بازگشت

ترسيخ الامام الصادق للقواعد الکاشفة عن هوية الامام الغائب


هناک جملة وافرة من الأحاديث النبوية الشريفة، التي يمکن عدها - و بکل اطمئنان - من القواعد الأساسية التي أصلتها الشريعة الاسلامية في مقام بيان منزلة و معرفة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، ابتداء من أميرالمؤمنين الامام علي بن أبي طالب، و انتهاء بالامام الحجة ابن الحسن العسکري عليهم السلام، بحيث لو ضم بعضها الي بعض لتکشفت من خلالها هوية الامام الغائب، و بصورة لا تحتاج معها الي أي دليل آخر في مسألة ولادته، و امامته و غيبته و طول عمره و ظهوره في آخر الزمان ليملأ الأرض عدلا و قسطا بعد ما ملئت ظلما و جورا، و هو ما اتضح لطلائع التشيع، و آمنوا به قبل ولادة الامام المهدي عليه السلام بعشرات السنين، نتيجة لتلک الأخبار التي أفصحت عن کل هذا قبل زمان تحققه.

و من الطبيعي أن لا يتفق هذا المنهج القائم علي الايمان بالغيب مع معطيات الفلسفة المادية التي لا تؤمن بالغيب أصلا، و من هنا أصبح الدليل



[ صفحه 34]



المادي في تلک الفلسفة هو الحاکم في مجال العقيدة عند من تأثر بتلک الفلسفة و روج لها من المستشرقين و غيرهم.

و أما في المنظور الاسلامي فيکفي الاعتقاد بالغيب ثبوت الاخبار عنه بالطريق الشرعي، کوجوده في القرآن الکريم، أو في الصحيح من الحديث النبوي الشريف، أو من حديث أهل البيت عليهم السلام الذين زکاهم الله تعالي، و أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.

و الحديث عن دور الامام الصادق عليه السلام في موضوع الثقافة المهدوية بوجه عام، و الغيبة و الغائب بوجه خاص، ينبغي أن لا تغيب عنه المقدمات التي اعتمدها الامام الصادق عليه السلام في بناء تلک الثقافة بناء محکما، و ذلک من خلال القيام بترسيخ القواعد اللازمة في ذهنية الأمة، و العمل الدؤؤب علي نشرها، حتي استطاع عليه السلام من خلال التأکيد عليها، و بيان مصداقها الخارجي أن يجعل العقيدة بالامام المهدي و غيبته عليه السلام - قبل أن يولد بأکثر من مائة عام - من القلاع الشامخة الحصينة التي لا يمکن لأحد تسلق أسوارها، فضلا عن السطو عليها بهدف النيل منها أو تشويهها، و من تلک القواعد: