من صحح الحديث من العلماء
من الواضح أن اتفاق الصحابة - الذين سبق ذکرهم - علي رواية حديث الثقلين الشريف بلفظ: «کتاب الله و عترتي...»، عن رسول الله صلي الله عليه و آله يوجب تواتره، و اذا ما أضيف الي ذلک موقف أهل البيت من هذا الحديث علم تواتره بأبهي صورة. علي أوهم صرحوا بحسن الکثير من طرقه تارة، و صحتها اخري. و لو جمعت طرق الحديث تلک لکانت وحدها دليلا کافيا علي تواتر الحديث. و اليک جملة يسيرة بأسماء من قال بحسن الحديث أو صحته، و هم:
محمد بن اسحاق (ت 150 ه)، [1] و محمد بن عيسي الترمذي
[ صفحه 41]
(ت 297 ه)، [2] و يحيي بن زکريا الحافظ النيسابوري (ت 307 ه)، [3] و محمد بن جرير بن رستم الطبري المفسر العامي (ت 310 ه)، [4] و أبوبکر محمد بن اسحاق السلمي المعروف بابن خزيمة (ت 311 ه)، [5] و أحمد بن محمد بن عقدة الزيدي الجارودي الحافظ (ت 333 ه) و هو من المعتقدين بتواتر الحديث؛ اذ أخرجه عن أکثر من مائة من الصحابة و بطرق شتي في کتاب الولاية کما صرح بهذا السيد ابن طاوس. [6] .
و الأزهري اللغوي المشهور (ت 370 ه)، [7] و الحاکم النيسابوري (ت 405)، [8] و أبو سعيد السجزي (ت 477 ه) و هو من المعتقدين بتاتر الحديث؛ اذ أخرجه من طرق شتي، [9] و البغوي (ت 510 ه)، [10] .
[ صفحه 42]
و سبط ابن الجوزي (ت 694 ه)، [11] و ابن منظور (ت 711 ه)، [12] و المزي (ت 742 ه)، [13] و الذهبي (ت 748 ه)، [14] و ابن کثير الدمشقي (ت 774 ه)، [15] و المحاملي في أماليه علي ما سيأتي عن السيوطي، و نور الدين الهيثمي (ت 807 ه)، [16] و البوصيري (ت 840 ه)، [17] و ابن حجر العسقلاني (ت 852 ه)، [18] و السخاوي (ت 902 ه) و هو من المعتقدين بتواتر الحديث اذ أخرجه من طرق کثيرة صحح الکثير منها، [19] و السيوطي (ت 911 ه) و هو من المعتقدين بتواتره أيضا کما يظهر من کثرة طرقه، و قد صحح بعضها، و أشار الي تصحيح من سبقه لها کالمحاملي و غيره، [20] و السمهودي (ت 911 ه) و هو من المعتقدين بتواتره أيضا کما
[ صفحه 43]
يظهر بوضوح من طرقه لديه مع تصحيحه لکثير من تلک الطرق، [21] و محمد بن يوسف الشامي (ت 942 ه)، [22] و ابن حجر الهيتمي (ت 974 ه) و هو من المعتقدين بتواتر الحديث، و له کلام طويل في تصحيح جملة وافرة من طرقه، [23] و عبد الرؤؤف محمد بن علي المناوي (ت 1031 ه)، [24] و علي بن برهان الدين الحلبي (ت 1044 ه)، [25] و محمد بن معتمد خان الحارثي المعروف بالبدخشاني (ت 1126 ه)، [26] و محمد بن محمد بن معين المعروف بالسندي (ت 1161 ه)، [27] و الزبيدي الحنفي (ت 1205 ه)، [28] و الحسين بن أحمد الصنعاني (ت 1221 ه)، [29] و القندوزي الحنفي (ت 1270 ه) و هو من المعتقدين بتواتر الحديث؛ اذ
[ صفحه 44]
أخرجه من طرق کثيرة جدا صحح معظمها، [30] و الآلوسي المفسر الوهابي (ت 1270 ه) فقد صحح الحديث و قال معقبا بعد التصحيح، انه: «يقتضي أن النساء المطهرات غيرداخلات في أهل البيت الذين هم أحد الثقلين». [31] .
و صححه جمال الدين القاسمي (ت 1332 ه). [32] .
و صححه محمود شکري الآلوسي (ت 1342 ه) مصرحا بأن من خالف الثقلين فهو ضال، و مذهبه باطل و فاسد لا يعبأ به، و من جحد بهما فقد غوي، و وقع في مهاوي الردي، [33] و لله در القائل: و الحق ينطق منصفا و عنيدا.
و صححه - کذلک - المولوي حسن زمان (من أعلام القرن الرابع عشر الهجري)، [34] و الألباني الوهابي (ت 1413 ه). [35] .
و اذا ما لوحظ بأن مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت 261 ه) قد أخرج الحديث في صحيحه، عن أبي سعيد الخدري کما تقدم، و ان علماء
[ صفحه 45]
العامة مطبقون علي صحة هذا التاب، فلا معني اذن للاکثار من أسماء علمائهم الذين صححوا الحديث.
و يدل علي ذلک أقوالهم الآتية:
1- قال العيني في عمدة القاري: «اتفق علماء الغرب و الشرق علي أنه ليس بعد کتاب الله تعالي أصح من صحيحي البخاري و مسلم». [36] .
2- و قال الکشميري الديوبندي في فيض الساري: «و اعلم أنه انعقد الاجماع علي صحة البخاري و مسلم». [37] .
3- و قال حاج خليفة في کشف الظنون: «ان السلف و الخلف قد أطبقوا علي أن أصح الکتب بعد کتاب الله سبحانه و تعالي، صحيح البخاري ثم صحيح مسلم». [38] .
4- و کان بو علي النيسابوري يري: «أنه ما من شي ء تحت أديم السماء الا و صحيح مسلم أصح منه». [39] .
5- و ذهب الذهبي، و السرخسي، و ابن تيمية، و عمر بن الصلاح الشهرزوري، و الحميدي، و ابن طاهر، و أبو اسحاق الشيرازي، و القاضي عبد الوهاب المالکي، الي القول بأن ما وجد في الصحيحين يفيد القطع!! و احتجوا بالاجماع علي قبوله، و جزم السيوطي بأن القطع هو الصواب!!. [40] .
[ صفحه 46]
هذه هي رتبة حديث الثقلين الشريف بلفظ: «کتاب الله و عترتي...» عند علماء العامة، و بهذا تعلم قيمة اعراض البخاري في صحيحه عن رواية هذا الحديث، و قيمة الشبهات التي أثارها و يثيرها بعض الجهلة من هنا و هناک بشأن صحة هذا الحديث تارة أو دلالته تارة أخري. [41] .
پاورقي
[1] لسان العرب ابن منظور 538:4 (عتر).
[2] سنن الترمذي 5: 662- 663: 3786 باب مناقب أهل البيت عليهم السلام.
[3] الفوائد المنتقاة و الغرائب الحسان عن الشيوخ الکوفيين محمد بن علي الصوري 73.
[4] کنز العمال 1650:379:1.
[5] راجع: صحيح ابن خزيمة 3:1 من المقدمة.
[6] انظر: الاقبال السيد ابن طاوس 2: 240-239.
[7] تهذيب اللغة الأزهري 157:2 (عتر).
[8] مستدرک الحاکم 4567:118:3 کتاب معرفة الصحابة- ذکر مقتل عثمان، و 3: 160- 161: 4711 و 6272:613:3.
[9] الاقبال السيد ابن طاوس 239:2 الفصل 2.
[10] مصابيح السنة البغوي 4: 4800:185، و 4816:189:4 باب مناقب أهل البيت عليهم السلام، و شرح السنة البغوي 3913:117:14 و 3914:118:14.
[11] تذکرة الخواص سبط بن الجوزي 290.
[12] لسان العرب ابن منظور 538:4 (عتر).
[13] تحفة الأشراف المزي 3659:193:3.
[14] تلخيص المستدرک الذهبي 533:3 (مطبوع بهامش مستدرک الحاکم).
[15] السيرة النبوية ابن کثير 168:4، و تفسير القرآن العظيم ابن کثير 185:7 في تفسير الآية (23) من سورة الشوري المبارکة، و البداية و النهاية ابن کثير أيضا 5: 229-228، و 231:5.
[16] مجمع الزوائد الهيثمي 170:1، و 9: 163-162.
[17] مختصر اتحاف السادة المهرة البوصيري 8: 461، و 194:9.
[18] المطالب العالية ابن حجر العسقلاني 3972:65:4.
[19] استجلاب ارتقاء الغرف السخاوي 122-88 بعنوان: «حديث الثقلين».
[20] مسند الامام علي عليه السلام السيوطي 605:192، و جامع الأحاديث السيوطي 7863:255:16، و الخصائص الکبري السيوطي 466:2، و الدر المنثور السيوطي أيضا 702:5 في تفسير الآية (23) من سورة الشوري المبارکة.
[21] جواهر العقدين السمهودي 231 و 232 و 234 و 236 و 238 و 246 و قال في هذا المورد الأخير: «و هو کثير الطرق جدا و قد استوعبها ابن عقدة في کتاب مفرد، و کثير من أسانيدها صحاح و حسان».
[22] سبل الهدي و الرشاد في سيرة خير العباد محمد بن يوسف الشامي 6:11.
[23] الصواعق المحرقة ابن حجر الهيتمي 42 و 43 و 44 و 145 و 149 و 150 و 228.
[24] فيض القدير شرح الجامع الصغير المناوي 1608:174:2.
[25] السيرة الحلبية الحلبي 384:3.
[26] نزل الأبرار بما صح من مناقب أهل البيت الأطهار البدخشاني 33.
[27] دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب السندي 233.
[28] اتحاف السادة المتقين الزبيدي 534:14.
[29] الروض النضير شرح مجموع الفقه الکبير الصنعاني 39:1.
[30] ينابيع المودة 44:120:1 و 45، و 191:432:2،48:121:1، و غيرها.
[31] روح المعاني الآلوسي الوهابي 197:11 في تفسير الآية (33) من سورة الأحزاب المبارکة.
[32] محاسن التأويل القاسمي 307:14.
[33] مختصر التحفة الاثني عشرية محمود شکري الآلوسي 52.
[34] القول المستحسن في فخر الحسن المولوي حسن زمان 594.
[35] صحيح الجامع الصغير الألباني الوهابي 1351:286:1، و 2457:482:1 و 2458، و سلسلة الأحاديث الصحيحة الألباني الوهابي أيضا، رقم الحديث (1761).
[36] عمدة القاري ء في شرح صحيح البخاري العيني 5:1.
[37] فيض الساري علي صحيح البخاري الکشميري الديوبندي 57:1.
[38] کشف الظنون حاج خليفة 641:1.
[39] وفيات الأعيان ابن خلکان 208:4.
[40] شرح الزرقاني علي المنظومة البيقونية لأبي الفتوح البيقوني: 59-57، القسم الأول (الحديث الصحيح)، و فيض الساري 57:1.
[41] راجع: حديث الثقلين السيد علي الحسيني الميلاني. (کتبه ردا علي بعض من تخرص باطلا بشأن حديث الثقلين الشريف).