معني نجاة الرعية في الدولة الاسلامية أن لا تضل عن الطريق المستقيم، و قد حصر الحديث النجاة من الضلالة بالتمسک بالثقلين: کتاب الله و عترته أهل بيته صلي الله عليه و آله.

4- دل أيضا علي مقولة (حسبنا کتاب الله) مقولة شيطانية، لا يراد بها الا اضلال الأمة و هلاکها، لأن الحديث حصر النجاة بالتمسک بالثقلين (کتاب الله و العترة). و أين هذا من تلک المقولة؟

5- دل علي أن من تمسک بغيرهما يکون من الهالکين و لابد، و من باب أولي أن يکون ذلک الغير (المتمسک به) من الهالکين، لأنه سيکون من أئمة الضلال، و لا فرق في ذلک بين أن يکون خليفة أو حاکما أو قاضيا أو رئيسا أو أميرا أو سلطان؛ اذ خدع الناس بأخذ معالم دينهم منه، فتمسکوا به لا بالثقلين.

و قد صرح محمود شکري الآلوسي بهذا، فقال عمن خالفهما و تمسک بغيرهما: «فهو ضال، و مذهبه باطل، و فاسد لا يعبأ به، و من جحد بهما فقد



[ صفحه 55]



غوي، و وقع في مهاوي الردي». [1] .

6- دل علي مرجعية أهل البيت عليهم السلام العلمية، و أنهم أعلم الناس بعد رسول الله صلي الله عليه و آله بما في الکتاب و السنة المطهرة، اذ لا يعقل مطلقا أن يکونوا أمانا للأمة من الضلالة في حال تمسکها بهم و هناک من هو أعلم منهم بالکتاب و السنة، و لو وجد فرضا لعده الرسول صلي الله عليه و آله بمکان أهل البيت عليهم السلام أو لجعله ثقلا ثالثا مع الکتاب العزيز و العترة الطاهرة، و أما أن يترکه - علي تقدير وجوده - فهو محال. الأمر الذي يدل علي عدمه، و يؤيده أن الله عزوجل لم يذهب الرجس عن أحد من الصحابة و يطهره تطهيرا و انما انحصر ذلک بأهل البيت عليهم السلام دون غيرهم.

7- دل الحديث علي وجوب الأخذ منهم مباشرة أو بالواسطة، و علي محبتهم و توقيرهم، و طاعتهم المطلقة و عدم الرد عليهم في شي ء البتة لأنه عليهم السلام مع القرآن صنوان لا يفترقان، کل منهما يشهد للآخر، فيکون الراد عليهم کالجاحد بکتاب الله، و کالراد علي الله تعالي و رسوله.

8- دل الحديث علي حجية سنتهم عليهم السلام، و ان سنة کل واحد منهم عليه السلام هي سنة رسول الله عليه السلام، و أن حديثهم حديث رسول الله صلي الله عليه و آله سواء رفع منهم الي النبي صلي الله عليه و آله أو لم يرفع، و أن الحکم علي حديثهم عليهم السلام بالارسال لا يکون الا من جاهل بحديث الثقلين أو من معاند متعصب أو ناصب.



[ صفحه 56]



9- دل الحديث الشريف علي عصمة أهل البيت عليهم السلام من جهتين:

الأولي: أنهم عليهم السلام مع القرآن و القرآن معهم لا يفترقان عمر الدنيا، فعصمتهم کعصمة الکتاب من هذه الجهة.

الثانية: أن من لا يدل علي ضلالة أبدا و لو مرة واحدة في حياته عن سهو أو اشتباه لا يکون الا معصوما، و قد صرح الحديث بأن من يتمسک بهما لا يضل أبدا الي يوم القيامة.

جدير بالذکر أن الامام الصادق عليه السلام قد صرح بعصمة الأنبياء و الأوصياء عليهم السلام جميعا فقال: «الأنبياء و أوصياؤهم لا ذنوب لهم؛ لأنهم معصومون مطهرون». [2] .

و قال عليه السلام: «عشر خصال في صفات الامام» ثم عد عليه السلام العصمة في أول تلک الخصال. [3] .

و قد مر عنه عليه السلام ما يشير الي عصمتهم و مرجعيتهم عليهم السلام باسلوب المزاوجة بين الآيات الدالة علي العصمة کآية التطهير، و الطاعة کآية اولي الأمر من جهة، و بين حديث الثقلين من جهة اخري، ليلتفت السامع و المتلقي الي وحدة الموضوع و الهدف و النتيجة.



[ صفحه 57]




پاورقي

[1] مختصر التحفة الاثني عشريه الآلوسي 52.

[2] الخصال الشيخ الصدوق 9:608:2.

[3] الخصال 5:428:2.