بازگشت

موقفه من قول الناووسية بمهدويته


ادعت الناووسية بعد وفاة الامام الصادق عليه السلام أنه «حي لم يمت و لا يموت حتي يظهر و يلي أمر الناس و أنه هو المهدي و سميت بذلک - يعني الناووسية - لرئيس لهم من أهل البصرة يقال له: فلان بن فلان الناووس» [1] و قيل أن اسمه عجلان بن ناووس.

و لا داعي للاطالة في رد هذه المقولة الفاسدة التي أباد الله أهلها کلمح في البصر، فاندثرت فجأة و لم يبق لها أثر، و عادت مقولتهم مجرد حکاية في کتب التراث لا يحفل بها أحد من البشر سوي المهرجين و المشعوذين من هنا و هناک الذين فضحوا أنفسهم بالتمسک بأمثال دعوي الناووسية و غيرها من دعاوي المهدوية الأخري؛ لأنها کالقشة في مهب الريح، بحيث لو أعرضنا عن ذکرها في هذا البحث لما ضره شيئا. اذ لو قيل: من أعلم الناس بحياة أبي حنيفة، و نشأته، و تربيته، و فقهه، و عقائده، و سيرته، و عطائه، و أصحابه، و وفاته، و کيفية تشييعه، و دفنه، و مکان قبره،



[ صفحه 276]



و تجديده، و زيارته، و من هو خليفته من بعده؟

لما اختلف العقلاء في الاجابة علي أن الأحناف لا سيما کبرائهم و وجوههم و علمائهم هم أولي الناس بمعرفة مثل هذه الأمور.

و اذا کان الأمر کذلک، و هو کذلک، فلم لا يکون الشيعة الامامية الاثني عشرية من أعرف الناس بأئمتهم الاثني عشر عليهم السلام، بل لم لا يکونون من أعرف الخلق بامامهم الصادق عليه السلام الذي اقترن مذهبهم باسمه الشريف، اذ عرف مذهب الامامية الاثني عشرية باسم المذهب الجعفري.

أليس من المضحک حقا أن نرد علي اجماع الشافعية علي قول للشافعي، لانکاره من قبل أحد مغموري المعتزلة مثلا؟ فکذلک الحال هنا فيما لو تمسک بعضهم بقول الناووسية و غيرهم و ترک اجماع الامامية! و هو ما حصل فعلا من لدن بعض المشعوذين أخيرا!!.

و اذا اتضح هذا، نقول:

کان امامنا الصادق عليه السلام حريصا علي رسم معالم الطريق المهدوي الحق لا للجيل الذي عاصره فحسب، بل لأجيال الأمة کلها حتي يرث الله الأرض و من عليها.

و من هنا نجد موقفه الصريح من القول بمهدويته، ينطلق أولا من النص الصريح الواضح علي امامة ولده موسي بن جعفر الکاظم عليهماالسلام من بعده. مع نفي المهدوية عن نفسه الشريفة بکل قوة و صراحة.

فقد سأله بعضهم، هل أنت الامام المهدي، و کان الامام الصادق يقد تجاوز الأربعين، فأقرع سمع السائل بالجواب قائلا: «و ليس صاحب



[ صفحه 277]



هذا الأمر من جاز الأربعين». [2] .

و أصرح منه قوله عليه السلام: «يزعمون اني أنا المهدي، و اني الي أجلي أدني الي ما يدعون» [3] و هذا الحديث يعرب عن علمه عليه السلام بما سيقوله سفهاء الناووسية بعد وفاته؛ اذ لم نجد من زعم له ذلک في حياته.

و سأله آخر - کما في رواية خلاد الصفار - قائلا: هل ولد الامام المهدي الذي يملأ الأرض عدلا و قسطا کما ملئت ظلما و جورا؟ فأجابه عليه السلام بقوله: «لا، و لو أدرکته لخدمته أيام حياتي». [4] .

و أما عن النص الوارد عن الامام الصادق عليه السلام في امامة ابنه الکاظم عليه السلام من بعده، فهو کثير، اذ طالما أعلم الشيعة بذلک مخاطبا لهم بقوله عليه السلام: «الامام من بعدي ابني موسي». [5] .

هذا فضلا عن العلم اليقيني بوفاة الامام الصادق عليه السلام في المدينة المنورة (سنة 148 ه)، و هو الأمر الذي أجمعت عليه الأمة بأسرها، فکيف يکون بعد کل هذا هو المهدي الموعود به في آخر الزمان؟.

و اذا ما أضيف الي هذا دوره عليه السلام في تشخيص من هو الامام المهدي عليه السلام، کما مر مفصلا، اتضح فساد مقولة الناووسية و غيرها من المقولات الزائفة علي أحسن الوجوه و أتمها.



[ صفحه 278]




پاورقي

[1] الفرق النوبختي 78.

[2] بصائر الدرجات 188- 189: 56.

[3] البرهان في علامات مهدي آخرالزمان المتقي الهندي 12:174 باب 12 أخرجه عن المحاملي في أماليه.

[4] کتاب الغيبة النعماني 46:245 باب 13.

[5] اکمال الدين 4:334:2 باب 33، و انظر: اصول الکافي 1: 307- 311: 1- 16 باب الاشارة و النص علي أبي الحسن موسي عليه السلام، من کتاب الحجة.