المهدي من ولد فاطمة
و جاء في عدة طرق أنه من ولد فاطمة کما يأتي [1] .
و أما خبر: «المهدي عليه السلام من ولد العباس عمي»!! فقال الدار قطني:
حديث غريب، تفرد به محمد بن الوليد مولي بني هاشم [2] .
و لا ينافيه خبر الرافعي [3] عن ابن عباس: «ألا ابشرک يا عم أن من ذريتک الأصفياء، و من عترتک الخلفاء، و منک المهدي في آخر الزمان، به ينشر الله [4] .
[ صفحه 21]
الهدي و يطفئ نيران الضلالة، ان الله فتح بنا هذا الأمر، و بذريتک يختم» [5] .
و خبر أبي نعيم في الحلية، عن أبي هريرة: «ألا ابشرک يا أباالفضل - أي العباس - ان الله عزوجل افتتح بي هذا الأمر، و بذريتک يختمه [6] .
و خبر الهيثم بن کليب [7] ، و ابن عساکر،عن ابن عباس - و رجاله ثقات -:
«اللهم انصر العباس و ولد العباس [ثلاثا] يا عم! أما علمت أن المهدي من ولدک موفقا راضيا مرضيا» [8] ؟!.
و خبر الديلمي عن ام سلمة:
«لن تزال الخلافة في ولد عمي [و] صنو أبي: [العباس] حتي يسلموها الي الدجال» [9] .
[ صفحه 22]
و خبر الخطيب [10] عن ابن العباس، عن امه ام الفضل:
يا عباس انت عمي و صنو أبي، و خير من اخلف بعدي من اهلي [11] .
اذا کانت سنة خمس و ثلاثين و مائة فهي لک و لولدک منهم: السفاح، و منهم المنصور، و منهم المهدي.
و خبر الخطيب، و ابن عساکر، عن علي:
«يا عم ألا اخبرک [12] ؟ [ألا أجيزک؟] ان الله فتح هذا الأمر بي، و يختمه [13] بولدک» [14] .
[ صفحه 23]
و هذه کلها تنافي [15] ما تقرر أولا من أنه من ذريته صلي الله عليه و آله و سلم من ولد فاطمة لأن أحاديثه أکثر و أصح، بل قال بعض أئمة الحفاظ:
ان کونه من ذريته صلي الله عليه و آله و سلم قد تواتر عنه صلي الله عليه و
آله و سلم.
و يمکن الجمع بأنه لا مانع من أن يکون من ذريته صلي الله عليه و آله و سلم و للعباس فيه ولادة، من جهة أن في امهاته عباسية [16] .
[ صفحه 24]
فالحاصل أن للحسن فيه الولادة العظمي لأن أحاديث کونه من ذريته أکثر، و للحسين فيه ولادة [17] أيضا، و للعباس فيه ولادة أيضا، و لا مانع من اجتماع
[ صفحه 25]
ولادات المتعددين في شخص واحد من جهات مختلفة.
و في حديث عن [18] ابن ماجة: [19] .
«و لا مهدي الا عيسي بن مريم» أي لا مهدي کامل معصوم الا عيسي، علي أنه ضعيف.
والذي في الأحاديث الثابتة، التصريح بأنه من عترته من ولد فاطمة، فوجب تقديمها عليه [20] .
[ صفحه 26]
پاورقي
[1] أشتهر عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في أحاديث کثيرة قوله صلي الله عليه و آله و سلم «المهدي من عترتي من فاطمة» راجع في ذلک: سنن أبي داود: 151:4، سير أعلام النبلاء للذهبي: 66:1، أبو الرکات الحنفي في الفائق من اللفظ الرائق: 15 (نسخة مصورة من احدي مکاتب ايرلنده)، السمهودي في الاشراف علي فضل الأشراف، و قال: أخرجه أبو داود و النسائي و ابن ماجة و البيهقي و آخرون، و في لفظ لابن المنادي في الملاحم 179 ح 121 «... و هو من ولد فاطمة» و غيرها.
و قد أفرد في احقاق الحق: 13: 110 - 98 العديد من مصادر العامة، فراجع.
[2] هو محمد بن الوليد بن أبان القلانسي، أبو عبدالله، و قيل: أبو جعفر، مولي بني هاشم، قال ابن عدي: کان يضع الحديث. و قال أبو عروبة: کذاب...
قال أبو حاتم: ليس بصدوق، و قال الدار قطني: ضعيف. ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد: 100:4 رقم 1753، و الذهبي في ميزان الاعتدال:9:4.
[3] لعله صاحب کتاب التدوين.
[4] في خ «ينشر الله به».
أقول: ذکر المنصف في کتابه الصواعق المحرقة: 237 بعد ايراده للحديث السابق، و حديث: «يا عم بي فتح الله هذا الأمر، و يختمه برجل من ولدک» قال:
سند کل منهما ضعيف.
[5] أخرجه في کنز العمال: 704:11 عن الرافعي مثله.
[6] أخرجه في کنز العمال: 704:11 عن أبي نعيم في الحلية. و في خ «يختم» بدل «يختمه».
[7] في ط «کلب» تصحيف. ترجم له في سير أعلام النبلاء: 539:15 رقم 183، و قال:صاحب المسند الکبير.
[8] أخرجه في کنز العمال: 705:11 عن الهيثم بن کليب و ابن عساکر مثله.
[9] أخرجه في کنز العمال: 706:11 عن الديلمي، مثله.
أقول: حبذا أخي القارئ امعان النظر في هذا الخبر بغض النظر عن سنده - الذي يکشف بجلاء عن خذلان بني العباس للمهدي عليه السلام بتسليمهم الراية للدجال لعنه الله - و رواية النعماني في الغيبة: 248 ح 2 باسناده الي عبدالله بن عباس، قال:
قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لأبي: «يا عباس! ويل لذريتي من ولدک، و ويل لولدک من ولدي.
فقال: يا رسول الله! أفال أجتنب النساء؟ - أو قال: أفلا أجب نفسي؟ - قال: ان علم الله عزوجل قد مضي، و الامور بيده، و ان الأمر سيکون في ولدي.
و سيأتي لنا في الباب الثاني العلامة «27» ه 2 بيان آخر في ذلک يوضح التهافت و التناقض الذي وقع فيه ابن حجر، فتدبر.
[10] في تاريخ بغداد: 85:1، به اسناد الي ام الفضل بنت الحارث الحلالية، قالت: مررت بالنبي صلي الله عليه و آله و سلم و هو في الحجر، فقال:... و ذکر الحديث مفصلا.
[11] کذا، و المشهور أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قد خص وصيه و ابن عمه علي بن ابي طالب عليه السلام بذلک، فقد تفحت کتب الفريقين بشتي الأسانيد و مختلف الألفاظ أنه صلي الله عليه و آله و سلم قال:
«علي خير من أخلف بعدي» راجع في ذلک:
المناقب للخوارزمي: 67، نظم درر السمطين: 98، مفاتيح النجا للبدخشي: 34 (مخطوط) أرجح المطالب للأمر تسري: 17، تاريخ دمشق لأبن عساکر. 115:1، مودة القربي للهمداني: 70، قرة العيني في تفضيل الشيخين: 234، ينابيع المودة للقندوزي: 253، شواهد التنزيل ببحسکاني: 373:1، شرح النهج لابن أبي الحديد: 258:3، فرايد السمطين: 4، و غيرها.
[12] في کنز العمال: «ألا أحبوک».
[13] في خ «يختم».
[14] أخرجه في کنز العمال: 524:13 ح 37354 عن أبي بکر في الغيلانيات و الخطيب و ابن عساکر و ابن نجار.
أقول: و هذه الأحاديث و نحوها تخالف صراحة ما اشتهر عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من أن المهدي عليه السلام من ذريته من ولد فاطمة عليهاالسلام کما ذکره ابن حجر هنا تباعا في العلامة (25) من الباب الأول؛ فقد روي القاضي نعمان التميمي المالکي في «المناقب و المثالب» (النسخة المصورة من المکتبة الوطنية في لندن) قال: قال علي صلوات الله عليه:
ذکر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم المهدي، فقلت: منا هو يا رسول الله أو من غيرنا؟
قال: بل منا أهل البيت، بنا يختم الدين کما فتح بنا.
وروي ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج: 462:2 مثله.
وروي القندروزي الحنفي في ينابيع المودة: 259 عن ابن عباس رفعه: «ان الله فتح هذا الدين بعلي، و اذا مات علي فسد الدين، و لا يصلحه الا المهدي بعده».
وروي الذهبي في ميزان الاعتدال: 242:1 عن أبي ذر، عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم:
«علي و ذريته يختمون الأوصياء الي يوم الدين».
[15] في خ «لا تنافي» و هو اشتباه بين.
[16] کذا، و هو قول عجيب تفرد به ابن حجر، اذ لم يرد في أي من کتب الفريقين أن للعباس في المهدي صلوات الله عليه ولادة من جهت الامهات، بل ان الروايات متضافرة في کتب الخاصة و العامة، و متفقة في نسب امهات الأئمة کما في تذکرة الخواص لابن الجوزي، و نور الأبصار للشبلنجي، و الارشاد للمفيد، و الفصول المهمة لابن الصباغ و غيرها؛
قام الامام المهدي عليه السلام: ام ولد يقال ها «نرجس» أو «صيقل».
و ام الامام الحسن بن علي العسکري عليهماالسلام: ام ولد اسمها «سوسن».
و ام الامام علي بن محمد الهادي عليهماالسلام: ام ولد يقال ها «سمانية المغربية».
و ام الامام محمد بن علي الجواد عليهماالسلام: ام ولد يقال لها «سکينة» المريسية أو «سبيکة» و کانت نوبية.
و ام الامام علي بن موسي الرضا عليهماالسلام: ام ولد يقال ها «أروي».
و ام الامام موسي بن جعفر عليهماالسلام: ام ولد يقال ها «حميدة» البربرية.
و ام الامام جعفر بن محمد الصادق عليهماالسلام: ام فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بکر.
و ام الامام محمد بن علي الباقر عليهماالسلام: ام عبدالله [فاطمة] بنت الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
و ام الامام علي بن الحسين السجاد عليه السلام: شاه زنان بنت کسري يزدجر.
و ام الامام الحسين بن علي عليهماالسلام:فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و فلذة کبده و روحه التي بين جنبيه صلوت الله عليهما.
و ام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: فاطمة بنت أسد.
تري فأي نسب يتصل بالعباس من جهت الامهات کما يدعي ابن حجر!؟.
[17] و هو الصحيح المشهور، بل و المتواتر عنهم صلوات الله عليهم کما يرويه الفريقان في کتبهم، فقد روي ابن أبي الحديد في شرح النهج: 83:1 باسناده الي علي عليه السلام أنه ذکر المهدي، فقال: انه من ولد الحسين عليه السلام...
و مثله رواه القندوزي في ينابيع المودة: 223 و ص 497، أبونعيم في «الأربعين حديثا الحديث 6، محب الدين الطبري في ذخائر العقبي: 136، الگنجي الشافعي في البيان في أخبار آخر الزمان: 90، الذهبي في ميزان الاعتدال: 18:2، المالکي في الفصول المهمة: 277، الشبلنجي في نور الأبصار: 158، السمهودي في جواهر العقدين: 453، الآبياري في العرائس الواضحة: 208، و ابن المغازلي في المناقب: 215، و فيه، بسنده يرفعه الي ابن عباس، عن الحسين بن علي عليهماالسلام، قال:
سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: «انه - يعني المهدي - مني، من ولد الحسين بن علي». و قد أحصي آية الله لطف الله الصافي في کتابه الموسوم ب «منتخب الأثر في الامام الثاني عشر عليه السلام» مئات الأحاديث من کتب الفريقين تجمع علي أن المهدي - أرواحنا لتراب مقدمه الفداء - من ولد الامام الحسين عليه السلام، فراجع.
و أما قول ابن حجر: ان للحسن فيه الولادة العظمي! فالأقوال في ذلک قليلة غير مشهورة، ذکرتها بعض کتب العامة.
[18] في خ «عند».
[19] في السنن: 1341:2 ح 4039 باسناده الي محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس بن مالک مثله.
أقول: و الحديث رواه ابن المنادي في الملاحم: 362:1 وله عليه بيان، و قد علقنا عليه ببيان آخر عند تحقيقنا للکتاب من حيث متنه و سنده، و نکتفي بالاشارة هنا الي قول الذهبي في ميزان الاعتدال: 535:3 ح 7479 عند ترجمته لمحمد بن خالد الجندي:
قال الأسدي: منکر الحديث. و قال عبدالله الحاکم: مجهول.
قلت - أي الذهبي -:حديثه «لا مهدي الا عيسي بن مريم» خبر منکر.
و الي قول السمعاني في الأنساب: 96:2، بعد اشارته لهذا الحديث: قد تکلموا فيه.
و تجدر الاشارة هنا الي أن محمدبن خالد الجندي قد انفرد برواية هذا الحديث، فتدبر.
[20] في خ «تقديم ما علمته».
أقول: و العجب کل العجب من ابن حجر بعد تقريره و تکراره و تأکيده لما اشتهر من أن المهدي عليه السلام هو من ذرية الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و من ولد فاطمة عليهاالسلام (کما تقدم أيضا ص 23) اتيانه لأخبار الآحاد و الضعفاء و ولوجه في متاهات لا طائل منها غير تشويه الفکر!! ليت شعري ما مراده؟!.