لم يتول الامام الصادق عليه السلام مهمة الدفاع عن حديث الثقلين بنسبته الي



[ صفحه 51]



رسول الله صلي الله عليه و آله فحسب، بل أکد علي صلته المباشرة بالحديث باعتباره واحدا من أهل البيت، و اعتبره نصا في خلافتهم عليهم السلام، کما بين صلة هذا الحديث بمعرفة المؤمنين و تمييزهم عن غيرهم، و أنه أمر صريح بوجوب اقتداء الأمة بالمعنيين به، و بيان من هم المعنيون بالحديث الشريف، کما سيأتي.

1- عن عبدالحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل، ذکر فيه الامام الصادق عليه السلام ما يدل علي خلافة أميرالمؤمنين عليه السلام بعد رسول الله صلي الله عليه و آله مباشرة، من القرآن و السنة، و کان من جملة الأحاديث التي بينها عليه السلام في مقام بيان النص هو حديث الثقلين الشريف. [1] .

2- و عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال «قال رسول الله صلي الله عليه و آله: (اني قد ترکت فيکم الثقلين: کتاب الله، و أهل بيتي). فنحن أهل بيته صلي الله عليه و آله». [2] .

3- و سأل أبو بصير الامام الصادق عن أهل البيت عليهم السلام قائلا: «و من أهل بيته؟ قال عليه السلام: الأئمة الأوصياء».

ثم سأله قائلا: «من أمته صلي الله عليه و آله؟ قال عليه السلام: «المؤمنون الذين صدقوا بما جاء من عند الله، المتمسکون بالثقلين. اللذين أمروا بالتمسک بهما: کتاب الله، و عترته اهل بيته، الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم



[ صفحه 52]



تطهيرا. و هم الخليفتان علي الأمة بعد رسول الله صلي الله عليه و آله». [3] .

4- و عن مسعدة بن صدقة، قال: قال أبو عبد الله صلي الله عليه و آله: «ان الله جعل ولايتنا أهل البيت قطب القرآن، و قطب جميع الکتب، عليها يستدير محکم القرآن، و بها نوهت الکتب، و يستبين الايمان. و قد أمر رسول الله صلي الله عليه و آله أن يقتدي بالقرآن و آل محمد، و ذلک حيث قال صلي الله عليه و آله في آخر خطبة خطبها: اني تارک فيکم الثقلين: الثقل الأمبر، و الثقل الأصغر. فأما الأکبر فکتاب ربي، و أما الأضغر فعترتي أهل بيتي، فاحفظوني فيهما، فلن تضلوا ما تمسکتم بهما». [4] .

5- و عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل جاء فيه: «... و من أراد الله تعالي به الخير، جعله من المصدقين المسلمين للأئمة الهادين بما منحهم الله تعالي من کرامته، و خصهم به من خيرته، و حباهم به من خلافته علي جميع بريته دون غيرهم من خلقه؛ اذ جعل طاعتهم طاعته، يقول عزوجل: (أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و اولي الأمر منکم)، [5] و قوله: (من يطع الرسول فقد أطاع الله). [6] فندب الرسول صلي الله عليه و آله الخلق الي الأئمة من ذريته، الذين أمرهم الله تعالي بطاعته، و دلهم عليهم، و أرشدهم اليهم، بقوله عليه السلام: اني



[ صفحه 53]



مخلف فيکم الثقلين: کتاب الله، و عترتي أهل بيتي، حبل ممدود بينکم و بين الله ما ان تمسکتم به لن تضلوا». [7] .

و من الواضح أن عناية امامنا الصادق عليه السلام بحديث الثقلين، و بيان أغراضه، و تحديد المعنيين به، و هم الأئمة الاثنا عشر، و أنهم أوصياء الرسول صلي الله عليه و آله و خلفاؤه، و أولهم أميرالمؤمنين عليه السلام و آ·رهم المهدي عليه السلام، و أنهم مطهرون، و طاعتهم مفروضة، و مرجعيتهم ثابتة، کل ذلک لم ينطلق من فراغ، و انما جاء کرد فعل معاکس للتيارات الفکرية و المذهبية المختلفة التي أوجدها النظام السياسي المضاد، بغية تمکنها من جرف الحقيقة و تعميتها، و يکفي أنها - علي صعيد حديث الثقلين - قد وسعت دئرة (أهل البيت) لتشمل بني العباس و غيرهم ممن ليس لهم في هذا الأمر نصيب.

و لهذا اضطر الامام الصادق عليه السلام الي تأکيد اختصاصهم بهذا الحديث الدال علي عصمتهم و مرجعيتهم عليهم السلام بکل قوة.